بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

لقاء خاص لـ"بلدنا اليوم" من داخل منزل سيدة الرزق الحلال.. صور

بلدنا اليوم
كتب : دينا سليمان

داخل إحدى الشوارع الشعبية بمنطقة ناهيا البلد التابعة لمركز شرطة كرداسة بمحافظة الجيزة، في منزل تحت الإنشاء لم نرى منه سوى غرفة كبيرة "صالة" لا يوجد بها من الأثاث سوى بعض المقاعد القطنية على الأرض تحيط بجوانب الغرفة، بإحدى جوانبها تجلس سيدة وأمامها شعلة نار عليها "براد الشاي" وصينية بها العديد من الأكواب الفارغة ومستلزمات كوب الشاي المصري الأصيل، الوضع الذي استرجع الزمن عن البيوت المصرية القديمة التي يكون حرصها وشغلها الشاغل هو إكرام الضيف بمجرد دخوله، ودائما تكون «كوباية الشاي» بالعامية هي سبيل ضيافتهم.

لقاء سيدة الرزق الحلال

وسريعًا ركزت في المكان أثناء استقبالنا وجدنا سيدة كبيرة في السن ولكن ملامح وجهها تشع منه الحيوة والتفائل والرضا فهو أسم على مسمى لكونها «الحاجة رضا» التي أصبحت حديث «السوشيال ميديا» خلال الساعات القلية الماضية، التي تداول لها فيديو يتضمن ظهورها وهي حاملة على رأسها أشياء وألتقى معها «مذيع الشارع» أحمد رأفت، وسألها عن موافقتها للمشاركة في مسابقة وفي حالة إجابتها الصحيحة ستحصل على جائزة، وقام بسؤالها عن الحجاب الذي ترتديه ما أسمه وكانت إجابتها «خمار» فكان رده مبروك كسبتي معانا الجائزة التي كانت عبارة مبلغ مالي، وفي حالة من التردد بين قبولها ورفضها استغرب المذيع وطلب منها أخذ المبلغ فردت بتلقائية: «مش عارفة هي حلال ولا لا» ليرد الأخر: «أكيد ليه مش حلال» لترد السيدة الغارقة في عرقها من التعب والشقى: «أصل مشقتش بيهم».

لقاء سيدة الرزق الحلال

لقاء سيدة الرزق الحلال

لقد وجدتها تجلس في منتصف الغرفة ترتدي عباءة سوداء وعلى منتصفها السفلي غطاء من القطيفة، استغربته لأن الجو يبدو جيدًا ليس ببارد اقتربت منها وسلمت عليها، وجلست بجوارها وبدأ تداول الحديث بيننا قبل اللقاء، الذي أسعدني جدًا وملئ قلبي بهجة وسعادة من حالة الرضا التي تعم هذه السيدة البالغة من العمر 55 سنة، ولديها 5 من الأبناء زوجت 4 منهم وباقي "خالد" ابنها الأصغر التي مازالت تعمل حتى تطمئن عليه وهو مسئول عن بيت وأسرة مثل أشقاءه.

لقاء سيدة الرزق الحلال

لقاء سيدة الرزق الحلال

لقاء مذيع الشارع

بدأت اللقاء وكان بالترحيب بالحاجة «رضا» أم سيد كما يطلق عليها في منطقتها وبين معارفها، وسألتها عن لقائها في برنامج «مذيع الشارع» التي أوضحت أنه تم تصويره قبل شهر رمضان المبارك، وإنها كانت في طريقها للعودة من عملها أمام نادي الجزيرة فهي تعمل «خبازة».

لقاء سيدة الرزق الحلال

لقاء سيدة الرزق الحلال

وأضافت إنها أثناء وقوفها في انتظار الأتوبيس؛ لتعود إلى منزلها بعد يوم عمل شاق في عملها المجهد، وعلى رأسها شنطة مُحملة بالخبز، فجأة وجدت أمامها شخص في يده «مايك» يقول لها «أهلا ازيك ياحاجة عاملة إيه»، ردت عليه الترحيب ثم قال لها «هسألك سؤال لو جاوبتي صح هتاخدي جائزة» واستكمل الحوار بينهم الذي سبق وتم ذكره في السطور السابقة، وفي نظرة تفائل قالت «الحاجة رضا» في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم»: «أنا اتلخبط ومكنتش عارفة اعمل ايه أخد الفلوس ولا لاء».

لقاء سيدة الرزق الحلال

وتابعت: «هو يعني أي حد يوقف حد ويعطيه فلوس ياخدها كدا على طول!! لا طبعا لازم يكون عارف مصدرها حلال أم حرام».. كلام قوي لا يستطيع الكثير من أصحاب الجاه والثقافة البوح به، سيدة تعمل وتشقى وفي أمس الإحتياج، بهذه العقلية الأمر الذي جعلني أفتخر أنني أجلس بجوار هذة المرأة التي تستحق أن تلقب بكثير من الألقاب (المرأة الحديدية، و الأم المثالية، وسيدة الأخلاق، وسيدة الرزق الحلال)، وغيرها الكثير من الألقاب التي تستحق أن توصف هذة السيدة.

لقاء سيدة الرزق الحلال

استكملنا حديثنا فذكرت لي «أم سيد» أنه في هذا اليوم بحثت كثيرًا بين زملائها على مبلغ سلف، لأنها لا يوجد معها سوى 7 جنيهات وكان متبقي على استكمال أجرة المواصلات حوالي 2 جنيه ونصف، ولأنها لم تتلقى استجابة من أحد بتسليفها لأنها كما وصف «الناس ظروفها صعبة» خرجت من عملها وهي حزينة وعقلها في حالة تفكير «هروح ازاي» ولأن كرم ربنا كبير بعباده أرسل لها هذا المبلغ عن طريق ماحدث.

وأكملت «سيدة الرزق الحلال» حديثها قائلة أخدت الفلوس وعادت إلى زملائها في العمل بنادي الجزيرة، وقامت بتوزيع جزء منه عليهم قبل أن ترجع إلى منزلها.

لقاء سيدة الرزق الحلال

دروس الرزق الحلال

وهنا تلقينا الدرس الثاني في العطاء والقلوب الرحيمة ببعضها البعض، سيدة تحتاج لكل جنيه وبعد أن رزقها الله لم تأخذ عطائها لها وإن فعلت لم تكن ارتكبت خطأ، ولكنها أردات أن تسعد القلوب كما أسعدها رب العباد.

بعد تلك الدروس الهامة تتركنا للحديث عن حياتها الشخصية التي روت أنها أرملة وإن نصيبها في الزواج أن زوجها كان من أصحاب المرض وإنها لم تستمتع بحياتها كزوجة سوا عام واحد، ثم مرض زوجها وما كان عليها سوى أن تكون زوجة أصيلة وتقف بجواره فخرجت للعمل منذ 35 عامًا وأستمرت تعمل حتى الأن رغم أنها أم لـ 5 أبناء، ذكرت إنها لم تقبل على تعليمهم في المدارس بسبب ظروفها إلا أنها زرعت بداخلهم الأخلاق والأحترام.

لقاء سيدة الرزق الحلال

حادث أليم ينتهي بعاهة مستديمة

وأضافت إنها تعرضت لحادث أثناء عملها رغم أنها أصيبت بعاهة مستديمة في يدها اليسرى وهو قطع أوردة وشرايين أحد أصابعها، إلا أنها تعمل رغم الألم التي تشعر به، بالإضافة إلى إنها مصابة بإعاقة في قدمها بسبب إعطائها حقنة بالخطأ وهي صغيرة وهو سبب غطائها الذي لاحظته عند دخولى لأنها لا تستطيع أن تثنيها، رغم كل هذة المعاناة إلا أنها لا تقبل أن تطلب من أحد المساعدة وخاصة أنها ترى أن أبنائها في حالة احتياج ورغم أنهم متزوجين إلا أنها مازالت تساعدهم جميعا في حياتهم وفي تربية أحفادها البالغ عددهم 12 حفيد.

واختتمت «سيدة الرزق الحلال» حديثها بأمنية إنها إذا أكرمها الله بأي مبلغ لأن تسعد به وحدها سوف تقوم بمساعدة المحتاجين وخاصة المرضى لأنها تعلم جيدًا احتياج المريض للعلاج وتعب أهله إذا كانوا يعانون من ضيق الحال، كما تمنت السعادة لأبنائها وتوسيع رزقهم بالحلال وأن يكونوا دائمًا يد واحدة، وإنها تريد زيارة بيت الله الحرام.

لقاء سيدة الرزق الحلال

فطار الرئيس السيسي

وأضافت أن آخر أمانيها مقابلة الأب الكبير للشعب المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي علمت أنه في كل عام في شهر رمضان يشهد فطار جماعي لعدد من أفراد الشعب التي تريد أن تكون أحد الحاضرين.

والتقطت أطراف الحديث «أم سيف» ابنة الست رضا، التي أعربت عن سعادتها وفخرها بوالدتها التي أصبحت حديث الجميع، والتي ذكرت أن أمها تستحق الكثير والكثير لأنها بالنسبة لهم رغم أن لديهم حياتهم الخاصة السند والعون، وتتمنى أن والدتها تذهب للحج، وبعد لحظة صمت وعيون تبدو تتساقط منها الدموع قالت الابنة: «أمي تعبت وتستاهل كل حاجة حلوة ونفسنا نريحها بس الظروف دي هي لسه بتساعنا في حياتنا حتى الأن».

سيدة الرزق الحلال

لقاء سيدة الرزق الحلال

والتقط أطراف الحديث «سيد» الابن الأكبر لـ«سيدة الرزق الحلال» البالغ من العمر 31 عامًا، الذي وصف نفسه رجل البيت بعد وفاة والده وبعد أمه الذي يعتبرها رجل البيت الذي يفتخر بها ويتمنى من الله أن يطيل في عمرها لأنه لا يستطيع العيش بدونها.

سيدة الرزق الحلال

انتهى لقائنا مع السيدة الحديدية التي تتحمل مسئولية 17 شخصًا من أبناء وأحفاد، تسعى بكل ما تملك من قوة لتسعدهم على قدر استطاعتها ومشاركتهم في تحمل أعباء الحياة الثقيلة المشفقة عليهم منها.

لقاء سيدة الرزق الحلال

تم نسخ الرابط