استقرار الشرق الأوسط.. اتفاق هش وتساؤلات بشأن مستقبل العلاقة بين إسرائيل وإيران| خاص

يعيش الشرق الأوسط في هدوء حذر، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه حان وقت السلام، بين الغريمين الإقليميين إيران وإسرائيل حيث يبدو أن ذلك الاتفاق هشًا في طبيعيته جاء بعد فترة من التصعيد غير المسبوق بشكل سريع ووافق الطرفين عليه بمنتهى السرعة، فالجميع قلق حول طبيعة العلاقة المستقبلية بين الطرفين، وتداعيات هذا الهدوء على المشهد الإقليمي والدولي، فتلك المواجهة كادت تدفع المنطقة إلى هاوية حرب شاملة.
يصبح فهم السيناريوهات المحتملة لمستقبل العلاقة بين طهران وتل أبيب أمرا لا يمكن التنبؤ به، في ظل هذا التوتر المتأصل منذ زمن كبير أنتهي بالمواجهة الأخيرة، فهل يُمكن أن يكون وقف إطلاق النار نقطة تحول نحو تهدئة مُستدامة بين الطرفين أم أنهُ مجرد استراحة تسبق جولة جديدة من المواجهة؟ أي أنه هدوء ما قبل العاصفة.
ضربة قطر.. حفظ ماء الوجة لإيران

وأشار "طارق البرديسي" خبير العلاقات الدولية، إلى أن ضربة إيران لقاعدة العديد بقطر، لافتا أن هذه الضربة وكأنها ضربة السلام وكأنها النهاية، وكأنها تأكيد على الرغبة في التوصل إلى تهدئة، وإيقاف هذه الأعمال العدائية، وتلك الحرب والمواجهات التي لم يعد لاستمرارها مبرر، فمن الواضح أنه كان هناك ثمة اتفاق، أنهُ عندما ستغلق قطر مجالها الجوي وأنها تتخذ مثل تلك الإجراءات، فذا يعني أن هناك علم مسبق بهذه الضربة، وأن هذه الضربة فيها رد فعل يحفظ ماء الوجه لإيران، لتوجيه مغازلة للداخل الإيراني، حفظ الكرامة الإيرانية والإرادة الإيرانية.
وأكد البرديسي في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم"، أن الضربة الإيرانية الموجهة لقطر، كانت تعتبر كرسالة موجهة للداخل أكثر من الخارج، أي أنه تأكيد على وحدة الإيراني وقوة الدولة الإيرانية، وأن إرادته لا تنكسر ولا تموت، ولكن من الواضح أن هناك اتفاق غير معلن، وأن قطر لعبت دور، وهنا المفارقة، فالدولة التي يتم ضرب سيادتها وانتهاك القانون الدولي وضرب القاعدة الموجودة على أراضيها وتحتفظ بحق الرد هي التي تتوسط لإبرام هذا الاتفاق، وتلك الهدنة التي بين واشنطن وبين طهران، فتلك مفارقة غريبة أنهُ كيف للدولة التي جرى انتهاك سيادتها أن تصبح وسيطًا، وتضغط على طهران لإقناعها بالتوقف وإبرام الهدنة.
تغيير الشرق الأوسط
وأضاف البرديسي أن الهدنة ستصمد وتتحول لاتفاق دائم، وهذا ما يلمح إليه الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، كما قال أنه سيكون هناك اتفاق نهائي ودائم لوقف إطلاق النار، مع أن التجربة علمتنا أن تصريحات دونالد ترامب تختلف تمامًا عن ممارساته على الأرض، فقد نكس بوعده أكثر من مرة.
من جانب آخر، تتشدق إسرائيل بلسان نتنياهو أنه سيغير خريطة الشرق الأوسط، وأنهم قضوا على النظام الذي كان يساند إيران والنظام السوري، وهو الذي تواجد في هذه الأرض السورية وقضى على حزب الله وأنهى وقوض قدرات حماس، فنتنياهو لطالما تشدق بذلك وتفاخر بأنهُ، غير الشرق الأوسط، وأنهُ نجح ودخل التاريخ من أوسع أبوابه.
اتفاق وقف إطلاق النار سيصمد نظرًا للضغوط الأمريكية

من جانبه، صرح "يسري عبيد" خبير العلاقات الدولية، أن اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل سيصمد نظرًا للضغوط الكبيرة التي يمارسها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على كلا الطرفين، ورأينا عندما تم الحديث عن بعض الخروقات التي تمت فأبدى الرئيس الأمريكي غضبه الشديد من تلك الخروقات وطالب نتنياهو بعدم مهاجمة إيران وخرق اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار يسري عبيد في تصريح خاص لـ "بلدنا اليوم" إلى أن هذا الاتفاق سيستمر لفترة طويلة بسبب ضغط الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة أن هناك غموض كبير حول ما بعد الاتفاق.
وتساءل هل ستعود إيران إلى المفاوضات النووية مرة أخرى مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل ستتعاون إيران مرة أخري مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعد تصريحها بوقف التعاون، قائلًا إن كل هذه أشياء وأحاديث غير واضحة حتى الآن خاصة بعد الهجوم الأمريكي على ثلاث منشآت نووية إيرانية، حيث اتهمت إيران مدير الوكالة في إيران بتهمة التجسس والعمل لصالح إسرائيل، فالأيام القادمة ستجيب على كل تلك الأسئلة.
وأكد عبيد، أن العلاقات بين إيران والخارج سوف تتوطد أكثر، وأن هُناك داعمون كثيرون لإيران من دول الجوار، وأن تلك التجربة أعطت لإيران فرصة كبيرة لتقوم بتوطيد علاقاتها مع الدول المُحيطة بها ودول في الإقليم، وبالتالي كل هذه المؤشرات تقول بأن إيران في طريقها إلى تحسين علاقاتها، بالإضافة إلى أن العلاقات بين نتنياهو وترامب ستستمر ولن تتوتر.