الفجوة الصامتة.. لماذا يبتعد الأبناء عن أسرهم في زمن التواصل الاجتماعي؟

مع بداية العام الدراسي الجديد، تتجدد تساؤلات الأهل حول كيفية التواصل مع أبنائهم وسط ضغوط المذاكرة، والانشغال بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت تنافس دور الأسرة في التربية والتوجيه.
تشهد العديد من الأسر المصرية حالة من التباعد بين الأهل وأبنائهم، وهو ما وصفه خبراء علم النفس بـ (الفجوة الصامتة)، حيث يعيش الجميع تحت سقف واحد، لكن بلا لغة حوار حقيقية.
ضغوط الحياة وراء انجذاب الأطفال لمنصات التواصل
ويرى مختصون أن ضغوط الحياة اليومية وانشغال الآباء بمتطلبات العمل، يقابلها انجذاب الأبناء إلى منصات التواصل الاجتماعي التي تمنحهم مساحة للتعبير والبحث عن الاهتمام، ما أدى إلى ضعف الروابط الأسرية وتراجع الثقة المتبادلة.
وأشار خبراء الأسرة إلى أن غياب التواصل الفعال يدفع بعض الأبناء للجوء إلى الغرباء أو المؤثرين عبر الإنترنت للحصول على المشورة أو الدعم النفسي، وهو ما يشكل خطراً على استقرار المجتمع وقيمه.

إحياء ثقافة الحوار داخل الأسرة
وأكدت الدراسات أن الحل يكمن في إحياء ثقافة الحوار داخل الأسرة، من خلال تخصيص وقت يومي للنقاش الهادئ، والاستماع لمشاكل الأبناء دون إصدار أحكام مسبقة، بجانب التوعية بمخاطر الاعتماد الكلي على العالم الافتراضي.
ويطالب المتخصصون بضرورة تعاون المؤسسات التعليمية والإعلامية مع الأسرة، لخلق جسور جديدة من الثقة، تضمن للأبناء بيئة آمنة تُلبي احتياجاتهم العاطفية والفكرية داخل البيت، بدلاً من البحث عنها خارجه.
وفي ظل التحديات المتزايدة مع بداية العام الدراسي، يبقى مفتاح الحل في كلمة واحدة: الحوار. فإذا استطاعت الأسرة أن تستعيد قدرتها على الاستماع والتقارب، ستتحول التكنولوجيا من عدو صامت إلى وسيلة داعمة، ويعود الدفء الذي فقدته الكثير من البيوت.
تعزيز الثقة بين الآباء والأبناء لم يعد رفاهية
وفي هذا السياق قال الدكتور سيد عبد الخالق، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة: "إن تعزيز الثقة بين الآباء والأبناء لم يعد رفاهية، بل ضرورة لحماية الأجيال الجديدة من الانجراف وراء بدائل وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي".
وفي النهاية يظل الحوار الصادق هو الركيزة الأساسية التي تعيد للأسرة توازنها في مواجهة ضغوط الحياة وإغراءات العالم الرقمي. فحين ينجح الأهل في فتح قنوات تواصل حقيقية مع أبنائهم تتحول التكنولوجيا من تهديد للعلاقات الأسرية إلى أداة للتقارب والدعم، فهي معركة وعي يومية، إذا كسبتها الأسرة، ضمنت جيلاً أكثر ثقة وتماسكا قادرا على مواجهة المستقبل دون أن يفقد جذوره أو قيمه.