بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

هل تدخل السعودية السباق النووي من البوابة الأمريكية؟ (خاص)

بلدنا اليوم

قال المحلل السياسي الدكتور عمرو الهلالي، إن تصريحات الولايات المتحدة الأخيرة بشأن التقدم في اتفاق تعاون نووي مع المملكة العربية السعودية، وبالأخص تصريحات وزير الطاقة الأميركي Chris Wright حول مسار توقيع مذكرة تفاهم أو اتفاق أولي، تحمل عدة دلالات استراتيجية وسياسية وتقنية مهمة. وأوضح الهلالي أن هذه التصريحات تُثبت جدّية الولايات المتحدة في التعامل مع طلب السعودية للتعاون النووي المدني، وأن هناك رغبة لإنشاء إطار رسمي للتعاون بعيدًا عن مجرد المحادثات النظرية التي كانت تخضع سابقًا لشروط سياسية صارمة. ويبرز التحليل أن واشنطن أصبحت أقل تشددًا في ربط الاتفاق بمسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما يعكس تحولًا في النهج نحو التركيز على البعد التقني والاقتصادي أكثر من البعد السياسي.

ورغم هذه الإشارات الإيجابية، أشار الهلالي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم"، إلى وجود تحفظات أساسية لم تُحل بعد، أبرزها الالتزام بمعايير الاتفاق تحت القسم 123، والتي تتطلب من السعودية عدم تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة الوقود دون ضوابط صارمة، الأمر الذي لم توافق عليه الرياض بالكامل بعد. كما لفت إلى أن المملكة لم توقع بعد البروتوكول الإضافي مع IAEA الذي يوفر آليات تفتيش أوسع، إضافة إلى مقاومة داخلية في الكونغرس الأميركي حيال الاتفاق بسبب مخاوف من انتشار نووي أو اعتبارات حقوق الإنسان المرتبطة بالسعودية.

وأكد الهلالي أن الجانب السعودي يرى في التعاون النووي فرصة لتعزيز مكانته الدولية كمركز للطاقة المتنوعة، والاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الأميركية، وإرسال رسائل استراتيجية لدول المنطقة، بما فيها إيران، حول التزام السعودية بتطوير بنيتها التحتية للطاقة، مع الاحتفاظ بالولايات المتحدة بدور مراقب لضمان عدم تحويل البرنامج المدني إلى برنامج تسلحي.

وأشار الهلالي إلى أهمية اللقاء المرتقب بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي قد يشكل فرصة لتسريع التفاهمات أو دمج الاتفاق النووي ضمن أجندة سياسية ودبلوماسية أوسع. وأضاف أن الاتفاق المتوقع، حتى لو وصل لمذكرة تفاهم أولية، لن يكون نهائيًا، وسيستلزم مراحل تفاوضية طويلة، خصوصًا حول مسائل التخصيب وإعادة المعالجة، مع إمكانية اعتماد مهلة مؤقتة أو اتفاق مرحلي يحدد نطاق عمل السعودية تحت إشراف أميركي.

وأوضح الهلالي أن الشركات الأميركية ستستفيد من العقود الضخمة لبناء محطات نووية، فيما ستتمكن السعودية من تنويع مصادر الطاقة وتطوير قدرات محلية، بما يشمل البحث والتطوير، التدريب، إدارة النفايات، والمفاعلات الصغيرة SMR. وتابع: "الاتفاق سيتيح مراقبة دقيقة من واشنطن للبرنامج النووي السعودي، مع إبقاء التحكم والشفافية عالية لتجنب أي تحويل محتمل للبرنامج المدني إلى مسار تسلحي".

وأوضح الهلالي أن السعودية تحت المظلة الأميركية بشكل كامل، وأن أي خيارات بديلة، مثل التعاون مع الصين أو روسيا، أقل أمانًا ودقة، في حين أن العقد الأميركي يوفر خبرات، تمويلًا، تقنيات وأمانًا دوليًا أكبر. وأضاف أن الاتفاق يحمل بعدًا تجاريًا مهمًا للولايات المتحدة، حيث يمكن أن تحقق الشركات الأميركية عوائد ضخمة، بينما تضمن السعودية نقل الخبرات التقنية وتنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد النفطي الكامل، وهو ما يصفه الهلالي بالصفقة المثالية للطرفين في المشهد الحالي.

وأختتم الهلالي بالإشارة إلى أن بدء السعودية في بناء محطات نووية سيستغرق خطوات تقنية وإنشائية كبيرة، وأن التوقيع على مذكرة تفاهم أولية يمثل بداية مرحلة طويلة من التنفيذ الفني والتدريبي والتشغيلي، وليس إطلاقًا للتشغيل الفوري، ما يعكس التعقيدات الفنية والسياسية والأمنية المحيطة بالملف النووي السعودي.

 

تم نسخ الرابط