بين الواقع والسينما.. بضع ساعات في قطار ما

العاشرة مساءًا عائدة من عملي كالمعتاد، على وجهي ملامح التعب والإرهاق، لا أرى أمامي سوى أشباه أشخاص ، بالكاد أميزهم حتى لا اصطدم بهم، نزلت إلى محطة السكة الحديدية، وجلست في إنتظار القطار أراقب المارة في غير مبالاة، ولكن لفت انتباهي شخص يجلس بجواري وعليه ملامح حزن شخص كأنه عرف لتوه انه من أهل النار، تحرك الشاب فجاءة ناحية الرصيف وهو ينظر ناحية القطارالقادم نظرة لم أراها في حياتي من قبل، وكأنه يقول لسائق القطارعسى أن لا أتالم.
انتهى كل شئ في لحظة، نظرت حولى حتى ارى أهى الكاميرا الخافية، اين الكاميرات ولماذا لم يُصيح المُخرج بكلمة الخاتمة «stop»، لم أجد شيئًا، فأدركت أنها لم تكن مشهد سينمائيا.
الأمر المحير أنه دائما لكل منا موقف لن ينساه في السكك الحديدية تحديدا، حيث ارتبطت بالحزن والفرح والرومانسية والوداع، وحتى بداية حياة جديدة، وهناك أفلام أستخدمت القطارات بشكل عبقري، مثل فيلم ساعة ونص، عام 2012 للمخرج وائل إحسان، حيث تدور أحداث الفيلم داخل قطار ويستعرض قصص وحالات إنسانية مؤثرة، ولعل أبرز المشاهد التي أبكتنا جميعًا رُغما عنا مشهد الفنانة الراحلة كريمة مختار والفنان إياد نصار.
وقطار آخرفي مسلسل يأخذنا الى ذكريات طفولتنا وأيام الشتاء في شهر رمضان وسط لمة العيلة، وهومسلسل «اليل وأخره»، عام 2003 ، بطولة النجم يحي الفخراني والفنانة نرمين الفقي، حيث تدورأحداث المسلسل عبر ذاكره" رحيم" البطل، وهو في رحلة سفره في القطار، ويروى ذكرياته التي ابكتنا ووجعت قلوبنا لفراق محبوبته "حسنات"، وايضًا جمع بينهما القطار، فأصبح القطار كأنه خط دراما أساسي في القصة، جمع بينهما القطار في النهاية.
فيلم النمروالأنثي للنجم عادل إمام والفنانة آثار الحكيم، حيث مشهد نهاية القصة بينهم وأشهر جملة له:«لو كنا في زمن غير الزمن اللي أحنا عايشين فيه، كنا إتجمعنا تحت سقف واحد»، وردها عليه قائله:«لو!».
وقطارفيلم "حين مسيرة "، في المشهد الأخير حيث جمع المشهد شمل العائلة الأب والأم والأبن الذي كان فوق القطار، دون أن يعرفوا، في دراما عبقرية وحنكة فنية.
قطار الحزن يصل محطة الكوميديا
لم تخل السكك الحديدية من الكوميديا ايضًا ، حيث المواقف الكوميدية التي تقابلنا في رحلة السفر، وتعاملنا مع الغرباء، والتي يجسدها فيلم بيبو وبشير، مشهد بين الفنان باسم سمرة والفنان آسريس، وكذلك فيلم عسكر في المعسكر بين الفنان محمد هنيدي والفنان ماجد الكدواني.
بعد كل تلك المشاعر المختلفة والمواقف العديدة في السكك الحديدية وارتباطه بذكرياتنا، سواء السعيدة أم الحزينة، ستظل السكك الحديدية بأحداثها ومواقفها ملهمة للفن ولتجسيد الحياة الواقعية وما يحدث فيها، نتعجب الآن من كونه أصبح أداة للتخلص من ثقل تلك المشاعر وإنهاء الشعور بها، عن طريق إستخدامها مؤخرًا في الأنتحار.