هل تنجح واشنطن في فرض هدنة؟ رشوان يقرأ خفايا خطة ترامب لغزة

قال الكاتب الصحفي ضياء رشوان إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة لوقف الحرب في غزة لم تأتي على غرار الطرح الأول، بل خضعت لتعديلات كبيرة عقب التطورات الميدانية والسياسية الأخيرة، حيث جرى تخفيض عدد بنودها من 21 إلى 20 بندًا، وهو ما يعكس تبدلًا في الرؤية الأمريكية تجاه الصراع، نتيجة مجموعة من العوامل أبرزها الصمود الفلسطيني المتواصل، والتكاتف العربي، وتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل.
وأوضح رشوان خلال حواره في برنامج ستوديو إكسترا أن النسخة الأولى من الخطة حملت بصمات واضحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ بدت أقرب لتصوراته من كونها مبادرة أمريكية متوازنة، لكن التطورات الأخيرة أجبرت الإدارة الأمريكية على مراجعة موقفها وإجراء تعديلات لتصبح أكثر قبولًا من أطراف متعددة، لاسيما بعد قمة الدوحة التي أكدت وحدة الموقف العربي ودفعت واشنطن لإعادة صياغة مقترحاتها.
وأضاف أن نتنياهو ينظر إلى هذه الخطة باعتبارها أداة سياسية يستغلها داخليًا، خصوصًا في ظل أزماته المتفاقمة مع اليمين المتشدد داخل إسرائيل، مبينًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد تسويق نفسه باعتباره من أعاد الرهائن من غزة، محققًا بذلك مكاسب شعبية قد تساعده على مواجهة ضغوط حلفائه وخصومه على حد سواء.
وشدد رشوان على أن حركة حماس لا تزال تنظر بعين الريبة إلى الطرح الأمريكي، إذ من المرجح أن ترفض أي صيغة لا تتضمن ضمانات حقيقية لحقوق الفلسطينيين، وعلى رأسها حق العودة، وهو الملف الذي اعتبره جوهريًا، مؤكّدًا أنه لا يمكن تجاوزه أو التعامل معه كقضية ثانوية قابلة للتأجيل أو المساومة.
كما لفت إلى أن الخطة الأمريكية تحاول الموازنة بين أبعاد سياسية وأخرى إنسانية، لكنها قد تصطدم بواقع أكثر تعقيدًا، فإسرائيل ما زالت متمسكة برؤيتها الأمنية، بينما الفلسطينيون يرفضون أي تسوية تنتقص من حقوقهم المشروعة، وهذا التناقض يجعل فرص التوصل إلى اتفاق شامل أمرًا صعبًا، حتى لو جرى التوصل إلى هدنة مؤقتة أو تسوية مرحلية.
وبين رشوان أن المشهد الحالي لا يسمح بالحديث عن طرف "منتصر" وآخر "مهزوم"، فالقضية الفلسطينية أعقد من أن تُختزل في اتفاق قصير المدى، مشيرًا إلى أن أي تسوية جادة يجب أن تعالج جذور الصراع الممتدة لعقود، وفي مقدمتها قضايا الأرض، والقدس، وحقوق اللاجئين.
وختم رشوان حديثه بالتأكيد على أن الإدارة الأمريكية تبدو في سباق مع الزمن لبلورة مبادرة يمكن تسويقها إقليميًا ودوليًا، لكن نجاحها مرتبط بمدى قدرتها على إقناع إسرائيل بالقبول بتنازلات ملموسة، وكذلك بمدى استعداد القوى الفلسطينية للمضي في مسار تسوية يضمن لهم الحد الأدنى من حقوقهم، محذرًا من أن تجاهل هذه العوامل قد يؤدي إلى إعادة إنتاج الأزمة بشكل أكثر تعقيدًا.