صعود عمالقة الكرة العربية: كيف يغيّر الهلال والأهلي خريطة اللعبة الإقليمية
من أندية شعبية إلى رموز عابرة للحدود
قبل عقود قليلة كان كثير من الأندية العربية يعيش داخل حدود مدينته أو دولته؛ جمهور محلي، تغطية إعلامية محدودة، وأحلام لا تتجاوز التتويج بالدوري أو الكأس. اليوم تحوّل نادي الهلال في السعودية والأهلي في مصر إلى علامات تجارية ورياضية يعرفها متابعو كرة القدم في آسيا وإفريقيا وأوروبا معًا. هذا التحوّل لم يكن مجرد نتيجة طبيعية للعولمة الإعلامية، بل ثمرة لمزيج من الاستقرار الإداري، والعمل على الهوية، واستثمار ذكي في المواهب والمنشآت. ومع مرور الوقت صار شعار كل نادٍ يشير إلى سردية كاملة عن مدينة، ودولة، وقارة تبحث عن مكان أوضح في خريطة الكرة العالمية.

الهلال: مشروع سعودي لزعامة القارة الآسيوية
الهلال يمثل النموذج الأبرز لصعود كرة القدم السعودية إلى مستوى جديد. فالنادي يحمل الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بدوري أبطال آسيا بأربعة ألقاب أعوام 1991 و2000 و2019 و2021، وهو ما أكسبه مكانة خاصة في تصنيفات الاتحاد الآسيوي باعتباره من أكثر الأندية تتويجًا في القارة. هذا النجاح القاري تزامن مع هيمنة محلية طويلة على دوري المحترفين السعودي، حيث اعتاد الفريق المنافسة على اللقب حتى الجولات الأخيرة. ومع دخول حقبة الاستثمار الجديد، وتحوّل الهلال إلى شركة تملكها جزئيًا مؤسسة صندوق الاستثمارات العامة، أصبح النادي جزءًا من مشروع سعودي أوسع يهدف إلى جعل الدوري نفسه من بين الأقوى في العالم. الصفقات الكبيرة التي جلبت نجومًا عالميين إلى الرياض عززت صورة الهلال بوصفه بوابة آسيوية إلى كرة القدم النخبوية.
الأهلي: قلعة إفريقية لا تكلّ عن حصد البطولات
في القاهرة يقف الأهلي كحالة مختلفة تشترك مع الهلال في الجوهر وتختلف في التفاصيل. فالنادي الذي وصفه الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مرارًا بـ"نادي القرن" يواصل حتى اليوم تعزيز رقمه القياسي في دوري أبطال إفريقيا، بعدما حصد اللقب للمرة الثانية عشرة في 2024 على حساب الترجي التونسي. هذه الألقاب القارية تتكامل مع سجل محلي ضخم من بطولات الدوري والكأس والسوبر جعل الفريق الأحمر في موقع شبه دائم على منصات التتويج. مشاركة الأهلي المتكررة في كأس العالم للأندية، وحصوله على عدة ميداليات برونزية، حولت مبارياته أمام أندية أوروبا وأمريكا الجنوبية إلى مواعيد ثابتة في ذاكرة الجماهير العربية. بهذا المعنى لا يعود الأهلي ممثلًا لمصر وحدها، بل رمزًا لإفريقيا بأسرها في المحافل العالمية.
أموال جديدة تعيد توزيع موازين القوى
صعود عمالقة الكرة العربية يرتبط بشكل مباشر بدخول استثمارات ضخمة إلى اللعبة في المنطقة. في السعودية أعلن رسميًا في 2023 عن انتقال ملكية الأندية الأربعة الكبرى، الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، إلى شركات تملك الدولة من خلالها حصة كبيرة عبر صندوق الاستثمارات العامة، في خطوة تهدف إلى الخصخصة وجذب الرعاة الكبار. هذه العملية أدت إلى طفرة في سوق الانتقالات؛ إذ استطاعت أندية الدوري السعودي استقطاب أسماء ثقيلة من بطولات أوروبا، ما رفع مستوى المنافسة الفنية والتسويقية. في المقابل اعتمد الأهلي المصري أكثر على قوة جماهيرية هائلة، وعوائد حقوق البث والرعاية، مع استثمارات متدرجة في الأكاديميات ومنشآت التدريب. ورغم اختلاف النموذجين، فإن النتيجة واحدة: أندية عربية قادرة على التفاوض بثقة مع السوق العالمية.
من الرياض والقاهرة إلى منصات كأس العالم للأندية
انعكست هذه الهيمنة القارية على حضور الأندية العربية في بطولات فيفا، خصوصًا كأس العالم للأندية. فقد ظهر الهلال في نسخة 2022 بوصفه بطلًا لآسيا ووصل إلى النهائي أمام ريال مدريد، في مباراة قدّمت صورة مختلفة عن مستوى أبطال القارة الصفراء أمام عملاق أوروبي. أما الأهلي فصار ضيفًا شبه دائم على البطولة، ونجح في انتزاع الميدالية البرونزية في أكثر من مناسبة، ما جعله النادي الأكثر تمثيلًا لإفريقيا في هذه المنافسة. هذا الاحتكاك المتكرر مع مدارس كروية متنوعة ساعد لاعبي الأندية العربية على تطوير أسلوب لعب أكثر جرأة، وجعل القمصان الزرقاء والحمراء مألوفة لجماهير لا تتحدث العربية أصلاً. ومع الإعلان عن توسعة البطولة إلى نسخة أكبر تضم 32 فريقًا، يبدو أن مساحة التأثير العربي مرشحة للاتساع في السنوات المقبلة.
اقتصاد المشجع وتجارب الترفيه المرتبطة بالكرة
خارج الملعب، شهدت العلاقة بين الجماهير العربية وأنديتهم المفضلة تحولاً جذرياً. لم يعد المشجعون يكتفون بالمباريات على التلفاز أو داخل الملعب؛ بل أصبحوا يتابعون الأخبار لحظة بلحظة عبر هواتفهم الذكية، ويشاركون في نقاشات تكتيكية عبر منصات التواصل الاجتماعي، ويشترون القمصان الرسمية من المتاجر الإلكترونية. في ظل هذه الأجواء، يسعى عدد من عشاق كرة القدم إلى تجارب ترفيهية إضافية تمتد لما بعد صافرة النهاية، عبر منصات رقمية مرخصة توفر خيارات المراهنات الترفيهية والألعاب الفورية. وقد وجد الكثيرون أن موقع العاب قمار بمال حقيقي يجمع بين متابعة البطولات الكبرى وتجربة ألعاب الحظ، في بيئة تضع الأمان والشفافية في المقام الأول، بالإضافة إلى طرق دفع حديثة. ستُعتبر هذه التجربة شكلاً آخر من أشكال الترفيه للجماهير، وبالتالي، يضعون حدوداً واضحة للوقت والميزانية المُنفقة. وهذا من شأنه أن يجعل أمسية كرة القدم ممتعة أكثر. كما يتوفر الدعم الفني وخدمة العملاء باللغة العربية لتسهيل الوصول إليهما في المنطقة.
ما الذي ينتظر عمالقة الكرة العربية؟
تشير الأدلة المتاحة إلى الهلال والأهلي، إلى جانب عدد قليل من الأندية المغربية والتونسية والقطرية الناشئة بسرعة، كرواد لعصر جديد في كرة القدم العربية. هناك قائمة طويلة من العوامل التي مهدت الطريق مؤخرًا لهيمنة هذه الأندية - إنجازات قياسية في البطولات القارية - استثمارات من صناديق الثروة السيادية - وتمثيل الشركات الكبرى المتنامي في بطولات أندية الفيفا - ولكن ربما الأهم من ذلك أنها تشترك في جذور مالية قوية مع هياكل داعمة غنية وراءها في الوطن محليًا! سيكون التحدي الحقيقي هو كيفية تحقيق أفضل موازنة لهذه القوة المالية من خلال ضمان المنافسة العادلة داخل الدوريات المحلية جنبًا إلى جنب مع الاستثمار المستمر ليس فقط في المواهب الشابة ولكن أيضًا في البنية التحتية حيث إذا تمت إدارتها بنجاح في النهاية، فبدلاً من أن تكون مجرد نقطة توقف أخرى - للاعبين - ستحول المنطقة نفسها إلى وجهة دائمة تمامًا لنجوم العالم والمدربين على حد سواء.