رسالة ماجستير تكشف دور معلومات الوزراء في تعزيز جاهزية الذكاء الاصطناعي وإصلاح الشكاوى
شهد معهد البحوث والدراسات العربية، قسم بحوث ودراسات الإدارة، مناقشة رسالة ماجستير للباحث مصطفى الضبع، تناولت واحدًا من أهم الموضوعات المرتبطة بمستقبل الإدارة الحكومية في مصر، بعنوان: “تأثير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري في تحسين مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي في إطار إدارة الأزمات”.
أوضحت الدراسة أن مصر حققت تقدمًا ملحوظًا في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي الصادر عن المؤسسات الدولية المختصة؛ إذ انتقلت من المرتبة 111 عالميًا عام 2019 إلى المرتبة 51 عام 2024.

وعزت الدراسة هذه النقلة النوعية إلى التطوير المتسارع للبنية الرقمية في الأجهزة الحكومية، وتبنّي الدولة نماذج حوسبة متقدمة تعتمد على التحليل الفوري للبيانات وتعزيز قدرات المنصات المركزية المعنية بدعم القرار.
وأشارت الرسالة إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء كان أحد الأعمدة الأساسية في هذه النقلة، من خلال تطوير منظومات إلكترونية متكاملة، واستخدام أدوات التحليل الذكي لرصد المؤشرات، وتوفير بيانات دقيقة تساعد متّخذ القرار على إدارة الأزمات بكفاءة.
منظومة الشكاوى الحكومية… من الاستقبال إلى صناعة الاستجابة
وتناولت الدراسة بالتفصيل الدور الاستراتيجي لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحّدة، التي تأسست داخل مركز المعلومات قبل انتقال تبعيتها إلى مجلس الوزراء في النصف الأخير من عام 2024.
وأكد الباحث أن المنظومة تمثل اليوم أحد المكوّنات الحيوية لمنظومة إدارة الأزمات في مصر، خاصة أنها مرتبطة بشكل مباشر بالوزارات والهيئات والمحافظات؛ إذ أسهمت في رفع معدلات الاستجابة الحكومية وسرعة التعامل مع البلاغات، إلى جانب قدرتها على رصد الأنماط المتكررة للشكاوى وتحويلها إلى مؤشرات إنذارية مبكرة تُعزّز من قدرة الدولة على التدخل السريع.
تشكيل لجنة المناقشة
- الأستاذ الدكتور نادر البير فانوس – أستاذ الإدارة المالية بجامعة عين شمس والمشرف على الرسالة (رئيسًا).
- الأستاذة الدكتورة بسنت عادل الزيادي – أستاذة الإدارة المالية بجامعة عين شمس (عضوًا).
- الدكتور عطا عيد عطا – خبير بالمحاكم الاقتصادية (عضوًا).
وقد أشادت اللجنة بأهمية موضوع الرسالة وتوافقه مع الأولويات الوطنية التي تتبناها الدولة في إطار التحول الرقمي والتنمية الإدارية.

وقدم الباحث مصطفى الضبع، في نهاية رسالته، مجموعة من التوصيات العملية الموسعة التي تهدف إلى إعادة صياغة الدور التقليدي لمنظومة الشكاوى الحكومية الموحّدة، بما يحولها من مجرد قناة لاستقبال الشكاوى إلى منصة رقابية ذكية تعزز شفافية الأداء الحكومي.
كما أوصت الدراسة بأن تتجاوز المنظومة دورها الحالي الذي يقتصر على تحويل الشكوى إلى الجهة المعنية وانتظار ردها، وأن تنتقل إلى نموذج التحقيق الموضوعي المشترك عبر لجان تضم ممثّلين عن الجهات المختلفة، بما يضمن حسم الشكاوى بناءً على أدلة واضحة وتحديد دقيق للمسؤوليات.
إلزام الجهات بمدد زمنية معلنة وشفافة
شددت الدراسة على ضرورة وضع مدد زمنية إلزامية لاستقبال الشكاوى وفحصها والرد عليها، على أن يتم نشر معدلات التزام كل جهة بهذه المدد ضمن لوحة مؤشرات حكومية معلنة، تتيح للمواطنين والجهات الرقابية متابعة الأداء لحظة بلحظة.
واقترحت الرسالة فرض جزاءات صارمة على الجهات التي تقدم بيانات غير دقيقة أو تتعمد تأخير الرد، مع تطبيق إجراءات مماثلة على الشاكين الذين يثبت تقديمهم شكاوى كيدية أو معلومات مغلوطة.
كما أوصت الدراسة بإطلاق لوحة متابعة رقمية مركزية يمكن من خلالها تقييم أداء جميع الوزارات والهيئات في التعامل مع الشكاوى، بما يعزز الشفافية ويساعد متّخذ القرار على تحديد الجهات الأكثر التزامًا أو الأقل استجابة، ويسهم في تحسين جودة الخدمات الحكومية.
تعريف دور المنظومة لتصبح أداة رقابية
وأكد الأستاذ الدكتور نادر البير فانوس، المشرف على الرسالة، أن تطبيق هذه التوصيات سيعيد تعريف دور المنظومة لتصبح أداة رقابية ذكية وليست مجرد وسيلة لنقل الشكوى.
وأشار إلى أن تطوير المنظومة سيسهم بشكل مباشر في تحسين الخدمات الحكومية، وزيادة ثقة المواطنين، ورفع مستوى الجاهزية الوطنية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الأزمات.
وشدد على أن هذا التطوير يتسق مع مستهدفات الجمهورية الجديدة، وخطط الدولة للتحول الرقمي، ورؤية مصر في تعزيز قدرات الحكومة على صناعة القرار اعتمادًا على البيانات.
واختتمت رسالة الباحث مصطفى الضبع بتأكيد الدور الريادي الذي يمثله مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في قيادة مسيرة التحول الرقمي الذكي، وبناء بنية معلوماتية متقدمة قادرة على التعامل مع الأزمات بمختلف مراحلها، وترسيخ ثقافة الإدارة المعتمدة على الأدلة.