خبير في الشؤون الأفريقية: مصر حاضنة وبيئة آمنة للملايين من المواطنين السودانيين (خاص)
الأزمة السودانية ثمثل أحد أخطر التحديات للأمن القومي المصري، ليس فقط بسبب الحدود المشتركة الممتدة، ولكن لأن أي اضطراب داخل السودان ينعكس على استقرار مصر، وحركة التجارة في البحر الأحمر ومنطقة وادي النيل ولذلك فأن انهيار مؤسسات الدولة السودانية أو تفاقم الصراع الداخلي يمكن أن يخلق فراغاً أمنياً، وأيضا استمرار الصراع يعني زيادة تدفق اللاجئين والنازحين مما يخلق عبء أمني واقتصادي.
السودان هو البوابة الجنوبية لأمن القومي المصري
في سياق متصل أكيد الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن مصر والسودان تربطهما علاقات استراتيجية في العديد من القطاعات والمحاور المختلفة، ولعلى أبرزها البعد السياسي، البعد التنموي، الاقتصادي، الثقافي، الاجتماعي، السكاني والعائلي نتيجة علاقات كبيرة وعلاقات نسب ومصاهرة بين الأسر المصرية والسودانية تاريخياً على المستوى الثقافي دائما تتردد مقولة مصر والسودان شعب واحد في بلدين، وأن هذه المقولة تختزل بدرجة كبيرة طبيعة العلاقات بين البلدين، ومن ثم فإن حينما نترجم هذه العلاقات بتأثيراتها على الأمن القومي المصري فأنها في غاية الأهمية.
وأشار الدكتور رمضان قرني، أنه قبل الشروع في هذه القضية والحديث عن علاقة السودان بالأمن القومي المصري يجب الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية، أن الحرب في السودان والتي اندلعت في 15 إبريل عام 2023 كشفت بدرجة كبيرة الأهمية الجيو استراتيجية والسياسية والاقتصادية التي يتمتع بها السودان من الناحية الجغرافية والاستراتيجية.
وأوضح الدكتور رمضان قرني، أن حرب السودان مست تقريبا 8 دول من دول الجوار الإفريقي، تأثيرات الحرب في السودان لم تكن منعكسة على الداخل السوداني فقط، وإنما مست بدرجة كبيرة دول الجوار أبرازها، مصر، تشاد، جنوب السودان، أوغندا، أفريقيا الوسطى، ليبيا، كينيا، كل هذه الدول من دول جوار السودان وحتى أرتريا أيضا كانت لها تأثيرات مختلفة بشكل أو بآخر، خاصة فيما تعلق بقضية النازحين واللاجئين، إذا عدنا إلى التأثيرات المرتبطة بالأمن القومي المصري بطبيعة الحال السودان هو البوابة الجنوبية لأمن القومي المصري وبالتالي الارتباطات الأمنية والسياسية مسألة في غاية الأهمية.
وأكد الدكتور رمضان قرني، أن تأثيرات السودان على الأمن القومي المصري بالمعنى الشامل تأثيرات كبيرة، والقضية الأساسية والمحورية هي تتعلق بالقضية الوجودية المصرية وقضية مياه النيل والعلاقات والتنسيق بين مصر والسودان فيما يتعلق بهذا الملف الحيوي وخاصة في ضوء التطورات الأخيرة وتشغيل سد النهضة الإيثيوبي في أكتوبر الماضي، وبالتالي أهمية التنسيق في هذا الملف المحوري المهم مسألة في غاية الأهمية بالنسبة للأمن القومي المصري، أيضا ما يتعلق بأمن البحر الأحمر وأمن الممرات المائية في هذا الشريان الدولي المهم مسألة أيضا مهمة فالتنسيق بين البلدين في هذا الملف مسألة تؤكد محورية دور السودان.
وأشار الدكتور رمضان قرني، أن جزء كبير من السجال السياسي والإستراتيجي العالمي ليس في السودان فقط وانما يتعلق بفكرة وجود قواعد عسكرية مستقبلية في منطقة البحر الأحمر في السودان، وخاصة الحديث عن قواعد لروسيا، وتركيا، وإيران، وأن هذا الأمر بطبيعة الحال يمس قواعد وقضايا الأمن القومي المصري.
واشار إلى جزء آخر يتعلق بالعلاقات بين البلدان فيما يخص ملف الأمن القومي، وهو أن دولة السودان في وجود حالة الحرب وغياب للدولة في بعض المناطق، من الممكن أن تكون ساحة لانتشار التنظيمات الإرهابية، خاصة أن السودان مجاورة بالفعل لدول تشهد نشاطا كبيرة للتنظيمات الإرهابية، سواء في ليبيا، سواء في منطقة الساحل والصحراء، وأيضا ليس ببعيد الصومال وانتشار تنظيم القاعدة فيها، ووجود أيضا بعض عناصر من داعش في بعض المناطق، ومن ثم فإن هذا الجانب مهم أيضا ما يتعلق بانتشار التنظيمات الإرهابية.
وأشار إلى بعد الأخر يتعلق بالأمن القومي المصري وهو ما يتعلق باستقبال مصر الملايين من النازحين السودانيين، وهذا الأمر يمثل عبء كبيرا على الاقتصاد المصري بالمعنى الاستراتيجي، وذلك يمثل عبء على المنظومة الأمنية المصرية، فهناك خشية أن تكون قضية النازحين فرصة لدخول بعض العناصر التي من الممكن أن تضر بالأمن القومي المصري، وذلك تأمين المعابر و وجملة هذه الأمور تجعل من قضية الحرب في السودان، قضية محورية وجوهرية وأساسية للأمن القومي المصري.
واوضح أنه بالنظر إلى طبيعة الأدوار المصرية فيما يتعلق ببيئة السودان، فأن هناك جملة من التحركات المصرية على مختلف المسارات، وأبرز المسارات هو المسار الإنساني وهو من خلال استضافة مصر ملايين من النازحين من السودان، وبالتالي كانت مصر حاضنة وبيئة آمنة للملايين من المواطنين السودانيين وبالتالي هي ساهمت بدرجة كبيرة في تخفيف العبء الإنساني الناتج عن هذه الأزمة، في ضوء السياسات المصرية التي تعتمد على مبادئ أنها لا تقبل بفكرة اللاجئين بالمعنى التقليدي عالميا وإنشاء مخيمات للاجئين، بل كانت السمة العامة هي تواجد المواطن السوداني بين إخوانه في مصر وممارسة حياته الطبيعية بشكل اعتيادي.
وأشار إلى المبادئ الأربعة حاكمة لسياسة مصر تجاه الأزمة السودانية وهي وحدة السودان، سلامة أراضيه، سيادة السودان، رفض التدخلات الخارجية.
وأكد أن الفشل في صياغة حل أفريقي لأزمة السودان ساهم بدرجة كبيرة في التدخلات الخارجية حتى أننا نستطيع القول أن حرب السودان هي حرب بالوكالة.

