في ذكرى ميلاده.. العندليب الأسمر صوت رومانسي وطني خلد اسمه بالوجدان

في 21 يونيو من كل عام، يولد في الذاكرة صوت لا يشبه غيره، صوت يسكن القلوب، ويداوي الحنين، ويحمل في نبراته وجع العاشق وأمل البسطاء، إنه صوت العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، الذي ولد في مثل هذا اليوم عام 1929، ليغير مسار الغناء العربي ويصبح رمزا خالدا في الوجدان.
عبد الحليم نشأ في قرية "الحلوات" بمحافظة الشرقية، وواجه منذ طفولته أقدارا قاسية؛ فقد والديه مبكرا، وتنقل بين دور الرعاية لكنه لم يفقد الحلم، وبصبر نادر، خطا أولى خطواته نحو الفن عندما التحق بمعهد الموسيقى العربية، وهناك بدأ صوته يتشكل، لا ليقلد، بل ليبتكر.
العندليب حينما "صافيني مرة" لأول مرة، قابلوه بالرفض، لأن صوته لم يكن يشبه الأصوات التقليدية التي تعود عليها الجمهور آنذاك، لكن بإصراره، ودعم أصدقائه من الشعراء والملحنين مثل محمد الموجي وكمال الطويل، وبليغ حمدي، فتح لنفسه بابًا خاصًا، وأصبح أحد أركان الأغنية العربية الحديثة.
وقدّم عشرات الأغاني التي أصبحت جزءًا من نبض الناس، من بينها:
"جانا الهوى"
"أهواك"
"زي الهوى"
"نبتدي منين الحكاية"
"قارئة الفنجان"
وفي الأغنية الوطنية، أصبح عبد الحليم الصوت الذي عبر عن ضمير الشعب، غنى للثورة، للنصر، للحنين، وكان صوته يملأ الساحات والشوارع بأغنيات خالدة مثل:
"بالأحضان"
"صورة"
"عدى النهار"
"أحلف بسماها"
حتى في أوقات الحرب، لم يتخل عن جمهوره، فغنى من قلب المعركة في أكتوبر 1973.
بعيدا عن الأضواء، كان عبد الحليم رجلا يصارع الألم بصمت. فقد أصيب بمرض البلهارسيا منذ صغره، وتسببت له في نزيف داخلي متكرر عانى منه طوال حياته، وأجرى أكثر من 60 عملية جراحية، لكنه كان يخفي ذلك خلف طاقة من الحب تمنحها أغانيه.
في كل ذكرى لميلاده أو وفاته، تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بصوره، وتعاد بث أغانيه وحفلاته على الشاشات، ويتبادل الناس كلماته وكأنها كتبت البارحة. يعرض فيلم "حليم"، وتتداول صوره مع عبد الناصر، أو وهو يغني والدمعة في عينيه.
في ذكرى ميلاده الـ96، يمكن القول إن عبد الحليم لم يكن مجرد مطرب مر في تاريخ الغناء، بل كان صوت أمة، عاش في زمنها، وتأثر بها، وأثر فيها، ولا يزال يؤثر.