وليد الغمري: الإعلام المصري يواجه أزمة عميقة منذ 2011
أكد الكاتب الصحفي وليد الغمري، رئيس تحرير موقع بلدنا اليوم، أن المشهد الإعلامي المصري يمر بأزمة عميقة ومتراكمة، بدأت ملامحها منذ عام 2011 مع حالة من الفوضى التي ضربت المنظومة الإعلامية، مشيرًا إلى أنه لو كان صانعًا للقرار آنذاك لعمل على ضبط هذا المشهد فور استقرار الدولة، حفاظًا على دور الإعلام وأمنه المهني والوطني.
وأوضح الغمري، خلال الحلقة النقاشية التي نظمها موقع الحرية حول مستقبل الإعلام، أن التخوف من الإعلام والثقافة ساد لفترة طويلة، وترك انعكاسات سلبية واضحة، ليس فقط على الصحفيين، بل على منظومة التشريعات ذاتها، التي شهدت تغييرات متلاحقة أفرزت أزمة قانونية حقيقية باتت في حاجة ماسة إلى مراجعة شاملة وتعديلات جذرية.

وأشار إلى أن الإعلام المصري وصل إلى مرحلة جرى فيها “بتر” معظم أذرعه المؤثرة، ما أفسح المجال لمنصات خارجية لشن هجمات متواصلة دون وجود رد رسمي منظم، لتتحمل الاجتهادات الفردية للصحفيين عبء الدفاع عن الدولة والأمن القومي، دون تكليف أو غطاء مؤسسي.
ولفت الغمري إلى أن حديث رئيس الجمهورية عن إعداد خارطة طريق لتطوير الإعلام يُعد اعترافًا واضحًا بوجود خلل كبير في المنظومة، مؤكدًا أن البلاد تقف أمام محطة فارقة تتطلب البناء الجاد على هذه الرغبة السياسية، سواء من داخل لجان تطوير الإعلام أو عبر حوار مجتمعي أوسع.

وفيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية للمهنة، شدد رئيس تحرير بلدنا اليوم على أن صناعة الإعلام تشهد حالة انهيار حقيقية، تتجلى في معركة الصحفيين لتطبيق الحد الأدنى للأجور، واصفًا إياها بأنها معركة لا تليق بمهنة يفترض أنها تحمل هموم المجتمع والدولة. وأضافلا يمكن لصحفي يعاني اقتصاديًا أن يؤدي دوره المهني أو يدافع عن قضايا وطنه، وهو عاجز عن تأمين احتياجات أسرته”.
وأكد الغمري ضرورة ضخ استثمارات حقيقية في مختلف قطاعات الإعلام، إلى جانب إعادة فتح سوق الإعلانات الذي بات محتكرًا من قبل كيانات محددة، بما يضمن بيئة تنافسية عادلة ومستدامة.

وفي سياق متصل، دعا إلى توفير مساحة أوسع من الحرية تتيح للصحف والمواقع الإبداع والمنافسة، مشيرًا إلى أن التحسن النسبي في الأوضاع لا ينفي وجود حالة من الرقابة الذاتية لدى بعض الصحفيين، فرضها المناخ العام، فضلًا عن أن تكرار القبض على بعض الزملاء يبعث برسائل سلبية تؤثر على مناخ العمل الصحفي.
وحول دور نقابة الصحفيين، أوضح الغمري أن ما أصاب المهنة انعكس بدوره على أداء مجلس النقابة، الذي يسير – بحسب وصفه – بقوة القصور الذاتي، مع غياب فاعلية بعض أعضائه. وأشاد في الوقت نفسه بأداء نقيب الصحفيين الحالي خالد البلشي، مؤكدًا أنه قدم أداءً جيدًا رغم المخاوف التي صاحبت توليه المنصب كأحد أبرز صحفيي المعارضة.
وشدد على أهمية تعديل قانون نقابة الصحفيين بما يتماشى مع المتغيرات الراهنة، معتبرًا أن ضم صحفيي المواقع الإلكترونية للنقابة بات ضرورة لا تحتمل التأجيل، ويمكن إنجازه عبر معايير وضوابط واضحة.
كما أشار الغمري إلى وجود حالة انفلات عام داخل المهنة، يتحمل الجميع مسؤوليتها، لافتًا إلى أزمة ازدواجية السلطات بين المؤسسات، حيث تخضع المواقع الإلكترونية للمجلس الأعلى للإعلام، بينما يتبع الصحفيون نقابيًا لنقابة الصحفيين، ما يستدعي إعادة تنظيم وتوزيع الاختصاصات.
وفيما يتعلق بانتخابات مجلس النواب، وصف الغمري الأداء الانتخابي بأنه “سيئ للغاية”، مشيرًا إلى أن هذا القصور رُصد على أعلى مستويات الدولة، وهو ما دفع رئيس الجمهورية للتعليق عليه. وأضاف أن البرلمان القادم مكتمل شكليًا من الناحية الإجرائية، لكنه يفتقر إلى الشرعية الشعبية، في ظل ضعف المشاركة واعتماد المشهد على المال السياسي.
واكد الغمري على ضرورة تعديل قانون الانتخابات، مشددًا على أن نظام القائمة المغلقة أثبت فشله، ولم يعد ملائمًا لتحقيق تمثيل حقيقي يعكس إرادة الشارع.



