بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

غواصات ترامب النووية حول روسيا.. نهاية لحرب أوكرانيا أم بداية لمعركة كبرى؟ (خاص)

بلدنا اليوم

في مشهد جديد من التصعيد بين روسيا وأمريكا، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إرسال غواصتين نوويتين إلى مناطق قريبة من المياه الإقليمية الروسية، في خطوة أثارت الجدل حول طبيعتها الحقيقية، خصوصًا أنها تتزامن مع إطلاق "مهلة نهائية" من ترامب لروسيا من أجل وقف الحرب في أوكرانيا، وهو ما فتح باب التكهنات حول احتمال اندلاع مواجهة مباشرة بين القوتين النوويتين.

تأتي هذه التطورات في ظل تدهور ميداني متسارع في أوكرانيا، حيث تتقدم القوات الروسية في أكثر من محور، ما يثير قلق واشنطن وحلفائها من انهيار دفاعات كييف.

وفي الوقت الذي يتمسك فيه الروس بمقترحهم للتسوية على قاعدة وقف مشروط لإطلاق النار، تصر واشنطن على دعم أوكرانيا عسكريًا واقتصاديًا رغم تراجع فاعلية هذا الدعم بفعل نقص الجنود والأسلحة.

أمام هذا المشهد، تبقى الأسئلة معلقة: هل ستستجيب روسيا لمهلة ترامب؟ وإن لم تفعل، هل نحن أمام تصعيد عسكري أمريكي حقيقي؟ أم أن التحركات الحالية لا تتجاوز حدود "الردع الإعلامي"؟

استعراض نووي أم تحرك استراتيجي؟

الإعلان الأمريكي بإرسال غواصتين نوويتين قرب روسيا أثار موجة من الجدل بين خبراء السياسة والأمن الدوليين، فالغواصات النووية الأمريكية موجودة منذ سنوات في البحار القريبة من روسيا، ولكن المختلف هذه المرة هو الإعلان العلني المتزامن مع "مهلة سياسية" لإنهاء الحرب الأوكرانية.

وصف السفير الروسي السابق في بيروت ألكسندر زاسبكين هذا التحرك بأنه "خطوة استعراضية رمزية لا أكثر، ولا تحمل معنى عسكريًا حقيقيًا."

وأوضح، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن مواقع الغواصات دائمًا ما تكون سرية، وأن كلا الطرفين، الأمريكي والروسي، يحتفظ بغواصاته الاستراتيجية في وضعية التأهب الدائم.

وأكد زاسبكين أن الحديث عن حرب عالمية غير وارد إطلاقًا، مشيرًا إلى أن مهلة ترامب "غامضة" ولا تتضمن تهديدات عسكرية مباشرة، بل تركز على العقوبات أو تحميل أوروبا مسؤولية استمرار الحرب.

التصعيد الرسائلي

من جانبه، يرى المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي أن تحرك ترامب يدخل في خانة "التصعيد الرسائلي" لا الاستراتيجي، معتبرًا أن الغواصات النووية موجودة في البحر باستمرار، لكن الجديد هو الإعلان العلني، ما يعطي تأثيرًا سياسيًا ويخدم أدوات الضغط المتبادلة.

وأضاف الهلالي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، أن توقيت الإعلان جاء كرد مباشر على تصريحات ديميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، الذي أعاد التلويح بمنظومة "اليد الميتة" السوفيتية للرد النووي، فوجه إعلان ترامب كمقابِل سياسي، يمكن وصفه بـ"طق حنك".

و يرى الهلالي أن مثل هذه التصريحات قد تخدم إعادة إحياء اتفاقية New START الخاصة بالحد من التسلح النووي، مشيرًا إلى ضرورة استئناف الحوار الاستراتيجي لتجنب أي انزلاق نحو مواجهة كارثية.

هل تستجيب روسيا لترامب؟

يؤكد السفير زاسبكين أن روسيا لا توافق على وقف إطلاق نار غير مشروط، بل تسعى إلى تسوية نهائية ودائمة، وقدّمت خريطة طريق لذلك أُرسلت إلى الوفد الأوكراني.

وأوضح أن التطورات الميدانية تصب في مصلحة الجيش الروسي، ما يزيد من قلق الغرب، مضيفًا: "تشعر الأطراف الغربية بالقلق المتزايد من انهيار جبهة كييف، وتبحث عن سبل لدعم النظام الأوكراني، لكن قدرة الغرب على تسديد الدعم باتت محدودة بسبب ضعف القوة البشرية وتباطؤ إنتاج الأسلحة".

في هذا السياق، يبدو أن موسكو تراهن على الحسم العسكري الجزئي، وتدفع نحو مفاوضات بشروطها، لا عبر إملاءات ترامب أو غيره.

هل يصعد ترامب عسكريًا؟

برغم الضجة الإعلامية التي أحدثها إعلان ترامب، فإن المؤشرات الواقعية لا تدل على توجه أمريكي لتصعيد عسكري مباشر، فيؤكد الهلالي أنه لا توجد تعبئة استراتيجية كبيرة مثل نقل رؤوس نووية أو رفع تأهب القواعد النووية، ولا مؤشرات استخباراتية على التحضير لحرب مباشرة، وهو ما تؤكده أيضاً تحليلات كبار ضباط الاستخبارات الأمريكيين السابقين.

ويشير إلى أن الردع النووي المتبادل يظل هو الضامن الأساسي لعدم الانزلاق نحو صدام كارثي، فكل من موسكو وواشنطن يدرك أن أي مواجهة نووية تعني "انتحارًا مزدوجًا" لا يمكن تبريره سياسيًا أو عسكريًا.

ويستكمل أن تصريحات ترامب تقرأ في إطار الحملات الانتخابية ومحاولة فرض نفسه كقائد حازم يعيد ضبط المشهد الدولي، لا كرجل يقود العالم نحو حرب كبرى.

تم نسخ الرابط