بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

البابا لاون في اليوم العالمي للسلام .. "سلام بلا سلاح يبدأ من القلب ويبنى على الثقة"

عظة البابا لاون في
عظة البابا لاون في اليوم العالمي للسلام

أصدر قداسة البابا لاون الرابع عشر رسالته، بمناسبة اليوم العالمي التاسع والخمسين للسلام، تحت عنوان: "السلام لكم جميعًا، نحو سلامٍ مُجرَّد من السلاح ويُجرِّد من السلاح"، مقدّمًا رؤية روحية وإنسانية عميقة تتجاوز المفهوم التقليدي للأمن، وتضع السلام في صميم كرامة الإنسان، ومسيرته الوجودية.

وأكد الحبر الأعظم في مستهل رسالته أن سلام المسيح القائم من بين الأموات، الذي يتجلّى في تحية "السلام لكم"، ليس مجرد هدف يُسعى إليه، بل هو حضور حيّ ومسيرة يومية، واصفًا إياه بأنه سلام متواضع ومثابر، صادر من الله الذي يحب الجميع بلا قيد، أو شرط.

واعتبر الأب الأقدس أن هذا السلام يمثّل ثورة صامتة في عالم يمزقه ما وصفه قداسة البابا فرنسيس سابقًا بالحرب العالمية الثالثة المجزأة.

وحذّر بابا الكنيسة الكاثوليكية من الانجراف وراء تصورات مشوّهة يغلب عليها الخوف، واليأس، داعيًا المؤمنين، وغير المؤمنين على حد سواء إلى الإصغاء إلى صوت السلام الذي يواجه الشر برجاء ثابت.

واستشهد قداسة البابا بكلمات القديس أوغسطينوس: إن أردتم أن تجذبوا الآخرين إلى السلام، ليكن السلام فيكم أنتم أولًا، مؤكدًا أن السلام، قبل أن يكون إنجازًا خارجيًا، هو مبدأ داخلي يوجّه الخيارات حتى في أحلك الظروف.

وفي محور الرسالة الثاني، شدّد عظيم الأحبار على أن سلام المسيح هو سلام بلا سلاح، مستحضرًا وصية يسوع لبطرس: اغمد السيف".

وانتقد قداسة البابا منطق تمجيد القوة العسكرية، معتبرًا أن تحويل السلام إلى فكرة مثالية بعيدة يدفع الشعوب إلى التعايش مع غيابه، بل وتبرير الحروب باسمه.

وفي هذا السياق، أعرب بابا الكنيسة الكاثوليكية عن قلقه إزاء الارتفاع القياسي للإنفاق العسكري العالمي، الذي بلغ نحو 2718 تريليون دولار في عام 2024، مندّدًا بثقافة الردع، لا سيما النووي، التي تقوم على الخوف بدل الثقة.

كذلك، نبّه البابا إلى المخاطر المتزايدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، لما يحمله من تهديد بتقليص المسؤولية الأخلاقية والسياسية، وزجّ الإنسانية في دوامة تدميرية غير مسبوقة.

وفي القسم الثالث من الرسالة، أشار قداسة البابا إلى أن لطف الإنسان يجرّد من السلاح، معتبرًا أن سرّ التجسّد، حيث صار الله طفلًا ضعيفًا، هو التعبير الأسمى عن قوة التواضع، داعيًا إلى الإصغاء إلى صوت الأطفال، والضعفاء، لأنهم قادرون على زعزعة المسارات الخاطئة التي اختارتها البشرية، كما أعاد التذكير برؤية البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين في رسالته "السلام على الأرض"، مؤكدًا أن نزع السلاح الشامل لا يتحقق إلا من خلال تجدّد القلوب والعقول، وبناء الثقة المتبادلة بدل توازن الأسلحة.

وفي هذا الإطار، دعا الحبر الأعظم الأديان إلى الاضطلاع بدورها الجوهري في تعزيز السلام، عبر تجاوز الانقسامات العرقية، والسياسية، ورفض استغلال الخطاب الديني لتبرير العنف، والصراعات، واصفًا ذلك بالتجديف، مشددًا على أهمية الصلاة، والحوار المسكوني، وحوار الأديان، بوصفها مساحات للقاء، وبيوتًا للسلام.

واختتم قداسة البابا لاون الرابع عشر رسالته بنداء صريح إلى القادة السياسيين، لاعتماد دبلوماسية تُجرِّد من السلاح، قائمة على الوساطة، واحترام القانون الدولي، وإعادة بناء العلاقات الدولية على أساس الثقة، والالتزام، معربًا عن أمله في أن يكون زمن اليوبيل مناسبة يكتشف فيها ملايين البشر ذواتهم "حجّاج رجاء"، فيبدؤون بنزع السلاح من القلوب، والعقول، والحياة، ليغدو وعد النبي إشعياء واقعًا: "فيَضرِبونَ سُيوفَهم سِكَكًا ورِماحَهم مَناجِل، فلا تَرفَعُ أُمَّةٌ على أُمَّةٍ سَيفًا، ولا يَتَعَلَّمونَ الحَربَ بَعدَ ذلك".

تم نسخ الرابط