بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

لماذا تزداد الفيروسات التنفسية في الشتاء؟ خبير مناعة يجيب

الدكتور مجدي بدران
الدكتور مجدي بدران

مع دخول فصل الشتاء وارتفاع معدلات الإصابة بالفيروسات التنفسية، تتزايد تساؤلات الأسر حول أسباب انتشار العدوى، ودور المناعة والفيتامينات، وأهمية لقاحات الإنفلونزا، خاصة مع انتشار الشائعات وحالة القلق بين الناس.

ويوضح الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة وخبير المناعة المصري، الحقائق العلمية الكاملة حول الفيروسات التنفسية وسبل الوقاية والفئات الأكثر عرضة للإصابة.

س: لماذا نشهد في الفترة الحالية زيادة في إصابات الفيروسات التنفسية؟

ج: هناك عدة أسباب رئيسية تقف خلف زيادة انتشار الفيروسات التنفسية في هذا التوقيت من العام.

أولا، انخفاض درجات الحرارة يدفع الناس إلى إغلاق النوافذ والتجمع في أماكن مغلقة ومزدحمة مع ضعف التهوية، وهو ما يسمح للفيروسات بالبقاء فترة أطول في الهواء وعلى الأسطح، ويزيد من تركيز الرذاذ الملوث.

ثانيا، الطقس البارد والجاف يقلل نسبة الرطوبة في الهواء، ما يساعد القطيرات الدقيقة الحاملة للفيروسات على البقاء معلقة لفترة أطول والانتقال لمسافات أكبر، وبالتالي ترتفع معدلات العدوى.

ثالثا، نلاحظ ضعفا موسميا في المناعة خلال الشتاء نتيجة نقص فيتامين د بسبب قلة التعرض لأشعة الشمس، وقلة الحركة، وزيادة التوتر وقلة النوم، وكلها عوامل تقلل كفاءة الجهاز المناعي.

كما أن زيادة السفر، والاختلاط في المدارس وأماكن العمل، وعدم الالتزام بغسل الأيدي أو ارتداء الكمامة، ومشاركة الأدوات، كلها بيئات مثالية لانتشار الفيروسات, يضاف إلى ذلك قلة الإقبال على تطعيم الإنفلونزا، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة، مما يسهل انتشار السلالات المختلفة.

س: هل نقص الفيتامينات أو ضعف المناعة يجعل فئات معينة أكثر عرضة للعدوى؟

ج: بالتأكيد، نقص فيتامين د في الشتاء يعد من أهم العوامل التي تزيد قابلية الإصابة بالفيروسات التنفسية, هذا الفيتامين يلعب دورا محوريا في تنشيط المناعة الفطرية وتحفيز إنتاج البروتينات المضادة للميكروبات، وعند انخفاض مستواه تقل قدرة الجهاز التنفسي على صد العدوى، وتزداد حدة المرض وطول مدته.

أما نقص فيتامين سي، فيؤثر سلبا على كفاءة خلايا المناعة ويقلل قدرتها على القضاء على الفيروسات، كما أنه يحمي خلايا الرئة من الالتهابات. نقصه يرتبط بتكرار نزلات البرد وبطء التعافي.

ضعف المناعة بشكل عام يجعل الأطفال وكبار السن والحوامل ومرضى الأمراض المزمنة أكثر عرضة للإصابة، خاصة مع قلة النوم والضغط النفسي والإجهاد.

س: هل لقاحات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية ضرورة طبية أم مجرد إجراء وقائي اختياري؟

ج: اللقاحات ضرورة وقائية تختلف أهميتها حسب العمر والحالة الصحية. فهي تقلل احتمال الإصابة بشكل ملحوظ، وتخفف شدة المرض والمضاعفات الخطيرة مثل الالتهاب الرئوي، كما تقلل نسب الحجز بالمستشفيات والوفيات في فصل الشتاء.

تطعيم الإنفلونزا يحمي الحامل والجنين، ويمنح الطفل بعد الولادة حماية تمتد حتى ستة أشهر، كما يحمي المجتمع ككل من خلال تقليل انتشار الفيروس وظهور متحورات جديدة، ويخفض خطر العدوى المزدوجة مع متحورات كورونا.

أما بالنسبة للأشخاص الأصحاء بين 6 و50 سنة، الذين لا يعانون من أمراض مزمنة ولا يخالطون فئات هشة، فاللقاح ليس إلزاميا لكنه يظل خيارا وقائيا مفيدا.

س: هل يجب أخذ لقاح الإنفلونزا كل عام؟ وما الفرق بين من يحصل عليه سنويا ومن لا يأخذه أبدا؟

ج: نعم، يفضل أخذ لقاح الإنفلونزا سنويا, الشخص الذي يطعم بانتظام يكون لديه جهاز مناعي مدرب وذاكرة مناعية محدثة، ما يسمح باستجابة أسرع وأقوى عند التعرض للفيروس.

أما من لا يحصل عليه أبدا، فتكون مناعته غير مهيأة للسلالات الجديدة، مما يزيد احتمالية الإصابة وشدة الأعراض,  مع التطعيم تقل الإصابة بنحو 70 بالمئة، وحتى إذا حدثت تكون أخف ومدة المرض أقصر، بينما بدون اللقاح تكون الأعراض أشد والمضاعفات أكثر شيوعا خاصة للفئات الهشة, كما أن التطعيم يقلل انتقال العدوى داخل الأسرة ويحمي غير المطعمين بشكل غير مباشر.

س: هل للقاحات آثار جانبية على مرضى الحساسية أو الأطفال؟ وكيف نميز بين الطبيعي والخطير؟

ج: الآثار الجانبية غالبا خفيفة ومؤقتة مثل ألم بسيط أو تورم مكان الحقن، حرارة خفيفة، أو فقدان شهية بسيط، وتختفي خلال يوم أو يومين.

الأعراض التي تستدعي القلق نادرة، مثل ارتفاع حرارة شديد فوق 39 درجة لا يستجيب للعلاج، تورم شديد متزايد في موضع الحقن، أو أعراض حساسية حقيقية مثل صعوبة التنفس، تورم الشفتين أو اللسان، طفح جلدي منتشر، دوخة شديدة أو إغماء.

كذلك السلوك غير الطبيعي عند الطفل مثل خمول شديد، بكاء مستمر، أو تشنجات، يتطلب مراجعة طبية فورية.

س: ما الفئات التي يجب أن تحصل على لقاح الإنفلونزا أولا؟

ج: الفئات ذات الأولوية تشمل كبار السن، الأطفال من 6 أشهر حتى 5 سنوات، الحوامل في أي مرحلة، الأمهات بعد الولادة، مرضى الأمراض المزمنة مثل الربو وأمراض القلب والسكر والكلى والكبد، المصابين بنقص المناعة، السمنة المفرطة، العاملين في الرعاية الصحية، المخالطين لكبار السن أو المرضى أو الأطفال الرضع، المقيمين في دور الرعاية، والمسافرين دوليا.

س: هل انتشار الشائعات حول الفيروسات سبب ذعر لدى الناس ودفعهم لتخزين الأدوية؟

ج: الشائعات غالبا تكون مبالغ فيها وغير مبنية على مصادر علمية، وتنتشر بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يخلق حالة خوف تدفع البعض إلى تخزين أدوية البرد والمضادات الحيوية, وهذا خطأ كبير لأن المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات، واستخدامها دون داع يؤدي إلى مقاومة بكتيرية خطيرة، كما أن تناولها مبكرا لا يمنع المضاعفات بل قد يضر بالصحة.

س: ما إجراءات الوقاية التي يجب اتباعها في فصل الشتاء؟

ج: الوقاية تبدأ بتعزيز المناعة من خلال غذاء صحي متوازن غني بفيتامين سي وفيتامين د، والتعرض المعتدل لأشعة الشمس، مع النوم الجيد وتقليل السهر واستخدام الشاشات قبل النوم.

من الضروري تعليم الأطفال غسل الأيدي جيدا، وتهوية المنازل يوميا، وتجنب الزحام قدر الإمكان، وعدم المبالغة في تدفئة الأطفال حتى لا يتعرضوا للتعرق ثم الهواء البارد.

كما ينصح بممارسة الرياضة والحركة المنتظمة، وتشجيع الأطفال على اللعب في الهواء الطلق خلال ساعات النهار المشمس.

الالتزام بالتطعيمات الأساسية ولقاح الإنفلونزا مهم جدا، خاصة للأطفال ومرضى الأمراض المزمنة.

والاكتشاف المبكر للأعراض مثل الكحة والزكام وارتفاع الحرارة يساعد على منع المضاعفات، مع عزل الطفل مؤقتا، وتخصيص أدواته، وتقديم السوائل الدافئة، والراحة التامة.

ولا يجب استخدام المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب، مع متابعة الحالة والتوجه للطبيب فورا إذا استمرت الحرارة أكثر من يومين أو ظهرت صعوبة في التنفس أو خمول شديد.

 

تم نسخ الرابط