مصر وأمريكا تتباحثان تعزيز الاستقرار والتنمية في إفريقيا والأمن المائي
أشاد وزير الخارجية المصري الدكتور بدر عبد العاطي بالدور المحوري للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدًا أن مصر تثق في رؤيته لإنهاء الحروب والنزاعات على مستوى العالم، وتتطلع إلى تطبيقها في القارة الإفريقية أيضًا.
جاء ذلك خلال جلسة الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة حول القضايا الإفريقية، التي ترأسها من الجانب المصري الدكتور بدر عبد العاطي، ومن الجانب الأمريكي مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، بحضور نائب وزير الخارجية الأمريكي للإدارة والموارد مايكل ريجاس.
وأوضح الوزير المصري أن بلاده تتطلع إلى تعزيز التعاون مع الإدارة الأمريكية من أجل تسوية النزاعات في إفريقيا، واستكشاف فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري، انطلاقًا من الدور المصري الرائد في دعم الاستقرار والتنمية بالقارة، وما تمتلكه من مؤسسات فاعلة كـ"الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية" و"مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام".
شراكة إستراتيجية راسخة بين القاهرة وواشنطن
تناولت المشاورات بين الجانبين مجموعة من القضايا، من بينها تطورات الأوضاع في السودان وليبيا ومنطقة البحيرات العظمى والساحل الإفريقي والقرن الإفريقي، إلى جانب ملف الأمن المائي المصري.
وقال السفير تميم خلاف، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن الطرفين أكدا على عمق الشراكة الإستراتيجية التي تجمع مصر والولايات المتحدة، وما تمثله من ركيزة أساسية للأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وإفريقيا. كما أعرب الجانبان عن تطلعهما لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني، والتنسيق المشترك بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المتبادل، مشددين على أهمية الحوار الإستراتيجي كآلية مؤسسية لتبادل الرؤى وتطوير التعاون الثنائي.
استقرار السودان أولوية مصرية
وفيما يخص السودان، جدد الوزير عبد العاطي تأكيد موقف مصر الثابت الداعم لوحدة السودان واستقراره ومؤسساته الوطنية، مشيرًا إلى الجهود التي تبذلها القاهرة ضمن الآلية الرباعية المعنية بالسودان لتحقيق وقف شامل لإطلاق النار وتهيئة المناخ لعملية سياسية شاملة.
كما شدد على ضرورة تكثيف المساعدات الإنسانية وضمان وصولها إلى جميع أنحاء السودان، وإنشاء ممرات آمنة لتوزيعها في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مؤكدًا استمرار مصر في تقديم الدعم الإغاثي للأشقاء السودانيين. وأدان الوزير الانتهاكات الخطيرة التي شهدتها مدينة الفاشر، داعيًا إلى وضع حد فوري لها.
موقف مصري ثابت تجاه ليبيا
وفي الشأن الليبي، أكد عبد العاطي تمسك مصر بوحدة ليبيا واستقرارها ورفض أي تدخلات خارجية أو وجود عسكري أجنبي على أراضيها. كما دعا إلى حل "ليبي – ليبي" شامل يضمن سيادة البلاد، وضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة في أقرب وقت ممكن، إلى جانب خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة.
السلام في البحيرات العظمى
تطرق الحوار كذلك إلى تطورات الأوضاع في منطقة البحيرات العظمى، حيث عرض الوزير المصري رؤية القاهرة الداعمة للسلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مشيرًا إلى أهمية معالجة جذور النزاعات وتعزيز التنمية لتحقيق الاستقرار المستدام.
كما أعرب عن استعداد مصر لدعم الجهود الأمريكية الرامية إلى إنهاء الحرب في شرق الكونغو، والمساهمة بخبراتها في تنفيذ اتفاق واشنطن للسلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، وإعلان الدوحة، مؤكدًا انخراط مصر الفاعل في جهود إعادة الإعمار والتنمية تحت مظلة الاتحاد الإفريقي.
مكافحة الإرهاب في إفريقيا
وفي ما يخص منطقة الساحل الإفريقي، شدد عبد العاطي على أهمية تبني مقاربة شاملة لمواجهة تمدد الإرهاب، ترتكز على الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية والاجتماعية، للحفاظ على وحدة الدول ومقدراتها.
وأشار إلى ضرورة استمرار برامج التنمية والمساعدات الإنسانية لدول الساحل، مستعرضًا نتائج جولته الأخيرة في غرب إفريقيا، وكذلك مخرجات المائدة المستديرة التي استضافتها مصر ضمن فعاليات منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامين في أكتوبر الماضي.
الأمن في القرن الإفريقي
كما تناول الحوار تطورات الأوضاع في منطقة القرن الإفريقي، حيث أكد الوزير المصري رفض بلاده لأي سياسات تهدد استقرار المنطقة، ودعمها لجهود تحقيق الأمن والتنمية، مشددًا على احترام سيادة الدول وتسوية الخلافات عبر الحوار، ودعم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال لضمان استمرار جهود مكافحة الإرهاب وترسيخ الأمن.
الأمن المائي المصري
وفيما يتعلق بملف الأمن المائي، أكد وزير الخارجية أن نهر النيل يمثل شريان الحياة للمصريين، مشددًا على تمسك مصر بمبدأ التعاون القائم على المنفعة المشتركة وعدم الإضرار بأي طرف، وفقًا لقواعد القانون الدولي ومبادئ الإخطار المسبق والتشاور.
وأكد عبد العاطي رفض القاهرة لأي إجراءات أحادية في حوض النيل الشرقي، مشيرًا إلى أن مصر تتابع التطورات عن كثب وستتخذ ما يلزم من خطوات لحماية أمنها المائي.
تقدير أمريكي للدور المصري
من جانبه، أعرب مسعد بولس عن تقدير الإدارة الأمريكية للعلاقات الوثيقة مع مصر، مشيدًا بالدور الحيوي الذي تضطلع به القاهرة في دعم الأمن والاستقرار في إفريقيا والشرق الأوسط، وبجهودها في تسوية النزاعات وتعزيز التنمية، مؤكدًا حرص واشنطن على مواصلة التنسيق مع مصر بما يعزز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين.