علماء جامعة الأزهر بأسيوط يرسّخون أخلاقيات الحج في ثماني ندوات علمية تحت عنوان: "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"
ثماني ندوات علمية بأوقاف أسيوط تحت عنوان: "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج"

نظمت مديرية أوقاف أسيوط ثماني ندوات علمية موسعة تحت عنوان: "فَلا رَفَثَ وَلا فسوق وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ.. الحج مدرسة أخلاقية"، بمشاركة نخبة من علماء جامعة الأزهر الشريف فرع أسيوط، وذلك في عدد من المساجد الكبرى بالمحافظة.
وقد هدفت هذه الندوات إلى تسليط الضوء على البعد الأخلاقي والتربوي لفريضة الحج، باعتبارها محطة إيمانية شاملة، تُزكي النفوس وتُهذّب السلوك، وتُسهم في بناء الفرد والمجتمع.
الحج تربية أخلاقية وسلوكية
أوضح العلماء أن الحج ليس مجرد شعائر ظاهرية تؤدى بالجوارح، بل هو عبادة قلبية وروحية، تُحدث تحولًا داخليًا في نفس الحاج، وتنقله من حال إلى حال. فالآية الكريمة: "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" وضعت إطارًا سلوكيًا صارمًا لضبط الأقوال والأفعال، ليظل الحاج في حالة من الطهر السلوكي والانضباط الأخلاقي طوال رحلته.
تزكية النفس وتهذيب الروح
وبيّن المشاركون أن الحج مدرسة للتزكية، يتعلّم فيها المسلم الصبر على الزحام، والتواضع من خلال خلع المخيط، والمساواة في المواقف والشعائر. وهو فرصة ذهبية لتليين القلب وتنقية السريرة، إذا أُديّ بإخلاص ويقظة قلب.
الإحرام بوابة التحول الأخلاقي
ونوّه العلماء إلى أن الإحرام ليس مجرد لباس، بل هو إعلان الدخول في مرحلة تربوية عالية، ينضبط فيها اللسان والفكر والجوارح. فالحاج يُمنع من الخصام، ومن الفسوق، ومن الفحش، ليعتاد كبح جماح نفسه، ويتمرن على الترفع عن الصغائر.
مقاصد الحج بين الفرد والمجتمع
وأكد المشاركون أن الحج يحقق مقاصد شرعية عظيمة، منها ترسيخ معنى العبودية لله تعالى، وتعميق أواصر الأخوة بين المسلمين، والتذكير بمواقف الحشر والوقوف بين يدي الله. كما يهدف إلى بناء شخصية متوازنة، متخلقة، تعود إلى أهلها أكثر صلاحًا ونفعًا.
وحدة الأمة وروح الجماعة
وأوضح العلماء أن الحج يجسد أعظم مظاهر وحدة المسلمين، حيث يتساوى الجميع في الهيئة والشعائر والدعاء، بعيدًا عن الفوارق الطبقية والعرقية. وهذه الوحدة يجب ألا تنتهي بانتهاء المناسك، بل تُترجم إلى سلوك يومي يُسهم في إصلاح المجتمعات.
الوسطية في المناسك والسلوك
ولفت المتحدثون إلى أن فريضة الحج تمثل أنموذجًا للوسطية الإسلامية، فلا مشقة مقصودة، ولا تكلف في الأداء. فالإسلام دين يسر، والحج يُؤدى بتوازن بين الروح والجسد، دون غلوّ أو تفريط، مع مراعاة طاقة الإنسان وقدرته.
الحج بوابة لتغيير السلوك
وبيّن العلماء أن من آثار الحج الحقيقية ما يظهر على سلوك الحاج بعد عودته، من تحسن في الأخلاق، وزيادة في الحياء، وتقوية لملكة الصبر، وتوسيع لدائرة التسامح. فمن لم تتغير أخلاقه بعد الحج، فعليه أن يراجع نيته وحاله.
الحج وبناء المجتمعات
كما أشار المشاركون إلى أن الحج لا يبني الفرد وحده، بل يسهم في بناء المجتمع كله. فالحاج العائد بأخلاق سامية يصبح عنصرًا للإصلاح، ومصدرًا لنشر الفضيلة والرحمة، مما ينعكس إيجابًا على الأمن والسلم الاجتماعي.
خاتمة
وفي ختام هذه الندوات، أكد علماء الأزهر المشاركون أن الحج رسالة حضارية وأخلاقية قبل أن يكون مجرد طقوس تؤدى، وأن على كل حاج أن يعود منها بروح جديدة، وسلوك راقٍ، ينعكس على بيته ومجتمعه. كما ثمنوا جهود وزارة الأوقاف ومديرية أوقاف أسيوط في نشر هذه المعاني السامية، عبر الشراكة المثمرة مع المؤسسات العلمية والدعوية.