أفلام في قبضة السلطة.. «السينما والرقابة من فاروق إلى السيسي»

منذ نشأتها فى بدايات القرن العشرين والسينما المصرية مرت بمراحل كثيرة وتقلبات أكثر، منها ما شكل أزمات ومنها ما مر مرور الكرام، وفى هذا التقرير سنحاول تسليط الضوء على بعض هذه المراحل ويأتى على رأسها تلك التى تتدخلت فيها الدولة سواء بالوصاية أوبالأمر المباشر لمنع بعض الأفلام من العرض نظرا لما تثيره من جدل، وسنتناول هنا العهد الملكى ونقصد هنا الملك فارق، ونحن نعلم أن هناك من يملك افتراضات مسبقة بأن تلك الفترة من تاريخ مصر كانت فترة ليبرالية ينعم فيها الجميع بحرية التعبير ولا تشوبها شائبة وهذا افتراض خاطئ، كما يطول خطأ هذا الافتراض باقى فترات تعاقب السلطة فى مصر ورغم اختلاف توجهاتها الا أنها جميعا اشتركت فى انها منعت بعض الافلام تحت دعوي الدين، الجنس، السياسة، وغيرها من الأمور. بداية سنذكر الرقابة بصفتها أحد الاركان الهامة ونحن نتناول موضع كالذى نحن بصدده، فحتى عام 47 لم يكن فى مصر هيئة رقابية ع الافلام بالاساس، ثم فى نفس العام 1947 أصدرت إدارة الدعاية والإرشاد التابعة لوزارة الشئون الاجتماعية لأول مرة قانوناً للرقابة الفنية فى مصر وكان هذا على غرار القانون الأمريكى الذى صدر فى عام 1946 ، ومنذ ذلك الحين أصبح هو أكبر أداة وصاية من الدولة تحت دعوى عناصر عدة أهمها كما ذكرنا الدين، السياسية، الجنس.ومن وقتها تم منع أعمال كثيرة بأمر من السلطة الحاكمة والتى سنتاول منها هنا عهد الملك الفارق والافلام التى أثارت جدلا ومنعت فى عهده، ولكن قبل ذلك يجب أن نشير أن السينما بطبيعة الحال منذ ولادتها وقد ولدت معها معاناتها، فحتى قبل عهد فاروق وبالتحديد فى عهد الملك فؤاد عام 1926 عندما هاجمت مشيخة الأزهر يوسف وهبى بسبب مشاركته فى فيلم ألمانى تركى عن حياة النبى محمد(ص) وقد هدد الملك يوسف وهبى بالنفى خارج البلاد وسحب الجنسية المصرية منه، وايضا تم منع فيلم " أولاد الذوات" عام 1932 بعد يوم واحد من عرضه بسبب إحتجاج الخارجية الفرنسية على بعض المشاهد فيه حيث أن قصته تدور حول راقصة فرنسية تقع فى حب شاب مصرى، وهذا الفيلم يعد أحد العلامات فى السينما المصرية فهو أحد اوائل الأفلام الناطقة، والفيلم تم تصوير بعض المشاهد فيه خارج مصر وقام ببطولته يوسف وهبى وأمينة رزق، وأخرجه محمد كريم.1- فيلم «لاشين»هذا الفيلم من اخراج الألمانى "فريتزكرامب" عام 1938وهو من أول الأفلام التى أدخلت السياسة على السينما ان لم يكن أولها على الاطلاق، فالبعض يعتبره المبشر الأول بثورة يوليو التى أطاحت بالملك فاروق منهية بذلك عهد الملكية المصرية حتى وقتنا هذا، والفيلم انتج عام قبل أن تطيح ثورة يوليو بالملك بأربعة عشر شهراً بالتمام، والفيلم الذى كتب السيناريو له الشاعر أحمد رامى تدور أحداثه حول "لاشين" قائد الجيش الذى يعاصر فترة حاكم ظالم متعدد العلاقات النسائية غارق بملذاته حتى أهمل شئون رعيته وترك أمرهم بيد وزير ظالم بذر الظلم بطول البلاد وعرضها وعندما يحاول " لاشين " التصدى للوزيرالظالم يتم إيداعه داخل السجن وكأنه تجسيد للعدالة التى تم حبسها، الفيلم بطولة حسن عزت الذى درس التمثيل فى فرنسا وكن هذا أول وآخر فيلم له، بعد أن مُنع عرض الفيلم بأمر من السرايا الملكية معللين ذلك بأنه يلمح الى شخص الملك.2-فيلم «ليلى بنت الصحراء»هذا الفيلم الذى انتج عام 1937 أى قبل وجود الرقابة الفنية فى مصر الا انه تم منعه بالأمر المباشر من الملك فاروق حيث أن الفيلم تدور قصته حول ظلم كسرى ملك الفرس الذى يحاول خطف فتاة من حبيبها عنوة وتصل الأحداث الى أنه تم اقتحام قصر كسرى وقتله وهذا الفيلم تم منعه لسببين أولهما هو زواج الأميرة فوزية أخت الملك فاروق من شاه إيران وهذا الفيلم قد يؤثر على العلاقة بين البلدين، وثاني الأسباب أن الفيلم به تحريض لتجرأ العام على شخص الملوك وهو ما خشاه فاروق.3- فيلم «من فات قديمه تاه»هذا الفيلم يعد استثناء من نوع خاص، لأنه وان وافقت عليه السلطة الا أنه كان تحت عين فاحصة من المشاهدين وبالأخص الوفديين حيث إعترضوا على الفيلم وهاجموه وضغطوا لمنعه وأعتبروا أنه يشهر بزعيم الحزب مصطفى النحاس وزوجته زينيب الوكيل، فتم منع عرضه والفيلم بطولة عبدالفتاح القصرى ومارى منيب وحسن فايق وسامية جمال، إخراج فريد الجندى.4- فيلم «مسمار جحا»هذا الفيلم عن قصة أحمد باكثير، تم انتاجه عام 1952 بطولة إسماعيل ياسين وكمال الشناوى وعباس فارس، إخراج إبراهيم عمارة، تدور أحداث الفيلم حول جحا وهو خطيب مفوه بمدينة الكوفة يحرض الشعب على رفض الإحتلال ومقاومة الظلم الواقع عليهم من الحاكم، وهذا ما سيغضب السلطات مما جعلها تسعى للزج به فى السجن حتى يذعن لها ويتوقف عن تحريض الناس، الفيلم تعارض مع السلطة الحاكمة وقتها نظراً لما يثيره من مساوئ الاحتلال، وقد منعته الرقابة ورأيت أنه يتعرض لشخص الملك فارق، إلا أنه تم رفع الحظر عنه بعد الثورة وتم عرضه. لم تنته سلسلة الأفلام التى منعتها السلطة سواء لأسباب سياسية، أخلاقية، دينة أو غيرها وفى الحلقة القادمة للأفلام التى منعت فيما بعد ثورة يوليو وهى حقبة غنية بالأحداث ..إلى ملتقى.إقــــــــــــــــرأ الحلقة الثانية من «أفلام في قبضة السلطة» «عهد الرئيس عبدالناصر» (أضغط هنا)إقـــــــــرأ الحلقة الثالثة من «أفلام في قبضة السلطة»«عهد الرئيس السادات» ( أضغط هنا )