بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

مطرقة سماسرة العقارات تضرب كفر الشيخ.. "الأوفر" يصل إلى 350 ألف جنيه

بلدنا اليوم

بعد ثورة 30 يونيو، شهدت محافظة كفر الشيخ انفتاحًا ملحوظًا في سوق العقارات، تَمثّل في تنفيذ عدد كبير من المشروعات السكنية التي تستهدف خدمة شباب وأهالي المحافظة بمختلف مراكزها، وهو ما ساهم في التخفيف من حدة أزمات الإسكان المتراكمة على مدار سنوات.

 

المشروعات السكنية في محافظة كفر الشيخ 

وخلال أقل من عامين، جرى طرح عدد من المشروعات السكنية التابعة لمجلس الوزراء وتحت إشراف صندوق التنمية الحضرية، من بينها مشروعا "دارِه" و"صفوة"، اللذان شكّلا طوق نجاة حقيقيًا لشريحة واسعة من الشباب والأسر الراغبة في امتلاك وحدة سكنية كبديل عن الإيجار الذي أثقل كاهلهم، وبلغ إجمالي عدد الوحدات السكنية في المشروعين نحو 13 ألفًا و632 وحدة.

مساحات فاخرة وسماسرة تراقب 

ويقع المشروع الأول غرب مدينة كفر الشيخ على مساحة 108 أفدنة، بينما أُقيم المشروع الثاني شرق المدينة بالقرب من جامعة كفر الشيخ وموازيًا للطريق الدولي الساحلي، على مساحة 30 فدانًا. 

ويُعد المشروعان من أكبر المشروعات السكنية داخل محافظة بحجم كفر الشيخ، حيث قدّما حلًا جذريًا لمشكلة الإسكان، وحملا معهما حلم الآلاف من أبناء المحافظة في سكن آمن ومستقر.

انقلاب الصورة الوردية لمشروعات كفر الشيخ 

إلا أن الصورة لم تكن وردية بالكامل؛ فمع طرح الوحدات أمام المواطنين، شهد المشروعان إقبالًا كثيفًا نظرًا لملاءمة الأسعار مقارنة بالمساحات والخدمات المقدمة، غير أن مطرقة سماسرة العقارات لم تتوقف، إذ تحركوا بشكل منظم ومدروس، مستغلين الزخم الكبير على المشروعين، للدخول بقوة في عمليات الشراء وإعادة البيع، في محاولة واضحة لـ"الاصطياد في المياه العكرة".

السماسرة: بنشتري شقق ونبيع والمكسب تجارة 

وأكد أحد السماسرة "فضل عدم ذكر اسمه" أنه اشترى 3 وحدات سكنية بالمشروع الأول منذ بداية الطرح، عندما كانت الأسعار في متناول شريحة واسعة من المواطنين، موضحًا أنه أعاد بيع هذه الوحدات لاحقًا بأوفر تراوح بين 100 إلى 400 ألف جنيه للوحدة الواحدة.

 وأشار إلى أن هذه الزيادات شكّلت عائقًا كبيرًا أمام الراغبين في السكن، إلا أن كثيرين اضطروا للشراء، بعد مقارنة السعر النهائي بالسوق الحرة وأسعار العقارات خارج المشروع.

أحد المشترين في مشروعات صندوق التنمية 

وفي حديثه لـ"بلدنا اليوم"، قال أحمد شوقي، البالغ من العمر 35 عامًا وأحد الحاجزين بالمشروع، إنه اضطر إلى شراء وحدة سكنية هروبًا من الإيجار الذي يشهد ارتفاعًا متواصلًا دون ضوابط، موضحًا أنه أب لثلاثة أبناء، ويعمل في وظيفة مرموقة، لكنها لا تكفي لتغطية متطلبات الحياة المتزايدة.

وأوضح شوقي أنه يعيش حالة من التحدي المستمر للحفاظ على استقرار أسرته وتوفير حياة كريمة لأبنائه، مؤكدًا أن المعيشة في محافظة كفر الشيخ أصبحت لا تقل تكلفة عن الإقامة في أرقى مدن مصر، وهو ما يضاعف الأعباء المعيشية على الأسر متوسطة الدخل.

شوقي: لم أتمكن من سداد باقي الأقساط 

وأشار إلى أنه حصل على وحدة سكنية ضمن أحد مشروعات صندوق التنمية الحضرية بنظام التقسيط على 7 سنوات، حيث قام بسداد مقدم الحجز وعدد من الأقساط، إلا أنه بات يخشى عدم قدرته على الاستمرار في السداد خلال الفترة المقبلة، ما دفعه للتفكير في بيع الوحدة، في ظل عدم امتلاكه السيولة اللازمة لتغطية قيمة الأقساط الدورية، ومحاولاته المستمرة لتوفيرها من مصادر متعددة.

وأضاف شوقي أن قيمة القسط الواحد تبلغ نحو 75 ألف جنيه تُسدد كل ثلاثة أشهر على مدار مدة التقسيط، مؤكدًا أنه وقّع العقد وبدأ بالفعل في السداد، إلا أن تدخل السماسرة "على حد وصفه" كان له أثر مباشر في تضخيم أسعار الوحدات بشكل غير مبرر، من خلال قيامهم بشراء عدد كبير من الوحدات وإعادة طرحها للبيع بأسعار أعلى تحت مسمى "الأوفر"، وهو ما حمّل المواطنين أعباء مالية لا تتناسب مع القيمة الحقيقية للوحدات.

تصاعد جشع السماسرة يرهق الشباب 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تصاعد جشع بعض السماسرة ليشمل المتاجرة في استمارات حجز الوحدات، وبيعها للمواطنين مقابل مبالغ إضافية، ما خلق حالة من الاستياء وعدم الارتياح، في وقت تسعى فيه الدولة لتوفير سكن ملائم لشبابها وأسرها الأكثر احتياجًا، لتظهر هذه الظاهرة كعامل يهدد أحلام الكثيرين في الاستقرار السكني.

ومع زيادة الإقبال، ارتفعت أسعار الوحدات السكنية بشكل ملحوظ، مصحوبة بشروط وضوابط وُصفت بأنها مُرهقة لعدد كبير من المتقدمين، ما زاد من الأعباء الواقعة على كاهل المواطنين الساعين لامتلاك وحدة سكنية تؤويهم وأسرهم.

ظاهرة السماسرة وباء لا يمكن القضاء عليه

ولا تقتصر هذه الظاهرة على مشروعات محافظة كفر الشيخ فقط، بل امتدت إلى عدد من مشروعات الدولة الأخرى، في مشهد يثير تساؤلات حول آليات الرقابة والتنظيم، ويضع علامات استفهام بشأن حماية المستهدف الحقيقي من هذه المشروعات، خاصة شريحة الشباب التي تبحث عن سكن بسيط وآمن للهروب من دوامة الإيجارات التي أنهكت دخولهم.

تم نسخ الرابط