بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

«النار على اللسان».. البشعة تعود لتحرق المجتمع.. وعلماء الأزهر والقانون يجرمونها

البشعة
البشعة

اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صادمة تظهر أشخاص في قرى ونجوع يسخنون قطعة حديد على النار حتى تتحول إلى جمرة حمراء، ثم يجبرون المتهم أو المشتبه فيه على لعقها بلسانه أمام الملأ، إذا لم يصب بحروق فهو «صادق وبريء»، وإذا التصق لحمه بالحديدة فهو «كاذب ومذنب» يستحق العقاب الفوري.

 

أعادت الظاهرة إلى الأذهان أبشع عادات الجاهلية الأولى، وأثارت غضب علماء الشريعة والفقهاء والقانونيين في آن واحد، فأصدروا صرخة تحذير موحدة: «حرام شرعًا.. وجريمة يعاقب عليها القانون وفي هذا التقرير الخاص، نكشف لكم الحكم الشرعي القاطع من علماء الأزهر والأوقاف، والرأي القانوني الدقيق.

 

علماء الشريعة والفقهاء: «حرام شرعاً وجريمة يعاقب عليها القانون»

من جانبه، وصف الشيخ أحمد خليل، من علماء وزارة الأوقاف، أن هذه الممارسات من أشد البدع والخرافات وهي خطراً على المجتمع، مؤكداً أنها عادة جاهلية كانت موجودة قبل الإسلام، وأن الإسلام ألغاها تماماً واستبدلها بمنهج واضح عادل هو «البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر».

 

وأضاف، في تصريحات خاصة  لـ «بلدنا اليوم»، ان البشعة ليست من الإسلام في شيء، بل هي من مخلفات الجاهلية التي حرمها الله ورسوله، النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها يوماً ولا الصحابة التابعين، ولا أئمة المذاهب الأربعة، فهي تعذيب جسدي محرم، وتعريض للنفس للهلاك بغير حق وهذا من كبائر الذنوب.

 


وأوضح الشيخ أحمد خليل، ان الإسلام دين الرحمة والعدل والدليل، وليس دين النار والتعذيب، من يريد أن يحكم بين الناس فليحكم بالبينة واليمين، أما من يحكم بالنار فهو يحكم بمنهج إبليس لا بمنهج محمد صلى الله عليه وسلم.

 

ودعى فضيلة الشيخ، إلى التصدي لهذه الظاهرة، ومحزرا من خطورة عودة هذه العادات الجاهلية تحت أي مبرر، داعياً الأئمة والخطباء في المساجد والقيادات الشعبية والمجالس العرفية إلى التوعية بتحريمها، ومطالبًا الأجهزة الأمنية بضبط كل من يمارسها أو يروج لها، لأنها تشكل خطراً على السلم الاجتماعي.

الرأي القانوني في ممارسة «البشعة»

وقال محمد ميزار المحامي بالنقص والدستورية العليا، لا يوجد نص صريح في قانون العقوبات المصري (رقم 58 لسنة 1937 وتعديلاته) يجرم «البشعة» بالاسم، وهذا ما يدفعه بعض الممارسين للقول إن «الموضوع لا يوجد به مشكلة»، ولا توجد جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون لا يعني الإفلات من المساءلة، بل يفتح الباب لتطبيق مواد عامة تجرم الإضرار الجسدي أو الإكراه، وهي مخالفة محتملة رغم عدم النص المباشر من الناحية القانونية

 

واضاف 'ميزار"، ويعاقب كل من يسبب إيذاءً جسديًا للغير بالحبس مدة تصل إلى 3 سنوات أو غرامة 500 جنيه، وذلك إذا أدت «البشعة» إلى حروق أو إصابات في اللسان أو الفم وهو أمر شائع فإنها يمثل إيذاءً مباشرًا، خاصة إذا كان الشخص مكرهًا على المشاركة تحت ضغط عرفي أو اجتماعي، مشيرا إلى أنه حتى لو وقع إقرار موقع يعفي المبشع من المسؤولية، فإن الإكراه يبطل الإقرار، ويمكن للمتضرر رفع دعوى تعويض مدنية أو جنائية.

 

وتابع المحامي، أن نص مادة 156 (التحريض على مخالفة القانون)، إذا استخدمت «البشعة» في جلسات عرفية لفرض حكم بديل عن القضاء الرسمي، فهي تمثل تحريضًا على تجاوز السلطة القضائية، مع عقوبة حبس أو غرامة، كما أنها تنتهك المادة 60 من الدستور المصري، التي تكفل الحق في اللجوء إلى القضاء دون تدخل عرفي.

 

واوضح محمد ميزار، ويحق للمتضرر رفع دعوى تعويض بموجب المادة 163 من القانون المدني عن الضرر النفسي أو الجسدي، وقد بلغت تعويضات في قضايا مشابهة عشرات الآلاف من الجنيهات، كما حدث في نزاعات عرفية أدت إلى إصابات، مضيفا أن النيابة العامة يمكنها التدخل تلقائيًا إذا ثبت الضرر، مستندة إلى مبدأ حماية الأفراد من الخرافات الضارة.

 

وأشار المحامي إلى أن بث «البشعة» على الهواء المباشر مخالفة إعلامية واضحة وخطيرة، مضيفا اما بالنسبة للمذيع الذي بثها على الهواء المباشر، فالأمر أكثر وضوحًا وخطورة هنا، لا مجال للقول إن «لا مشكلة»، إذ يتعارض ذلك مع قوانين الإعلام والآداب العامة.

 

واختتم أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 (المادة 4 و19)، يحظر صراحة بث أو نشر أي مادة «تدعو إلى مخالفة القانون، أو تخالف الآداب العامة، أو تحرض على العنف أو الكراهية»، وبث «البشعة» يروج لممارسة تسبب إيذاءً، ويشجع على تقليدها، مما يمثل إعلانًا مضللاً أو سلوكًا خادعًا.

 

تم نسخ الرابط