بين طوابير الألم وقرارات العلاج.. رحلة المعاناة في فروع التأمين الصحي بالمنوفية

في مشهد يكاد يتكرر يوميًا، يقف عشرات المواطنين أمام أبواب فروع التأمين الصحي بمحافظة المنوفية، ينتظرون دورهم لصرف علاج أو إنهاء إجراء جراحي قد لا يحتمل التأجيل، الوجوه مرهقة، والهموم متراكمة، والبعض جاء من قرى بعيدة مع مريض لا يقوى على الوقوف، فقط بحثًا عن حقه في العلاج... في رحلة لا تخلو من مشقة وأمل.
بين شبين وأشمون.. الزحام سيد الموقف
تبدأ القصة من الفرع الرئيسي للتأمين الصحي بشبين الكوم، حيث تصطف طوابير المواطنين منذ الصباح الباكر، البعض ينتظر قرار علاج على نفقة الدولة، وآخرون يصارعون للحصول على علاج شهري مزمن، مثل أدوية الضغط، القلب، والسرطان، يقول المواطن أحمد عبد التواب، من قرية ميت خاقان: "أنا جاي من 6 الصبح، معايا تحليل وابني عنده عملية فتق، ومفيش حد يرد أو يقول تبدأ منين ولا تروح لمين.. تعبنا من الروتين".
وفي فرع التأمين بأشمون، لا يختلف المشهد كثيرًا. غرف مزدحمة، شبابيك غير كافية، ونقص في الموظفين، ما يترك المواطنين في حالة من الارتباك والتوتر.
متاهة الموافقات والأختام
أكثر ما يُرهق المرضى هو طول إجراءات استخراج قرارات العمليات الجراحية، خاصة في الحالات العاجلة، فبدلًا من توجيه مباشر للمريض إلى المستشفى، يدخل في سلسلة من التقارير الطبية، والمراجعات، والأختام، والموافقات، التي قد تستغرق أسابيع، تقول السيدة نجلاء رمضان، من مركز الباجور: "أمي محتاجة تغيير مفصل، والموافقة ما بين اللجنة والتقارير والملف والأختام.. بقينا نروح ونرجع كأننا في ورق مش في علاج."
أزمة صرف العلاج
يعاني مرضى الأمراض المزمنة من نقص متكرر في بعض الأصناف الحيوية مثل أدوية القلب والضغط والسكري، ويُطلب من المريض الانتظار "حتى ورود الدواء من القاهرة" أو شراؤه على نفقته الشخصية، يقول محمد صادق، مريض قلب من تلا: "أنا على المعاش.. لو صرفت دواء من بره، هاكل منين؟ المفروض التأمين يوفره لكن بقالي 10 أيام كل مرة يقولوا استنّى."
لا يمكن إغفال حجم الضغط الواقع على العاملين بفروع التأمين الصحي، إذ يعمل عدد قليل من الموظفين في مواجهة مئات الملفات يوميًا، وسط نقص في الدعم التكنولوجي وتكدس في الأوراق، تقول موظفة – طلبت عدم ذكر اسمها " "إحنا مش بنقصر، لكن مفيش سيستم موحد يربط كل الفروع، وكل حاجة بنكتبها يدوي.. لازم تطوير حقيقي وإدارة إلكترونية."
ويطالب المواطنون بضرورة تحديث نظم العمل داخل التأمين الصحي، وتوفير نوافذ إلكترونية لحجز المواعيد، وربط الفروع بالمستشفيات بنظام رقمي، وتخصيص فرق لمتابعة قرارات العلاج الحرجة، وتوفير الأدوية بشكل دائم دون انقطاع.