محلل سياسي لبناني: سيطرة إسرائيل على سفينة مادلين تعيد للأذهان أحداث 2007 (خاص)

كشف أحمد يونس، الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، عن الأبعاد السياسية والأمنية الواضحة من اعتراض إسرائيل لسفينة "مادلين"، واعتقال النشطاء على متنها، مشيرًا إلى أنها خطوة تحمل رسائل مباشرة؛ تؤكد تمسك الاحتلال بفرض الحصار البحري على غزة ومنع أي اختراق رمزي له.
وقال “يونس”، لـ"بلدنا اليوم"، إن سيطرة إسرائيل على سفينة "مادلين"، واعتقال النشطاء على متنها ليس مجرد إجراء أمني عابر، بل هو خطوة مدروسة تحمل رسائل سياسية وأمنية واضحة، تأتي في لحظة إقليمية ودولية بالغة الحساسية، خصيصًا في ظل تصاعد التحركات الدولية المناهضة للحرب على غزة.
تكريس الحصار البحري كأمر واقع
ولفت الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي اللبناني، إلى أن هذه العملية تنسجم مع نهج إسرائيلي ثابت يسعى إلى ترسيخ الحصار البحري على غزة منذ عام 2007، كواقع غير قابل للتفاوض.
وأضاف أن إسرائيل تتعامل مع أي محاولة رمزية أو إنسانية لكسر الحصار كتهديد أمني يُواجه بعقلية عسكرية بحتة، حتى عندما تكون مدعومة من شخصيات دولية وناشطين من دول أوروبية حليفة لتل أبيب.
الرسالة الأولى لا تساهل في مياه غزة
وأوضح أن الرسالة الأولى التي سعت إسرائيل لإيصالها من خلال اعتراض السفينة، تتمثل في التأكيد على أن مياه غزة لا تزال ساحة أمنية مغلقة تخضع لرقابتها التامة، ولا يمكن اختراقها دون رد حازم.
واعتبر أن التساهل مع سفينة "مادلين" كان سيفتح الباب أمام مزيد من الأساطيل الدولية، ويقوض تدريجياً شرعية الحصار المفروض.
توقيت له دلالات سياسية
وأشار إلى أن التوقيت لم يكن عشوائيًا، إذ جاءت العملية في اليوم الرابع والثمانين من حرب غزة، في ظل تنامي الضغوط الدولية على إسرائيل ومطالبات متزايدة بوقف الحرب وفتح ممرات إنسانية، ولذلك، فإن إعتراض "مادلين"، التي كانت تحمل مساعدات إنسانية ونشطاء من السويد وفرنسا وإسبانيا، يُعد رسالة مباشرة برفض تلك الضغوط والرد عليها من موقع القوة، لا المراجعة السياسية.
رسالة ردع إقليمية مزدوجة
ونوه بأن البُعد الأمني في العملية لا يقتصر على منع كسر الحصار، بل يتضمن أيضًا رسالة ردع موجهة إلى أطراف إقليمية داعمة لغزة، مثل تركيا وإيران وقطر. وأوضح أن إسرائيل تسعى لتذكير هذه الدول بأن أي محاولة لإختراق الحصار، سواء عبر البحر أو الإعلام أو الدعم اللوجستي، ستُواجه بالحزم نفسه، مما يندرج ضمن استراتيجية أمنية تهدف لتكريس الهيبة والردع.
تداعيات دبلوماسية محتملة
وشدد على أن هذه الخطوة، رغم أهدافها الأمنية، قد تُفضي إلى نتائج عكسية على المستوى الدبلوماسي، خاصة مع احتجاز نشطاء دوليين، بعضهم من شخصيات إعلامية وبرلمانية أوروبية.
وقال إن المشهد يعيد إلى الأذهان واقعة "أسطول الحرية" عام 2010، حين تسببت العملية الإسرائيلية ضد السفينة التركية مرمرة الزرقاء بأزمة دبلوماسية حادة مع أنقرة، واستنكار دولي واسع.
أوروبا قد تتحرك وإسرائيل في موقف دفاعي
وأكد أن أصواتاً أوروبية بدأت تتصاعد من مدريد وباريس وبرلين مطالبة بتوضيحات رسمية وحماية قنصلية للمعتقلين، مشيرًا إلى أن ربط الحادث بمسار الحرب على غزة قد يفتح الباب أمام تحقيقات قانونية وحقوقية تتعلق باستخدام إسرائيل القوة في المياه الدولية.
واعتبر أن مثل هذا السيناريو قد يحرج إسرائيل أمام الرأي العام العالمي ومؤسسات الإتحاد الأوروبي، ويزيد من عزلتها السياسية في المحافل الدولية.