أحمد الجويلي يكتب.. "المملكة المتحدة وعودة الفكر الاستعماري القديم!"

كتب: أحمد الجويليلفت انتباهي وانا اتابع عن كثب ما تحققه مصر من مراكز و ميداليات أولمبية في دورة الالعاب الاوليمبية طوكيو 2021، وإذا بي أكتشف أن السيد جوجل المحرك البحثي "الأمريكي" الأول في العالم يعرض المراكز الأوليمبية للدول المشاركة،
وبغض النظر عن كون تواجد الرياضة المصرية في مراكز متأخرة عالمياً، ولكن وجود المملكة المتحدة "بريطانيا" في المراكز الأولى دولياً هو ما لفت انتباهي.
ولم يكن هذا هو الغريب بحد ذاته ولكن كان الأغرب هو عودة الاسم الاستعماري القديم للمملكة المتحدة بشكل مباشر وصريح "بريطانيا العظمى -Great Britain" واللافت ايضاً أن ذاك الأسم هو ما بدأ السيد جوجل يعرضه على كافة وسائل التواصل الالكترونية المختلفة، والمتعلقة بالانشطة الرياضية والثقافية الغير رسمية للمملكة المتحدة.
وما اود ان اعيده علي مسامع الجميع ان الاعلام بكل اشكاله جزء أصيل من السياسة العالمية، كما أن الرياضة والثقافة والفنون قوة لا يستهان بها فهي قادرة على غرس قيم وأفكار تمتد لأجيال، فإن الفكرة بحد ذاتها اقوى من مليارات الاطنان من القنابل الذرية والعنقودية المتطورة، وكون ان لا وجود للصدف في هذه الملفات هو ما يجعلها تحمل طابع الخطورة !
وبالعودة إلى تعريف السيد هولستي عن الأمن القومي: هو الأهداف التي تسعى الدولة لتحقيقها عبر وضع السياسات والبرامج وتوسيع نفوذها في الخارج وحتى " محاولة التأثير أو تغيير سلوك الدول الأخرى".
أي انه التأثير بكل الأشكال الممكنة وتغيير عادات وسلوكيات الدول الاخرى، التي قد يخرج منها يوما ما سلوك عدائي او حتى يكون عائق أو تحدِ، أمام تطلعات وتطبيق سياسات وبرامج الدول الكبرى.
هذا ما دفعني للبحث بشكل أكبر والتدقيق وسؤال العديد من المصادر، فوجدت تصريح غاية في الغرابة والقوة منذ ما يقرب من عام ونصف، منشور لدى بعض الوكالات الدولية التي تهتم باستراتيجية تعزيز القوة المسلحة في العالم، كان التصريح على لسان قائد القوات البحرية البريطانية في "باب المندب -اليمن"،
حال وصول التعزيزات اللوجستية للبحرية البريطانية، كان التصريح كالتالي:
نحن وجميع القيادات البريطانية نُدرك خطأنا الأستراتيجي التاريخي عام 1956 بالوقوف عاجزين والسماح بإرادتنا "لخروج ملف إدارة قناة السويس من يد بريطانيا العظمى" وها نحن على الخطى لتصحيح أخطاء الماضي، لعودة بريطانيا العظمى إلى أمجادها من جديد.
تعجبت كثيرا من هذه الكلمات المباشرة الصريحة، وتعجبت أكثر حول ان هذا التصريح لم ينتشر في أي من وسائل الإعلام العربية او المصرية هل لضعف الالية الاعلامية فنياً وتقنياً بعدم تتبعهم الأخبار الدولية .. أم لضعف القدرة السياسية "الإعلامية"!؟
ومن يتابع الصحف الاسرائيلية ومصادر المعلومات الغير رسمية لديهم والتي يتم تسريبها عن عمد سيجد أن كافة التصريحات عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في الاقليم يكون نتاج ضوء اخضر "بريطاني أميركي" لتلك العمليات،
وحتى لا نخرج خارج الاطار في تشعب حتى وان كان "مثمر ومطلوب" ولكن علينا ان نُدرك ان السياسات الاستراتيجية للدول الاستعمارية لا تأتي بمحض صدفة او أخطاء فردية عادية أو مجرد حرية للتعبير، ولكنها تمشي وفقاً لبرامج وسياسات قصيرة وبعيدة المدى لتهيئة الرأي العام العالمي لعودة المارد القديم التي سقطت أنيابه على يد المناضل الكبير "الشعب المصري" العظيم.
فان وجدت صفحة الاولمبياد تُطلق بعد غياب عقود لفظ "بريطانيا العظمى" فاعلم أن الامر ليس صدفة ولكنه ترتيب جديد، وان المارد الامريكي حتماً فقد الكثير من هيبته،
وكأن قيادة العالم تتم بشكل ديمقراطي متسلسل كل عدة عقود او قرون حسب المتغيرات العالمية للشعوب وذلك من قبل مجلس أممي دولي يجمع كل الاجناس .. فكرة مجنونة سيطرت علي مخيلتي لفترة طويلة، ولكني لا اريدك سوى ان تعلم انك أنت المستهدف، ولماذا؟
لأنك وحدك العائق، انت المنطقة التي لديها الموارد التي يعيش عليها العالم، لذا للحفاظ على تلك المقدرات، لابد أن نطلق الدعم بشكل لا محدود للثقافة والفكر والفن "القويم" وعدم الاستسلام لتلك المحاولات المستميتة بفرض واقع الهيمنة على الثقافة والفكر في مصر والوطن العربي، فنحن اصل الفنون وقوة الثقافة حتى في أقدم العصور.
نحن الهُوية بحد ذاتها نحن التاريخ والقوة بهيبتها والتواضع بسماته لذلك تتداعى علينا الامم والاجناس .. محاولات السيطرة الداخلية في الدول العربية على الاعلام والثقافة والفنون هي محاولات بائسة غير مجدية وان كان الهدف منها نبيل لإحكام التسريب والتسلل الخارجي،
فإذا كانت التنمية الإقتصادية والمالية هي عصب الحياة، فإن الثقافة والفكر هي الروح التي بدونها يبلى الجسد واعصابه في الفناء بلا نفع ليتحول في النهاية إلى ذرات التراب!
فإن لم ننتبه ولم نسير وفق استراتيجية واضحة مرتبطة بخطة زمنية محكمة وإعطاء الخبز لخبازه، تتداعى علينا الأمم وتُقيد إرادتنا كُرهاً وبشكل قسري حتى وإن بدا لنا غير ذلك..
وفي السلام ختام.