بعد سقوط "حسم".. خبراء يحذرون: الجماعات الإرهابية تزرع اليأس في عقول الشباب لجرّهم نحو التطرف

أعلنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن ضبط خلية إرهابية جديدة تابعة لما يعرف بجماعة "حسم"، في واحدة من أقوى الضربات الاستباقية التي تستهدف إحباط محاولات نشر الفوضى وزعزعة الاستقرار.
وكشفت التحريات أن الخلية كانت تخطط لتنفيذ عمليات نوعية في توقيت دقيق، مستغلة حالة الترقب التي تشهدها البلاد في المرحلة الحالية.
لكن التحذيرات لم تتوقف عند الجانب الأمني فقط، بل امتدت إلى الخطر الذي وصفه الخبراء بـ"غير المرئي"، حيث حذر متخصصون في الشأن الأمني والإداري من أن الجماعات الإرهابية بدأت تنقل معركتها إلى الهواتف الذكية، مستهدفة عقول الشباب داخل غرف نومهم، عبر ما يُنشر من محتوى إلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي.
خبيرة إدارة وأمن: الإرهاب لا يعتمد على السلاح
بدورها قالت الدكتورة إيناس عبد العزيز، الخبيرة في الإدارة والأمن الفكري، إن الإرهاب في صورته الحديثة لم يعد يعتمد فقط على السلاح أو القنابل، بل بدأ من "لايك" أو "بوست" يحمل رسائل محبطة أو مضللة.
وأشارت إلى أن الجماعات المتطرفة تطورت وأصبحت تستخدم منصات رقمية لاستدراج الشباب من خلال بث الشعور باليأس وانعدام الأمل.
وحذرت خبيرة الإدارة والأمن من تلك الجماعات كونها تخاطب عقول الشباب بشكل مباشر، لكنها تُمرر رسائلها بشكل تدريجي عبر محتوى يبدو عاديًا أو ترفيهيًا، لكنه في جوهره يدفعهم نحو الانعزال والتشكيك، تمهيدًا لتجنيدهم نفسيًا وفكريًا.

وقالت إن مواجهة هذا النوع من الإرهاب يتطلب وعيًا أسريًا ويقظة مجتمعية تتجاوز أساليب الرقابة التقليدية.
وقدمت الخبيرة ما وصفته بـ"روشتة إنقاذ" لحماية الأبناء من هذا الاستهداف، تتضمن ضرورة فتح باب الحوار بين الأهل وأبنائهم، ومتابعة ما يتعرضون له من محتوى بشكل غير مباشر، وزرع روح الانتماء الوطني بواقعية، وتقديم بدائل عملية تشجعهم على المشاركة الفعالة في المجتمع، بدلًا من تركهم عرضة للإحباط والتشكيك.
جرس إنذار حقيقي
من جانبه، وصف اللواء أشرف عبد العزيز، الخبير الأمني والحاصل على وسام الجمهورية، سقوط خلية "حسم" بأنه ليس مجرد نجاح أمني، بل "جرس إنذار حقيقي" يدق في كل بيت مصري.
وأشار إلى أن هذه الخلية كانت تعمل في صمت، وتستخدم أساليب جديدة لاستقطاب الشباب، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات التي أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية.
وأوضح اللواء أشرف أن الدولة تقوم بدورها الأمني بكفاءة، لكن هناك معركة موازية لا تقل خطورة، وهي الحرب الفكرية داخل المنازل، وعلى شاشات الهواتف.

ودعا إلى ضرورة إدراك الأهل لطبيعة هذا الخطر، مؤكدًا أن غياب المتابعة أو الحوار قد يجعل الأبناء فريسة سهلة لأفكار متطرفة يتم بثها بشكل ناعم وخادع.
وفي ختام تصريحاتهم، شدد الخبراء على أن الإرهاب لا يموت، بل يتخفى ويتجدد، وأن المواجهة الحقيقية لن تكون فقط بالسلاح، بل تبدأ من العقل والوعي.
وطالبوا كل أسرة بأن تضع خطة لحماية أبنائها فكريًا وثقافيًا، وأن تدرك أن الإنترنت لم يعد مجرد وسيلة ترفيه، بل ساحة معركة حقيقية تستلزم وعيًا، وحضورًا، ويقظة مستمرة