قانون الأحوال الشخصية.. هل تنجح «الكد والسعاية» في فض الاشتباك؟

قانون الأحوال الشخصية من القوانين التي لم يناقشها البرلمان خلال فترته التي تنتهي خلال الأيام القليلة المقبلة، على الرغم من طرحه من وقت لآخر للمناقشة المجتمعية في ظل مطالبات لتعديل بعض النصوص لمواكبة التغيرات الحياتية.
قضايا الطلاق والحقوق المترتبة عليه لكلا الزوجين واحد من أعقد النقاط الخلافية التي تمثل حجر عثرة أمام منافشة القانون وإخراجه للنور، ومن ثما التخلص من التغرات التي أثبت القانون الحالي عجزه عن مواجهتها في ظل قدرة الطرفين على التلاعب بالنصوص.
قانون الأحوال الشخصية وتجارب الدول الأخرى
تعديل قانون الأحوال الشخصية يمثل محورا ممتدا منذ سنوات للبحث والتعديل بعد أن تسبب في إطالة أمد التقاضي بين الطرفين لا سيما في حالات الطلاق والتي يرى البعض أن القانون أصبح غير ملائما لها لتغير الظروف الاجتماعية كسنة حياة فرضها الخالق.
البعض ينادي ببعض القوانين المطبقة في الدول الأوربية في حالة وقوع الطلاق بعد دراسة مدى ملائمتها للمجتمع المصري وعاداته وتقاليده، فالقانون الإنجليزي يقر بتساوي الحقوق بين الزوجين في حالة الطلاق ولا يفرض تقسيم الممتلكات بالنصف بين الزوجين كما يعتقد البعض، وإنما يقر بأي اتفاق يرضى عنه الطرفين وفي حالة عدم التوافق يوكل للقاضي الفصل بينهم مع إعطاء الأولوية لمصلحة الأطفال.
وعند انفصال الزوجين في سويسرا ينص القانون على اقتسام التأمينات الاجتماعية وكامل الأملاك لدى للزوجين خلال فترة الزواج بالتساوي فيما بينهم حال عدم وجود أبناء فيما بينهم، وفي حالة وجود أبناء تلزم المحكمة الزوج بدفع حق رعاية الأبناء للزوجة أو العكس في حالة التزم الأب برعايتهم وفقا لنسبة الراتب، وفي حالة عدم قدرة الطرف على دفع حق رعاية الأبناء تلتزم الدولة بتسديد المال مع إلزام الطرف بتسديده لها مستقبلا.
الكد والسعاية حق لا يرتبط بالطلاق
حق الكد والسعاية واحد من الحقوق التي نادى بتطبيقها شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، موضحا أنه حق لا يرتبط بوقوع الطلاق ولا يقتصر على الزوجة بل يتخطاها إلى الأبناء والإخوة وكل من ساهم في تنمية ثروة الزوج ويشترط تطبيق الكد والسعايا مساهمة الزوجة في تنمية ثروة زوجها بطريقة مادية كالعمل معه أو إعطاءه مالها أو بأي طريقة أخرى مادية.
الدكتور عبد الحليم العزمي الأمين العام للاتحاد العالمي للطرق الصوفية يقول إن حقوق الزوجة المنصوص عليها قانونا قائمة المنقولات ونفقة المتعة ومؤخر الصداق وأجرة المسكن، وهناك بابا آخر شرعه الله لمن يريد دون تحديد مصداقا لقوله "ولا تنسوا الفضل بينكم" بمعنى إذا أراد الزوج إعطاء الزوجة أكثر فلا مانع ولا آثم في ذلك.
ويضيف أن في الإسلام لا يوجد تقسيم الأموال بين الزوجين في حالة الطلاق كالدول الأوربية ولدينا تقسيم لحقوق المرأة في الميراث وعند الطلاق، مضيفا أن الإسلام أعطى المرأة ذمة مالية منفصلة فلا يطلب منها الزوج الإنفاق على المنزل إلا في ظروف معينة.
فإذا كانت المرأة لا تعمل وتقصر عملها على الأعمال المنزلية وخدمة أولادها لا يجوز للزوج المطالبة بمساعدته في الإنفاق من ميراثها أو ما تمتلكه من أموال، لكن إذا كانت تعمل وسمح لها الزوج بذلك جاز التصالح على مشاركة الطرفين في الإنفاق لمواجهة ما تفرضه أعباء الحياة عليهما.
ويوضح «العزمي»، في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أن الشرع عادل، واقتسام ثروة الرجل مع زوجته في الزواج أو الطلاق يفتح بابا للخلاف الأسري وتفكيك الأسرة الإسلامية، وإجمالا المسلمون عند شروطهم أي يلتزموا بما اتفقوا عليه والحياة الزوجية بنيانها التفاهم والتراحم بين الزوجين وليس التناحر والنظر للأمور المادية.
الدكتور أحمد كريمة.. قانون الأحوال الشخصية الجديد لا يتضمنه والأزهر مسؤول عن الشأن الديني
وفي السياق يرى الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن لا أحد يستطيع تعديل قانون الأحوال الشخصية إلا بموافقة الأزهر الشريف، وإن المطلقة لها حقوق، موضحة في الشريعة كالنفقة ومؤخر الصداق وغيرهما، ولا يوجد في الشريعة ما يقضي باقتسام الأملاك.
المطلقة لها ولأبنائها حقوق في الطلاق وفي حالة وفاة الزوج ترث، أما مقاسمة الأملاك كما يحدث في أوربا فلا وجود له لدينا لأن الدستور ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع والأزهر مسؤول عن الشأن الديني وطالما لا يقر ذلك فلن يحدث أبدا.
ويؤكد: “لن يتغير ونسخة القانون المقترحة لا تتضمنه ولا يوجد بها مقاسمة أو مناصفة بل أن الكد والسعاية لا يوجد ولا يطبق إلا في حالة وجود مشروع بين الزوجين وغير ذلك لا يحق لها الحصول على أي قدر من أموال الزوج إلا وفقا لحقوقها الشرعية المنصوص عليها قانونا”.
وتحدى كريمة في تصريحه الخاص لـ«بلدنا اليوم» أن يتغير قانون الأحوال الشخصية وأن يجرى عليه تعديلات والدليل أنه أسير الأدراج منذ وزعت نسخته على أولى الشأن.
صعوبات في تطبيق قانون الأحوال الشخصية بشكله الحالي
من جانب آخر تقول هاجر إلياس محامية بالاستئناف ومجلس الدولة إن القانون الحالي به الكثير من الأمور الإيجابية التي لا تنفذ بالشكل الكامل بداية من مقدار النفقة وتوفير المسكن للزوجة وأبنائها إلى سن 15 سنة فقط، وصعوبة الحصول على تصريح من المحكمة للكشف عن أملاك الزوج وحساباته البنكية، وأخيرا تلاعب أرباب العمل في قيمة راتب الزوج لتقليل النفقة المفروضة عليه.
وتوضح أن ظروف المعيشة حاليا تفرض على أغلب الأسر المصرية المشاركة بين الزوج والزوجة في تكاليف المعيشة ومتطلباتها بل أن بعض الأسر تعولها المرأة كلية أو بنسبة أكبر من الرجل، ما يوحد زمتهما المالية فعليا حتى لو أقر القانون انفصال الذمة المالية لكلا منهما.
وتشير أن أقصى ظلم يحدث للمرأة في الطلاق إذا كان الانفصال بعد 20 أو 30 سنة فحينها يكون اطفال تجاوزوا الخمسة عشر عاما ولا يحق لها المسكن وقائمة المنقولات أضحت لا قيمة لها، أضف أن نفقة المتعة غالبا ما تكون زهيدة أو تُجبر الزوجة على الإبراء للحصول على الطلاق.
المناصفة بين الزوجين أمر واجب
وترى أن المناصفة واقتسام الأملاك في حالة الطلاق أمر واجب لأن المسؤوليات بين الزوجين تكاد تكون متساوية، وتؤكد أن في حالة تطبيق الكد والسعايا بين الزوجين في حالة الطلاق لن تجد امرأة تطالب بقائمة منقولات أو أجر مسكن وخلافه من القضايا التي تستنفذ الجهد والوقت من أجل حفنة قليلة من الأموال.
وتختتم إلياس حديثها الخص إلى «بلدنا اليوم» أن قوانين الأحوال الشخصية القديمة كانت في مصر أكثر تطورا وملائمة للحياة الحديثة مقارنة بقانون الأحوال الشخصية الحالي وكأننا نتراجع بدلا من أن نتقدم فالعالم كله وبعض الدول الإسلامية أقرت الزواج المدني الموثق والمبني على اتفاق الزوجين على الحقوق والواجبات.