زفاف بديل.. قصة حلم بعش الزوجية ينتهي في كابوس إقليمي المنوفية

في لحظة واحدة، تغير كل شيء، كان عبداللطيف عبد الجليل، الشاب الخلوق ابن قرية الطملاوي التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية، يستعد لأجمل أيام عمره، لم يتبقَ سوى أيام معدودة على فرحه المنتظر، كان يحلم ببيت صغير يجمعه بحبيبته التي اختارها شريكة عمره، وأملاً بمستقبل يعوضه عن سنوات الكفاح والشقى.
لكن الموت، كعادته، لا يستأذن. جاء في صورة حادث دموي جديد على طريق «الإقليمي»، ليلتحق عبداللطيف بقائمة من سبقوه ضحايا لهذا الطريق المميت الذي بات يحصد الأرواح في صمت، ويترك وراءه أسرًا مكلومة وأحلامًا مبتورة.

حلم ضاع في لحظة
كان عبداللطيف شابًا بسيطًا، يعمل في قطاع خاص، ويعرف بين أصدقائه وأهل قريته بدماثة خلقه وطيبة قلبه. كل من تعامل معه، يشهد له بالجدعنة والمروءة. خلال الشهور الأخيرة، كان يستعد لفرح كبير أعلن عنه أهل قريته، وحدد موعده بعد أيام قليلة. بدأ في تجهيز عش الزوجية قطعة قطعة، ويدخر من قوت يومه ليحقق حلم العمر.
وفي يوم الحادث المشؤوم، كان عبداللطيف على متن سيارة ميكروباص عائداً من عمله، لا يحمل سوى حلمه وابتسامته المعتادة. لم يكن يدري أن تلك الابتسامة ستكون الأخيرة.
أم موجوعة وأصدقاء مصدومون
في قريته، خيم الحزن على الجميع. والدته لم تتوقف عن البكاء، تنادي باسمه وتتحسر على فرحة كانت تنتظرها منذ سنوات. "كنت بستناه يفرح، كنت هفرح بيه فرح ما حصلش، ليه يا عبداللطيف؟" — بهذه الكلمات المختنقة بالدموع، عبرت الأم المكلومة عن وجعها الذي لا يُحتمل.
أما أصدقاؤه، فظلوا يتذكرون ضحكته، وروحه الطيبة، والفرح الذي كان يجهزه. بعضهم قال إن عبداللطيف اشترى بدلة الفرح بالفعل، وحجز الكوافير، ووزع دعوات الزفاف قبل أيام قليلة من رحيله.
طريق الموت.. متى ينتهي النزيف؟
حادث عبداللطيف ليس الأول ولن يكون الأخير، طالما بقي طريق «الإقليمي» بهذه الحالة. هو طريق سُمِّي بين الأهالي بـ"طريق الموت"، بسبب الحوادث اليومية التي تزهق الأرواح دون رحمة. مطالبات كثيرة بتكثيف الرقابة، وإصلاح النقاط السوداء في الطريق، لكن الواقع لم يتغير بعد.
كلمة أخيرة
عبداللطيف عبدالجليل، لم يكن مجرد اسم في دفتر الوفيات، ولا رقمًا في كشف الحوادث، كان حلمًا يمشي على الأرض، شابًا مصريًا بسيطًا، عاش على الأمل، ومات قبل ما يحقق فرحته.