بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

في ذكرى رحيل إسماعيل ياسين.. لماذا بكى صانع البهجة وحيدا؟

 إسماعيل ياسين
إسماعيل ياسين

في كل مرة نسمع فيها ضحكة إسماعيل ياسين على الشاشة، نبتسم تلقائيا، وكأن الضحك جزء من صوته، من وجهه، من حضوره الفريد، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن فنان الضحك الأشهر، الذي أضحك أجيالا كاملة، عاش نهاية حزينة، قاسية وصامتة، بعيدا عن عدسات الكاميرات وأضواء النجومية التي طالما كانت تلاحقه.

من القمة إلى القسوة

في الخمسينيات، كان إسماعيل ياسين نجم شباك التذاكر الأول، يكفي أن يكتب اسمه على الأفيش لتزدهر دار العرض، أفلام حملت اسمه في العنوان، مثل "إسماعيل ياسين في الجيش"، "في البوليس" "في مستشفى المجانين"، حققت نجاح جماهيري غير مسبوق، كان الظاهرة، الضحكة، الاسم الأكثر تداولا في البيوت العربية.

لكن كما هو الحال مع كل نجم يصعد بسرعة، تبدأ الرحلة العكسية فجأة. بداية الستينيات شهدت تحولات في السينما المصرية، غيرت من الذوق العام للجمهور، وتراجع الإقبال على الأفلام الكوميدية الخفيفة التي صنعت مجده.

 أزمات مالية وابتعاده عن الأضواء

مع قلة الأعمال المعروضة عليه، بدأ إسماعيل ياسين يعاني من ضائقة مالية شديدة، تفاقمت بسبب أسلوب حياته البسيط، وقلة مدخراته. كان كريما، لا يعرف حسابات السوق، ولا يجيد لعبة المصالح.

الأصعب من ذلك كان تجاهل بعض المنتجين والمخرجين له في أواخر حياته. حاول العودة، حاول التكيف مع متغيرات السوق، لكنه لم يجد الفرصة التي يستحقها. حتى زملاء دربه، ابتعد بعضهم بصمت، كأنما طويت صفحته.

المرض.. والوداع في صمت
المرض لم يرحمه هو الآخر، أصيب بمشاكل صحية متعددة في أواخر الستينيات، ولم يجد من يمد له يد العون إلا قلة قليلة، كان أبرزهم ابنه المخرج ياسين إسماعيل ياسين، الذي ظل سندا له حتى اللحظة الأخيرة.

وفي 24 مايو عام 1972، رحل إسماعيل ياسين عن دنيانا بهدوء يشبه خجله الدائم خارج الكاميرا، دون ضجيج، دون تكريم يليق بما قدمه.

رغم كل شيء، لا تزال أفلامه تعرض حتى اليوم، ولا تزال ضحكته تعيش معنا. لكن ما لا ننساه، هو أن الذين يضحكوننا من القلب، كثيرا ما يذرفون الدموع في الخفاء.

ذكرى إسماعيل ياسين لا يجب أن تكون فقط فرصة للضحك، بل لحظة تأمل في كيف يعامل الفن بعض أبنائه، حين تنطفئ الأضواء، ويبقى الإنسان وحده في مواجهة الحياة.

 فن الإلقاء والارتجال
أحد أبرز عناصر تميزه كان أسلوبه الخاص في الإلقاء، لم يكن مجرد ممثل يحفظ النص بل كان يدخل في نسيج الجملة، يلونها يعبر عنها بإحساس داخلي، نبرة صوته كانت تتبدل بسرعة مذهلة، بين الانفعال والخوف والمفاجأة ما جعل كل سطر حوار يخرج منه وكأنه ارتجال حي.

وكان معروفا أيضا بقدرته على الارتجال الذكي داخل المشهد، دون أن يخرج عن النص العام أو يربك الممثلين من حوله.

تم نسخ الرابط