مصر لا تعاني من نقص الموارد
مصر لا تعاني من نقص الموارد.. بل من موارد لم تُحسب بعد
في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات اقتصادية وسياسية تعرقل عجلة النمو بشكل ملحوظ، تطل علينا نوافذ مصرية جديدة تسهم في دعم الاقتصاد الوطني عبر أفكار وخطط مستهدفة تمثل أهمية كبيرة للمجتمع المصري، ولا يقتصر طموح القائمين عليها على السوق المحلي فقط، بل يمتد إلى التصدير الخارجي.
ويأتي في مقدمة هذه النوافذ الاقتصاد غير الرسمي في مصر، والذي قدّرت المنظمات الدولية حجمه بما يتراوح بين 30% و40% من إجمالي الناتج المحلي.
15 مليون شخص ضمن الاقتصاد منظومة غير الرسمي
وبعد دراسة وافية لحجم هذا الاقتصاد، تبيّن أن نحو 15 مليون شخص يعملون ضمن منظومة الاقتصاد غير الرسمي، وتشكل الأنشطة المنزلية الإنتاجية التي تقيمها السيدات داخل المنازل نحو 60% من هذا القطاع، وهو ما يعكس قوة الدور الاقتصادي للمرأة المصرية ومساهمتها الفعلية في دعم الدخل القومي.

متوسط دخل العاملين في الاقتصاد غير الرسمي
ووفقًا للمؤشرات، يتراوح متوسط الدخل الشهري لبعض المشروعات المنزلية ما بين 3000 و10 آلاف جنيه، مع تسجيل بعض الحالات الناجحة زيادات ملحوظة في الدخل، وتوسعًا في حجم النشاط، ما يسهم في توفير فرص عمل جديدة وزيادة عدد العاملين، وبالتالي خفض معدلات البطالة، بفضل هذه الحرف والأعمال المنزلية المندرجة ضمن الاقتصاد غير الرسمي.
التحول الرقمي يسهل عملية الاقتصاد غير الرسمي
ومع تنامي هذه الأنشطة، تسارع التحول الرقمي ليصبح واقعًا ملموسًا، انعكس في انتشار وسائل الدفع الإلكتروني، حيث تجاوز عدد المحافظ الإلكترونية في مصر 30 مليون محفظة، بالتوازي مع ارتفاع حجم المعاملات الرقمية ليصل إلى نحو 70% خلال الأعوام الأخيرة، وهو ما يوفّر بنية تحتية جاهزة لدمج الاقتصاد المنزلي غير الرسمي ضمن منظومة رسمية تدعم الإنتاج المحلي.

تبني الدولة لمنظومة الاقتصاد غير الرسمي
وفي حال تبنّت الدولة رؤية واضحة لدمج المشروعات غير الرسمية، أو ما يُعرف بـ"الاقتصاد المنزلي غير الرسمي"، فإن دمج 10% فقط من هذا القطاع قد يضيف مليارات الجنيهات سنويًا إلى الناتج المحلي الإجمالي، فضلًا عن توسيع القاعدة الضريبية دون فرض أعباء أو تعقيدات إضافية على أصحاب هذه المشروعات بعد تقنين أوضاعهم.

من قلب الحدث تتحدث مريم عن حرفتها
وفي هذا السياق، تقول "مريم محمد" وهي شابة تعمل في حرفة الإكسسوارات اليدوية المصنوعة من الخرز، إن مشروعها بدأ برأس مال لا يتجاوز 2000 جنيه، معتمدة على البيع عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
متوسط دخل مريم من مشروعها
وأضافت في حديثها لبلدنا اليوم، أنه يعمل معي أربع فتيات أخريات بشكل دائم، بالإضافة إلى مندوبين للتوصيل، لأن طبيعة الشغل تعتمد على الأونلاين والشحن من محافظة لأخرى، قائلة "إن متوسط دخلي الشهري وصل إلى نحو 20 ألف جنيه، وكل اللي محتاجاه هو تسهيل الإجراءات وتقنين الأوضاع عشان نشتغل بشكل رسمي ونكبر أكتر".

وتعكس تجربة "مريم" نموذجًا حيًا لقدرة الاقتصاد المنزلي غير الرسمي على التحول إلى رافد إنتاجي حقيقي، إذا ما توفرت له البيئة التنظيمية الداعمة، ليصبح أحد محركات النمو الاقتصادي المستدام في مصر.
في الختام، تؤكد التجربة أن العقول المصرية قادرة على تحويل الأفكار الصغيرة إلى مشروعات كبيرة، بفضل العزيمة والإبداع والمهارات المتجذرة في العديد من الحرف والمهن.
وتمكّن هذه القدرات أصحابها من تحقيق عوائد مالية مناسبة مقابل أعمالهم الجيدة، بما يعكس قيمة الجهد والإتقان.
ومن شأن تبنّي الدولة لهذه الطاقات ودعمها أن يُحدث تحولًا حقيقيًا في مفهوم عجلة الاقتصاد، ويعزز من قدرتها على النمو والاستدامة بشكل ملموس.