أجواء روحانية.. الحجاج يؤدون دعاء يوم عرفة على جبل الرحمة

بدأ حجاج بيت الله الحرام في التوافد مبكرًا إلى صعيد عرفات، حيث وقفوا على سفوح جبل الرحمة في مشهد روحاني مهيب يعكس خشوع الإيمان وعظمة الدعاء في يوم عرفة، الذي يُعتبر أعظم أيام الحج.
وعلى امتداد مساحات صعيد عرفات، رفع ما يقارب مليون ونصف المليون حاج كفوفهم إلى السماء، مبتهلين بالدعاء والرجاء، مستحضرين مقاصد الركن الأعظم من مناسك الحج، في لقطة إيمانية توحدت فيها القلوب واللغات تحت راية التوحيد والخشوع.
يتوزع الحجاج على جنبات جبل عرفات وخصوصًا على جبل الرحمة، حيث تسود الأجواء حالة من خشوع الإيمان والسكينة.
ويأتي هذا الوقوف عقب تنظيمٍ محكم من قبل مختلف الجهات الأمنية التي واصلت تكثيف وجودها على طرق المركبات ودروب المشاة منذ ساعات الفجر الأولى، لضمان انسيابية حركة قوافل الحجيج وتسهيل وصولهم إلى المشعر المقدس بأمن وسلامة.
وهذا التنظيم الأمني الميداني، خطوة أساسية تنسجم مع خطة تصعيد وتفويج الحجيج، حيث يقوم أفراد مختلف القطاعات الأمنية بإرشاد الحجاج، وتأمين عربات الإسعاف والسيارات التموينية التي رافقت ضيوف الرحمن لتوفير الاحتياجات الضرورية لهم خلال الوقوف.
وفي إطار تكامل الجهود الحكومية، جرى نشر الفرق الطبية والإسعافية وطواقم التموين على امتداد نطاق مشعر عرفات الطاهر، لضمان تقديم الخدمات الصحية والغذائية إلى الحجاج الذين تحملوا عناء السفر قادمين من أصقاع المعمورة.
كما حرصت الجهات المختصة على تهيئة وحدات الإيواء المؤقتة، وتوزيع المياه والمشروبات الإروائية، إضافة إلى إنشاء نقاط ظل لتخفيف وطأة حرارة الصيف، خاصة مع توقعات ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق الأربعين مئوية في المنطقة خلال يوم عرفة.
وتضمنت الاستعدادات توفير سيارات إسعاف مجهزة بكافة المستلزمات الطبية، ومراكز إخلاء صحي للحالات الطارئة.
ويُعد موقف الوقوف بعرفات الركن الأهم بين أركان الحج؛ حيث تتوحد فيه قلوب الحجاج، ويقضون أوقاتًا طويلة في الدعاء والذكر وقراءة القرآن، طلبًا للمغفرة والرحمة.
وفي هذا اليوم المبارك، ألقى الخطباء خطبًا توجيهية من مسجد نمرة، يحثون الحجاج على استشعار عظمة المنزلة وترديد التكبير والتهليل والاستغفار، واستحضار مراتب التقوى في الدعاء، إذ إن في يوم عرفة تتحقق أماني الصائمين والحجّاج عند خالق السماوات والأرض.
ومع غروب شمس يوم عرفة، ينتقل الحجاج إلى مزدلفة لأداء طقوس ليلة الحادي عشر من ذي الحجة، حيث يرصدون النجوم ويجمعون الحصى استعدادًا لرمي جمرة العقبة الكبرى في اليوم التالي، مواصلين بذلك سلسلة مناسك الحج التفصيلية التي تكتمل بعد يوم النحر ورمي الجمرات وتوديع منى.
وتبرز في تلك اللحظات روح التضامن والتكافل بين قوافل الحجاج، وسط خدمات لوجستية متكاملة تشمل النظافة وتوزيع الوجبات الساخنة والمياه، بهدف إتاحة الفرصة لضيوف الرحمن للاستقامة على طريق العبادة والذكر.
وإن هذا المشهد السنوي على جبل عرفات يعكس التلاحم الإيماني للمسلمين من شتى بقاع الأرض، ويؤكد أهمية التنسيق الحكومي بين القطاعات الأمنية والصحية والتموينية، في سبيل تحقيق رحلة حج آمنة وميسرة.
وهي لحظات تاريخية يجتمع فيها المسلمون على خشبة التضرع والدعاء، مستنسخين مقاصد الرحمة والمغفرة في يومٍ وصفه النبي محمد ﷺ بأنه يوم لا يحرمني الله فيه الوقوف على صعيد عرفات، حيث تنزل الرحمة ويغفر الله للمستغفرين والمسترقين بحسن الظن به.