اللواء محسن الفحام يسلط الضوء على تجربة مصر الأمنية من منظور أمريكي

وكأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قرأ المقال الذي كتبته منذ أسبوعين تحت عنوان "الداخلية والضربات الاستباقية"، حين أشاد خلال مشاركته في قمة شرم الشيخ بانخفاض معدلات الجريمة في مصر، مؤكدًا أمام العالم أن مصر تُعد من أكثر الدول أمانًا واستقرارًا في المنطقة.
بل إنه قارن بين معدلات الجريمة في مصر والولايات المتحدة الأمريكية، مشيدًا بالأمن المصري مرتين، ليسلط الضوء من جديد على تجربة مصر في فرض الأمن ومكافحة الإرهاب خلال العقد الأخير.
جاءت الإشادة الأولى خلال لقائه مع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على هامش القمة، حيث قال:"لقد قام المصريون بعمل رائع.. لديهم نسبة جريمة منخفضة جدًا، كما تعلمون، لأنهم لا يتعاملون مع الأمور باستهتار كما نفعل نحن في الولايات المتحدة."
وفي طريق عودته إلى واشنطن، جدد ترامب إشادته، مقارنًا الأوضاع في مصر ببعض الولايات الأمريكية، قائلًا: "إنهم أقوياء جدًا.. ليس لديهم جرائم عنيفة مثلنا، أريد أن يكون حكام الولايات في أمريكا مثل حكام مصر، وأقوى، للحد من جرائم العنف.. يمكنك أن تمشي في الحدائق بمصر دون أن تسرق أو تضرب على رأسك بمضرب بيسبول."
وأشار إلى أن مدينة شيكاغو وحدها شهدت نحو 4000 حادث إطلاق نار وجرائم قتل خلال فترة قصيرة نسبيًا (عام ونصف تقريبًا).
إشادة دولية مدعومة بالأرقام
وبحسب بيانات منصة "ماكرو ترندز" البحثية الأمريكية، فقد شهدت مصر انخفاضًا واضحًا في معدل جرائم القتل.
وهو ما دفع الحكومة البريطانية، في نصائحها لمواطنيها المتجهين إلى مصر، إلى القول: "إن معدل الجريمة منخفض بشكل عام في مصر، وعلى الزائرين اتخاذ الاحتياطات المعقولة كما يفعلون في المملكة المتحدة."
لم تكن إشادة الرئيس الأمريكي مجاملة دبلوماسية، بل جاءت في سياق تقرير صادر عن مؤسسات بحثية أمريكية وأوروبية أكدت أن مصر حققت واحدة من أكبر نسب التراجع في معدلات الجرائم العنيفة في الشرق الأوسط.
وقد أشار البيت الأبيض في بيان رسمي إلى أن التجربة الأمنية المصرية تظهر نجاحًا فريدًا في الدمج بين مكافحة الإرهاب وتحسين جودة الحياة المدنية.
كما نشرت صحف دولية كبرى مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز تقارير تشيد بتحقيق القاهرة الأمن والاستقرار رغم البيئة الإقليمية المشتعلة، وذلك بفضل إصلاحات شاملة في بنية وزارة الداخلية.
فخر واعتزاز.. وتجربة أمنية رائدة
أكتب اليوم وأنا في غاية الفخر والسعادة، أولًا لكوني مصريًا، وثانيًا لانتمائي لوزارة الداخلية، حتى وإن كنت قد أديت دوري بها منذ سنوات، إلا أنني لم أنقطع يومًا عن متابعة النجاحات الأمنية المتواصلة، التي تتحقق بشكل شبه يومي تحت قيادة اللواء محمود توفيق، الذي يحظى بثقة وتأييد كامل من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
تلك الثقة تأتي نتيجة إخلاص وتفانٍ دائم في العمل، وتطوير شامل وممنهج في جميع القطاعات الأمنية التابعة للوزارة، ما يجعل من الصعب حصر إنجازاتها في مقال واحد، بل وحتى في عدة مقالات.
الأمن المصري.. مهنية وحقوق إنسان
مفهوم الأمن لا يقاس فقط بغياب الجرائم، بل بقدرة الدولة على إدارة الملف الأمني باحترافية، مع احترام حقوق الإنسان.
وقد نجحت مصر في ذلك بدرجة تستحق التقدير، مدعومة برؤية سياسية واضحة، ودعم مستمر من الدولة لمنظومة الأمن، سواء على صعيد التدريب أو التسليح أو تطوير البنية المعلوماتية.
ووفقًا لمصادر رسمية، فقد شهدت البلاد انخفاضًا بنسبة 14% في معدلات الجريمة خلال عامي 2024 – 2025، وهو ما يعكس فعالية الخطط الأمنية ونجاحها في ضبط الشارع المصري.
منهجية أمنية حديثة
تعتمد المنظومة الأمنية الحديثة في مصر على الدمج الذكي بين التكنولوجيا المتطورة والعنصر البشري، إذ تستخدم وزارة الداخلية بشكل واسع الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لرصد الأنماط الإجرامية وتوجيه ضربات استباقية تُفشل الجرائم قبل وقوعها.
كما يتم التركيز على تأهيل الكوادر الأمنية عبر برامج تدريبية متقدمة، تمكن رجل الشرطة من التعامل مع التحديات المتغيرة باحترافية.
وهذا المنهج الوقائي، إلى جانب المنهج الردعي، يخلق بيئة عامة أقل قبولًا للجريمة، ويجعل المواطن يشعر بالأمان لا بالخوف.
قمة شرم الشيخ.. ودليل على الاستقرار
نجحت مصر في تأمين مؤتمر قمة شرم الشيخ، الذي شارك فيه أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب وزراء وشخصيات عامة، وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، رغم التوتر الإقليمي المتصاعد.
وهذا النجاح لم يكن محض صدفة، بل هو نتيجة سنوات من العمل المنهجي والتطوير المتواصل داخل وزارة الداخلية، ما جعل مصر تُصنف اليوم كواحدة من أكثر دول المنطقة استقرارًا من الناحية الأمنية.
من هنا، نطرح تساؤلًا مهمًا:
- كيف يمكن استثمار هذه النجاحات الأمنية والإشادات الدولية والأمريكية؟
أرى أن هناك عدة خطوات ضرورية يجب اتخاذها، أبرزها:
-الترويج الدولي لتصريحات الرئيس ترامب وغير من أشادوا بالأمن المصري خلال قمة شرم الشيخ.
-استغلال الاستقرار الأمني في تعزيز السياحة، خصوصًا ونحن نقترب من الافتتاح التاريخي لـ"المتحف المصري الكبير" في نوفمبر المقبل.
-تشجيع الاستثمار بأنواعه المختلفة، في ظل المناخ الآمن الذي توفره الدولة المصرية.
-العمل على تغيير الصورة الذهنية السلبية التي روّجت لها بعض المنظمات المشبوهة والجهات الممولة من الخارج، مستغلة أصواتًا لا تمثل الشعب المصري.
كلمة أخيرة
و أختتم مقالي بكلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في حفل تخرج كلية الشرطة: "إن مصر لن تعود أبدًا إلى زمن الفوضى.. وستظل واحة للأمان مهما اشتدت التحديات."