وزير الخارجية: مصر لاعب إقليمي فاعل وشريك رئيسي في ترسيخ الأمن والاستقرار بالشرق الأوسط

أكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، أن مصر تواصل أداء دورها التاريخي كطرف فاعل ومؤثر في دعم وترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
مشددًا على أن الظروف الإقليمية الراهنة تتطلب تحركًا جماعيًا قائمًا على الحلول السياسية والدبلوماسية، مع احترام مبدأ السيادة الوطنية ومواجهة التحديات العابرة للحدود، وعلى رأسها الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
جاءت تصريحات وزير الخارجية خلال لقائه مع هيئة تحرير صحيفة "واشنطن بوست" في العاصمة الأمريكية واشنطن، في إطار زيارته الرسمية التي تستهدف تعزيز أوجه التعاون والشراكة بين القاهرة وواشنطن على مختلف الأصعدة.
وزير الخارجية: الشراكة الاستراتيجية المصرية الأمريكية أحد الركائز الأساسية للاستقرار الإقليمي
وأوضح وزير الخارجية أن الشراكة الاستراتيجية المصرية الأمريكية تُمثل أحد الركائز الأساسية للاستقرار الإقليمي، مؤكدًا أن العلاقات بين البلدين تجاوزت الإطار التقليدي لتشمل ملفات حيوية سياسية واقتصادية وأمنية، ما يجعلها شراكة متكاملة لا غنى عنها في مواجهة التحديات المشتركة.
وخلال اللقاء، سلط وزير الخارجية الضوء على جهود الدولة المصرية في تنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي تهدف إلى تحسين بيئة الاستثمار وتحفيز مشاركة القطاع الخاص باعتباره قاطرة النمو والتنمية المستدامة.
وأشار وزير الخارجية إلى أن مصر تمتلك فرصًا استثمارية واعدة، لا سيما في ظل ما تتمتع به من موقع جغرافي استراتيجي، وبنية تحتية حديثة، ومناطق اقتصادية متخصصة مؤهلة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
كما استعرض وزير الخارجية نتائج منتدى الأعمال المصري–الأمريكي الذي استضافته القاهرة في مايو الماضي، والذي شهد مشاركة واسعة من كبرى الشركات والمؤسسات الأمريكية، ما يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد المصري.
وفي سياق متصل تطرق وزير الخارجية إلى تطورات ملف حقوق الإنسان في مصر، موضحًا أن الدولة قطعت شوطًا كبيرًا على طريق تعزيز الحقوق السياسية والمدنية، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021-2026.
وأكد أن الحكومة المصرية تبنت نهجًا شاملًا في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، يشمل الحريات الدينية، ودعم التعددية، وتعزيز المشاركة المجتمعية، بالتوازي مع جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية لضمان بيئة متوازنة تكفل الكرامة الإنسانية لجميع المواطنين.
وعلى صعيد السياسة الخارجية، تناول الوزير بدر عبد العاطي التحديات غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة، مشيرًا إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تمر بمرحلة دقيقة تتشابك فيها الأبعاد الأمنية والإنسانية والاقتصادية.
وشدد وزير الخارجية على ضرورة انتهاج مقاربة متوازنة تعطي الأولوية للحلول السلمية والتعاون الدولي، خاصة في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب وتفاقم أزمات اللاجئين والهجرة غير الشرعية.
كما استعرض الوزير الجهود المصرية الحثيثة فيما يتعلق بملف قطاع غزة، حيث أكد أن مصر تتحرك عبر عدة مسارات متوازية، تشمل تسهيل دخول المساعدات الإنسانية، والتنسيق مع الشركاء الدوليين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وقطر، من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم، وتبادل الأسرى والرهائن، تمهيدًا لإعادة إعمار القطاع.
وجدد عبد العاطي التأكيد على رفض مصر القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، مشددًا على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تقوم على حل الدولتين، وتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وفيما يخص الأوضاع في السودان، أوضح الوزير أن مصر تدعم بكل قوة وحدة واستقرار السودان وسلامة مؤسساته الوطنية، داعيًا إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لتجنيب الشعب السوداني مزيدًا من المعاناة، والحفاظ على مقدرات الدولة السودانية. كما شدد على أهمية عودة السودان إلى المسار السياسي الشامل كخطوة أساسية نحو تحقيق الاستقرار.
أما في الملف السوري، فقد جدد وزير الخارجية موقف مصر الداعم لوحدة واستقلال وسيادة سوريا على كامل أراضيها، مؤكدًا أن سوريا يجب أن تكون جزءًا من معادلة الاستقرار في المنطقة، وليست مصدرًا للقلق أو التوتر، داعيًا إلى حل سياسي شامل ينهي معاناة الشعب السوري المستمرة منذ أكثر من عقد.
وفيما يتعلق بالأمن المائي المصري، شدد عبد العاطي على أن ملف نهر النيل يمثل أولوية قصوى للأمن القومي المصري، موضحًا أن مصر تتبنى موقفًا واضحًا يستند إلى قواعد القانون الدولي فيما يخص إدارة الموارد المائية المشتركة.
وأكد وزير الخارجية رفض مصر التام للإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا بشأن سد النهضة، والتي تتعارض مع قواعد القانون الدولي، مؤكدًا أن مصر ستتخذ كافة التدابير التي يكفلها القانون الدولي لحماية حقوقها ومصالحها المائية.
كما تناول اللقاء تطورات الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي ومنطقة الساحل، مشيرًا إلى التهديدات المتصاعدة المرتبطة بانتشار التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة.
واستعرض وزير الخارجية نتائج جولته الأخيرة في غرب أفريقيا، والتي تأتي في إطار اهتمام مصر المتزايد بهذه المنطقة الاستراتيجية، باعتبارها جزءًا من عمقها الإقليمي والأمني، مشددًا على أهمية تعزيز التعاون بين دول المنطقة في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية المشتركة.