بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

سلام أم استسلام؟.. ما مصير التطبيع السوري الإسرائيلي؟| خاص

بلدنا اليوم

في الماضي كان السلام بين العرب وإسرائيل مبنيًا على مبدأ "الأرض مقابل الاعتراف"، كما حدث في اتفاقية كامب ديفيد التي أعادت لمصر أراضيها في سيناء، لكن مع الوقت تغيّر ميزان العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، أما اليوم، فيبدو أن مفهوم التطبيع السوري الإسرائيلي يذهب في اتجاه معكوس تمامًا: التطبيع مقابل التنازل عن الأراضي المحتلة.

في تصريحات حديثة أثارت موجة واسعة من الجدل، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته النمساوية، إن إسرائيل "منفتحة على توسيع دائرة التطبيع لتشمل سوريا ولبنان"، مضيفًا أن مرتفعات الجولان السورية "ستظل جزءًا من إسرائيل" في أي اتفاق سلام.

هذه التصريحات لم تكن خطأ دبلوماسيًا، بل جزء من استراتيجية إسرائيلية ممنهجة لتسويق أهداف الاحتلال، والترويج لـ"السلام" بينما تستمر سياسات الضم والقمع على الأرض.

غطاء لاستسلام ناعم

قال الباحث في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور محمد وازن، إن التحول في مفهوم السلام العربي مع إسرائيل يعكس انهيارًا في المشروع السياسي العربي، حيث لم تعد بعض الأنظمة ترى في استعادة الأرض والحقوق شرطًا أساسيًا لأي علاقة مع تل أبيب.

وتابع وازن، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم": "كان السلام سابقًا وسيلة لاسترجاع الأرض، كما في حالة مصر التي استعادت سيناء. أما الآن، فقد أصبح السلام غاية بحد ذاته لبعض الأنظمة غير المنتخبة، التي تبحث عن الشرعية الدولية بأي ثمن، حتى لو كان هذا الثمن هو التنازل عن الأراضي المحتلة، كما هو الحال مع النظام السوري الجديد بقيادة أحمد الشرع، الذي يبدو مستعدًا لطرح ملف الجولان على طاولة التسويات مقابل اعتراف متبادل".

واعتبر وازن أن هذا النمط من "السلام" لا يخدم إلا إسرائيل، التي لم تعد مضطرة لتقديم أي تنازلات، في ظل قبول أطراف عربية بما هو أكثر من التطبيع، من دون مقابل يُذكر، مضيفًا: "إنه سلام مشوه، لا يقوم على العدالة أو الندية، بل على الخضوع وغياب الإرادة".

ويرى وازن أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقق دون إعادة النظر في أولوياته ومفاهيمه، مضيفًا: "أي اتفاق لا يقوم على العدل واستعادة الحقوق هو مجرّد غطاء لاستسلام ناعم، يُمنح فيه المحتل شرعية مجانية، بينما تفقد الدول العربية آخر أوراقها السيادية مع التطبيع السوري الإسرائيلي ".

الجولان.. ورقة تفاوض أم تركة منسية؟

على الجانب الآخر، يرى المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي، أن قضية الجولان باتت "معقّدة للغاية"، حيث إنها تخضع للاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 58 عامًا، في ظل غياب قدرة سوريا على تغيير المعادلة ميدانيًا.

وقال الهلالي في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم": "بالرغْم من أن الحقوق لا تسقط بالتقادم، إلا أن فرص سوريا في استعادة الجولان تراجعت بشكل كبير مع مرور الوقت، خصوصًا بعد أن تحوّلت المبادرة العربية التي أطلقها السادات في أعقاب حرب أكتوبر إلى سلسلة اتفاقيات فردية بين إسرائيل وكل دولة عربية على حدة".

وأضاف: "مصر كانت قد حاولت توحيد الصف العربي في مفاوضات شاملة بعد 1973، لكن تم إفشال هذا التوجّه من قبل دول المواجهة، ولو تحقق هذا الطرح لكان العرب اليوم في موقع تفاوضي أقوى بكثير، إلا أن الرفض العربي حينها كان سابقًا لعصره".

وحذر الهلالي من التهاون العربي تجاه السيادة الوطنية، خصوصًا في حال سيطرة جماعات دينية على الحكم، مضيفًا: "تجارب الحركات الإسلامية في الحكم أظهرت استعدادًا للتنازل عن بعض الأراضي مقابل مكاسب سياسية، كالبقاء في السلطة أو كسب دعم خارجي".

وتابع: "ولذلك فإن التخلي عن الجولان - بالنسبة لجماعات مثل الجولاني أو غيره من رموز الإسلام السياسي - في إطار التطبيع السوري الإسرائيلي قد لا يُعد خيانة أو خسارة، بل هو جزء من صفقة كبرى هدفها تثبيت الحكم، وليست لديهم رؤية واضحة لمفهوم الحدود أو السيادة الوطنية".

تم نسخ الرابط