بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

طبيب البسطاء.. وداع حزين في بوهة شطانوف بالمنوفية للدكتور تامر محمد صالح

الدكتور تامر رحمه
الدكتور تامر رحمه الله

في صمت موجع، ودعت قرية بوهة شطانوف التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، أحد أبنائها الأوفياء، الدكتور تامر محمد صالح، طبيب النساء والتوليد المعروف، الذي باغتته أزمة قلبية مفاجئة عقب انتهائه من أداء واجبه الإنساني والمهني في عيادته المتواضعة بالقرية.

مشهد وداع الطبيب الشاب لم يكن عاديًا، جنازة خرجت من مسجد القرية، جمعت فيها المئات بين رجال ونساء وشباب وأطفال، دموع تنهمر بصمت، وأدعية تتعالى للفقيد، وسط حالة من الذهول والحزن، عكست مكانة هذا الرجل في قلوب الناس.

حكاية طبيب لم يكن كغيره

لم يكن الدكتور تامر مجرد طبيب نساء وتوليد في قرية صغيرة، بل كان صاحب رسالة حقيقية، حمل همّ أهل قريته على عاتقه، واعتاد أن يفتح عيادته في أي ساعة دون تردد إذا جاءه نداء استغاثة، عرف عنه الجميع طيبة القلب، بساطة الحديث، وقربه من الفقراء والمحتاجين.

ويقول "محمد عبدالعزيز"، أحد جيرانه: " كان بسيطًا إلى حد العطاء الكامل، لم يسأل يومًا فقيرًا عن أجر الكشف، ولم يرد محتاجًا، وكان كثيرًا ما يتكفل بالأدوية والعمليات الجراحية لمن لا يملك ثمنها."

المشهد الأخير.. إرهاق بعد ولادة

في ليلة حزينة سبقت الجنازة بساعات، كان الدكتور تامر يؤدي آخر مهمة طبية له، سيدة من أهالي القرية حضرت إلى عيادته تعاني من آلام المخاض، فأسرع الطبيب إلى إجراء عملية الولادة لها بنفسه، أنهى عمله بنجاح كعادته، لكنه شعر بعدها بإرهاق شديد، حيث تقول إحدى الممرضات المساعدات "طلب كوب ماء، وجلس دقائق ثم شعر بآلام في صدره، حاولنا إسعافه، لكنه سقط مغشيًا عليه، لم يصدق أحد الخبر حين أُعلن رحيله، الجميع انهار من البكاء."

جنازة تهز القرية

مع إشراقة اليوم التالي، تجمعت القرية بأكملها حول منزل الفقيد، كبار السن، الشباب، السيدات، والأطفال، تدافعوا لأداء صلاة الجنازة وسط حالة من الحزن الشديد، خرج النعش محمولًا على أكتاف أحبابه، يتقدمه شيوخ القرية وأئمتها، فيما علت وجوه الجميع علامات الأسى، على جانب من الجنازة سيدة مسنّة جلست تبكي وتقول: كان ابننا، طبيبنا، وولد الناس الطيبين لم يرد أحدًا عمره ما تعبنا.. الله يرحمه."

وسائل التواصل الاجتماعي تتحول إلى دفتر عزاء

لم تمر دقائق على إعلان وفاته حتى امتلأت صفحات "فيس بوك" بمئات الرسائل من أبناء قريته والقرى المجاورة، عبارات حزينة، أدعية، وذكريات مواقف إنسانية سطرها الجميع، وكتب أحد أصدقائه منشورًا قال فيه : " نم قرير العين يا صديقنا.. من زرع الخير لا يموت، ستبقى ذكراك في قلوبنا مهما طال الزمن."

مواقف إنسانية ترويها القرية

الأهالي في بوهة شطانوف يملكون لكل منهم حكاية عن هذا الطبيب "رضا السيد" يحكي:"من شهر، والدتي تعبت بليل، ولا معايا فلوس حتى أجيب عربية، كلمته في التليفون جه جري ومعاه شنطة طبية قعد جنبها 3 ساعات، مرضيش ياخد مني جنيه، وفي موقف آخر، تروي "الحاجة امينة " أن الطبيب قبل وفاته بأيام تكفل بعلاج سيدة فقيرة لا تملك ثمن عملية ولادة قيصرية، وأصر أن يتولى علاجها حتى خرجت بصحة جيدة.

برحيل الدكتور تامر محمد صالح، فقدت القرية طبيبًا وإنسانًا نادرًا، وملاكًا للرحمة في زمن عز فيه العطاء، وطالب الأهالي بإطلاق اسمه على الوحدة الصحية بالقرية أو إحدى القاعات الخدمية تخليدًا لذكراه الطيبة.

تم نسخ الرابط