في كفر الشيخ.. "الفرس والزليقة" أبطال مجهولون في موسم الأرز

تعد محافظة كفر الشيخ سلة غذاء مصرية بامتياز، إذ تشتهر بزراعة الأرز الذي يغطي نحو نصف مساحتها الزراعية، وتنتج ما يقارب ثلث إنتاج المحصول على مستوى الجمهورية، وسط مشهد فلاحي لا يزال يحتفظ ببعض ملامحه التراثية، مثل مرحلة "التلويط" التي تعتمد على الفرس والزليقة الخشبية في تجهيز الأرض.
وسط الحقول الطينية المغمورة بالمياه، تبدأ رحلة "التلويط" حيث يتم تسوية سطح الأرض باستخدام أداة تقليدية تُعرف بـ"الزليقة"، يتم ربطها بحيوان الفرس الذي يجرها عبر المساحات الزراعية، في مشهد يُجسد روح الفلاحة المصرية الأصيلة.
يوم يبدأ مع الفجر
يقول هاني فايد، أحد أصحاب الخيول التي تعمل في تلويط الأراضي الزراعية: “أنا ببدأ يومي من الساعة 5 صباحًا، بتحميل الزليقة على العربة الكارو، وبطلع أنا والفرس على الأرض المخصصة لزراعة الأرز. نشتغل من بعد صلاة الفجر لحد المغرب”.
ويضيف مبتسمًا وهو ينظر إلى فرسه المبلل بالطين والماء: "بعد يوم طويل، لازم أأكله علف كويس علشان يقدر يكمل معايا. الفرس بيتعب جدًا، بيمشي في المية والطين طول النهار، ولو ما أكلش كويس مش هيكمل، بل ممكن يرفض الشغل خالص".
بكلمات تنم عن علاقة إنسانية خاصة بين الفلاح وحيوانه، يقول هاني: “الفرس ده من أذكى الحيوانات، ولو زعل ممكن ما يرضاش يشتغل. أنا بتعامل معاه كأنه إنسان، لازم أحس بيه وأفهمه، علشان يشتغل برضا”.
ورغم الجهد الكبير المبذول، فإن الأجر اليومي لا يبدو مجزيًا كما يقول هاني: “الأجرة اليومية للفدان 300 جنيه، بس طبعًا بصرف منهم على العلف. يوم طويل من الشقى والتعب، لكن دي شغلتنا وده موسمنا”.
ورغم تطور وسائل الزراعة الحديثة، فإن بعض المزارعين في كفر الشيخ، لا يزالون يعتمدون على هذه الوسيلة التقليدية، التي تتميز بالدقة وتناسب طبيعة الأراضي الغارقة بالماء، ما يجعل "الفرس والزليقة" رمزين لصمود الفلاحة المصرية أمام زحف الميكنة والتكنولوجيا.