الهند وباكستان.. سيناريوهات ما بعد الهدنة: سلام دائم أم هدوء ما قبل العاصفة؟

لا تُعد الهدنة بين الهند وباكستان نهاية للصراع، ولكنها تُعتبر استراحة مُحارب مؤقتة في نزاع طويل ومُتشعب، فمُنذُ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947م، ظلت العلاقات بين الجارتين النوويتين يحملان الضغائن لبعضهما البعض، وبشكل خاص في منطقة النزاع "إقليم كشمير"، وبعد الوصول إلى الهدنة تتجدد التساؤلات وتطوف العالم: هل ستحقق سلامًا دائمًا أم هدوءًا ما قبل العاصفة؟ أم هي مجرد محطة لصراع أشد قوة، حيث يوافق الطرفان على الهدنة لتجميع الأوراق ولمّ شتات الانتباه لتوجيه الضربات من جديد.

وفي هذا السياق، تظهر عدة سيناريوهات مُحتملة لما بعد الهدنة، فهناك سيناريوهات تعلو عليها شعارات الانفراج السياسي وإعادة العلاقات من جديد، وسيناريوهات مُضادة تحمل في طياتها تربص كلٍ منهما بالآخر، ولكن الجميع يرى أن أية هدنة بين بلدين – بغض النظر عن دوافعها ومدتها – ستفتح الباب أمام مجموعة مُتنوعة من الحلول المستقبلية للصراع، فسيبدأ كلٌّ من الهند وباكستان تعزيز الثقة تدريجيًا وبناء أساس لسلام دائم، مرورًا بفترة جمود مؤقت مع استمرار التوترات الكامنة.

وقال المُحلل اللبناني وخبير العلاقات الدولية "عبد الله نعمة" أن الهند وباكستان قد أتفقا على وقف فوري لإطلاق النار مما أوقف أسوء قتال منذ عقود بين البلدين الجارتين النوويتين، في الوقت الذى بدا فيه أن تبادل الضربات بينهما يخرج عن السيطرة، فتدخل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لعقد هُدنة بين نيوديلهي وإسلام اباد وتم إقرار وقف إطلاق النار ونُسِب إليه الفضل في ذلك، وهذا أنبسق من حالة الخوف التي لديهِ على الحليفة الجديدة للولايات المُتحدة الامريكية وإسرائيل وهي "الهند"، وخاصة أن المعركة خلال الأيام السابقة قبل الهُدنة كانت تُشير إلى قوة باكستان وأظهرت مُنذُ اللحظات الأولى أن الرابح في هذةِ الحرب ستكون باكستان.

السيناريو المُتوقع ما بعد الهدنة

فصرح "عبد الله نعمة" في تصريح خاص ل "لبلدنا اليوم" أن السيناريو المُتوقع لما بعد الهُدنة، هو الهدوء وسط مُحاولات لإعادة العلاقات الدبلوماسية والوصول لإتفاق في ازمة المياة بينهُم، حيث علق "دونالد ترامب" على وقف إطلاق النار بين الجارتين جاء بعد ليلة طويلة من المُحادثات بواسطة واشنطن مع قادة البلدين بإستخدامهُم المنطق السليم والذكاء بنظرة مُستقبلية سليمة وصحية.

وأشار إلى أن القيادات في باكستان قد صرحت بأن الولايات المُتحدة كان لها دور أساسي في إبرام الإتفاق، مؤكدا على أن النزاع بين الجارتين يُهدد بعودة الحرب في أي لحظة، بالرغم من تراجُع الهند وباكستان عن حافة الهاوية في الوقت الحالي، تبقي الانظار موجه نحو ما إذا كان وقف إطلاق النار سيصمُد ام لا، في ظل اتهامات باكستان الموجة للهند بإرتكاب الانتهاكات، ولكنها أكدت على أنها مُلتزمة بتنفيذ وقف إطلاق النار.

وأضاف "نعمة" أن الجميع يعلم أن الهند وباكستان خصمين لدودين قدما روايات مُتناقضة حول كيفية التوثل لإتفاق وقف إطلاق النار، فالهند تعتبر نفسها قوة صاعدة قاومت الوساطة الدولية، بينما باكستان قامت بالترحيب بالوساطة الدولية.

الحرب النووية الكل يخسر فيها

وأكد الكاتب والباحث في العلاقات الدولية الأستاذ "يُسري عبيد" على أن الهُدنة بين نيوديلهي وإسلام آباد ستستمر فترة طويلة، فهذا التصعيد بين البلدين ليس جديدا، فكان هُناك مُناوشات تُجرى قبل ذلك ويتم تبادل لإطلاق النار بالإضافة إلى تبادل القصف سواءعن طريق الطيرات أو المدفعية ولكن كانت الأمور في النهاية تهدأ، مُعتقدا أن العامل الحاسم للوصول إلى هذا الهدوء في كل مرة، هو إمتلاك البلدين سلاحاً نووياً، حيثُ أن السلاح النووي يُعتبرعامل رادع كبير في عدم التصعيد بين البلاد التي لديها هذة الأسلحة النووية، لان كِلا الطرفين يعلم تماماً أن التصعيد والوصول لحرب نووية " الكل يخسر فيها"، لأن التدمير الناتج عن الأسلحة النووية سيقضي على كِلا الطرفيين المُتنازعيين بشكل كامل.

إستمرار الهُدنة فترة طويلة

وأضاف الباحث "عبيد" في تصريح خاص لـ “بلدنا اليوم”، أنهُ لو كان البلدين مُجردين من الأسلحة النووية ويستخدمون الأسلحة العادية، فمن المُمكن أن التصعيد يتزايدويتحول إلى حرب شاملة بين الطرفين، كما حدث بين العراق وإيران في عام 1980، فلذلك ستستمر تلك الهُدنة بين الهند وباكستان فترة طويلة، لان كِلا البلدين لا يُريد ان يُدمر الآخر، لأن الطرفين لديهم أسلحة نووية وهي عامل ردع كبيرفي حالة التصعيد بين البلدين، ولكن هذة المناوشات والتصعيدات ستتجدد بين حينٍ وآخر، لأن التوتر بين نيوديلهي وإسلام آباد توتر قديم مُنذُ إنفصال باكستان وإعلان الإستقلال عام 1947.