خبراء اقتصاد: الحرب الإيرانية الإسرائيلية تقود أسعار النفط العالمي لـ100 دولار

في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات الشرق الأوسط التي لطالما هزّت أسواق الطاقة العالمية، اشتعلت شرارة الحرب بين إيران وإسرائيل ليبدأ فصلًا جديدًا من الاضطرابات في واحدة من أكثر المناطق حساسية في إنتاج وتصدير النفط.
ومع تصاعد وتيرة المواجهات بدأت الأسواق العالمية تلتقط أنفاسها بقلق كبير حيث تهدد الحرب بتقويض استقرار الإمدادات النفطية، وتعطيل سلاسل التوريد، وخلق حالة من الذعر لدى المستوردين والمستثمرين على حد سواء.
هذا التصعيد الجيوسياسي لا يؤثر فقط على أسعار الخام، بل ينعكس سلبًا أيضًا على تسويق النفط، حيث تواجه الدول المنتجة تحديات متزايدة في الحفاظ على تدفقات مبيعاتها، في ظل المخاوف الأمنية، وارتفاع تكاليف النقل، وتقلب الطلب في الأسواق العالمية.
بلدنا اليوم تناقش مع خبراء الاقتصاد الآثار السلبية لاستمرار اشتعال الحرب الإيرانية الإسرائيلية على أسعار النفط العالمي ومدى تأثر الدولة المصرية وتوقعات أسعار المحروقات خلال الفترة الراهنة.

في البداية قال ياسر حسين الخبير الاقتصادي إن الهجوم الإسرائيلي منذ بدايته تخطى إطار البرنامج النووي الإيراني بل يستهدف القدرات الإيرانية الإستراتيجية ككل وبالتالي فإن توقع ارتفاع وتيرة التراشق العسكري بين الجانبين متوقعه والضربات بين الجانبين لن تتوقف حاليًا.
وأشار إلى أن أسعار التعاقد علي النفط في العقود الأجل ارتفعت بعد ساعة واحدة من اشتعال الحرب بنسبة 13%، ليصل إلى 75 دولار للبرميل، مشيرًا إلى توقع مزيدًا من الارتفاعات في أسعار البترول عالميًا حال استمرار الحرب وتأثير هذه الحرب علي أسعار البترول عالميًا سيكون خطيرا في حال غلق كلي لمضيق هرمز في الخليج العربي ومضيق باب المندب من الحوثيين في البحر الأحمر، حينها ربما يتخطى سعر برميل البترول 100 دولار.
وأوضح أن استمرار اشتعال هذه الحرب سيكون مترتبًا عليه آثار اقتصاديه سلبيه علي إسرائيل وعلي إيران وعلي دول الشرق الأوسط اجمع وعلي مصر وعلي الاقتصاد العالمي حيث أن الشرق الأوسط كله سيتأثر بالسلب اقتصاديا فالمنطقة أصبحت منطقه حرب مما يجعل المنطقة منفره للسياحة وغير جاذبه للاستثمارات الأجنبية.
وتابع الخبير الاقتصادي أن مصر ستتأثر بالسلب نتيجة هذه الحرب في إمدادات الطاقة والغاز وكذلك الارتفاعات الأكيدة في أسعار البترول والقمح والسلع الاستراتيجية التي تستوردها مصر وبالتالي سيكون هناك تحريك لأسعار المحروقات بالزيادة في مصر ومنها البنزين والسولار.
وأضاف أنه في حاله استمرار هذه الحرب ستتعرض مصر لأثار سلبية كبيرة وفي مقدمتها انخفاض الإيرادات السياحية لكافه دول الشرق الأوسط ومنهم مصر، وتراجع معدل الاستثمار الأجنبي لمعظم دول الشرق الأوسط ومنهم مصر ومزيد من الانخفاض في إيرادات قناة السويس، و ارتفاع تكلفه استيراد مصر للبترول ومشتقات منتجات الطاقة نتيجة ارتفاع أسعار النفط ومشتقاته.

وفي السياق ذاته، قال أحمد زكي، أمين عام شعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن اشتعال أي صراع سياسي بين بلدين وأدى إلى اندلاع حرب بين بلدين تنعكس آثارها السلبية بشكل مباشرة على الاقتصاد الدولي وهو ما نشهده حاليًا بعد اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل.
وأوضح "زكي" أن هذه الحرب تركت أثرًا سريعًا على أسعار النفط العالمية وحركة التجارة في منطقة الشرق الأوسط، مما أثر بدوره على أوروبا والولايات المتحدة أيضًا.
وأشار أن دولة الكيان الصهيوني لن تصمد كثيرًا ولن تتحمل تبعات هذه الحرب طويلًا، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية، متوقعًا تدخلًا أمريكيًا سريعًا لوقف إطلاق النار، كما حدث سابقًا في نزاع الهند وباكستان.
وأضاف زكي أن مصر، بالرغْم من تأثرها الطبيعي بتقلبات أسعار النفط، إلا أن التأثير سيكون محدودًا نسبيًا نظرًا لاعتمادها على مزيج من مصادر الطاقة، بخلاف أوروبا التي تعتمد بشكل أكبر على مصادر الطاقة التقليدية.
وأشار إلى أن تلك الأزمة قد تمثل فرصة للصادرات المصرية، خصوصًا تجاه دول الخليج وأوروبا، التي قد تتجه إلى مصر لتلبية احتياجاتها الغذائية والصناعية في ظل تعطل بعض مصانعها, مشيرا إلى ضرورة تعاون رجال الأعمال والمصنعين مع الدولة المصرية للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية ومحطات التوليد، لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين استقرار الإنتاج والتصدير في مواجهة تقلبات أسواق الطاقة العالمية.
وحسب أمين عام شعبة المصدرين فإن الدولة المصرية تمتلك خططًا مرنة يتم تحديثها كل 3 أشهر لمواجهة الأزمات، وأن ارتفاع أسعار الوقود في حالة استمرار ارتفاع النفط سيؤثر على قطاعات النقل والصناعة إلا أن هناك خططًا بديلة جارية بالفعل للتعامل مع هذه التحديات.
وشدد على ضرورة تعزيز الاستثمارات في مشروعات الطاقة لتمكين القطاع الصناعي من الاستمرار دون تأثر بالأزمات العالمية مشيرًا إلى أن أوروبا ستعتمد بشكل أكبر على المنتجات المصرية خلال الأشهر الستة القادمة، لما تتمتع به مصر من ميزة تنافسية في النقل البحري عبر البحر المتوسط.