«غفلة المونديال».. أسرار وخبايا مذبحة «بولاق الدكرور»

الجمعة 22 يونية 2018 | 07:44 مساءً
كتب : محمود صلاح- حسن سمير

طلاسم منقوشة بيد من حديد على مفاتيح جريمة مقتل سيدة وطفلتيها، بمنطقة بولاق الدكرور، لا يستطيع أحد فك شفراتها، الغموض اكتنف كل جوانبها، حتى أن رجال الحكومة غلبت عليهم الحيرة في تحقيقاتها، وعجزوا عن تحديد هوية مرتكب ذلك الفعل الذي تقشعر له الأبدان، السبب الذي أثار الجدل والتساؤل بين سكان المنطقة، وقذف الخوف في قلوبهم، حتى سيطرت على وجوههم علامات الحزن والألم بسبب ماحدث لهذه العائلة.

 

أمر غريب يلفت الأنظار، فور دخول المنطقة الشعبية، وبالتحديد عند الشارع الرئيسي الذي تقطن فيه هذه العائلة، عقارات عالية مُعلقًا عليها الزينة والفوانيس احتفالًا بشهرٍ مضى، ويجلس أمامهم رجال تتراوح أعمارهم ما بين الستين والسبعين عامًا، تتلاعب على وجوههم علامة الحزن، وتخرج منهم ألفاظ غريب تجعلك تتوقف قليلًا لتتعرف على ما بينهم.

من بين هولاء عم «خالد» البالغ من العمر ستين عامًا، مضجعًا في جانب من الجالسين، وتتلاعب عيناه يميًا ويسارًا في الشارع، وبسؤاله عن الجريمة بدأ حديثة لمحرري «بلدنا اليوم» قائلاً: «كنت قاعد في الشقة مع أولادي وفجأة سمعت أصوات عليه في الشارع، بحسب إن فيه حرامي في الشقة جنبنا، ببص في الشارع لقيت طابور من الشباب داخلين من باب العمارة، كان لك في تمام الثانية ونص مساءً، هرولة مسرعًا إلى الخارج، فوجد زوج المجني عليها وشقيقة، يقفان في الباب ويمنعون الجميع من الدخول».

 

وأضاف الرجل الستيني وعيناه شاردة صوب العمارة التي حدثت فيها الجريمة قائلًا إن زوجها كان قليل التعامل مع الجميع في المنطقة، فلم يره إلا مرات قليلة داخل المسجد ولكن لم يتعامل معه وجهاً لوجه، وفي لحظةٍ ما دق جرس هاتفه فتوقف عن الحديث، بدأ يستدعي ابنته التي ظهرت في الكاميرات المراقبة للعمارة أثناء الجريمة، الأمر الذي يثير الشكوك حولها من رجال المباحث خلال التحقيقات، ولكن الغريب في هذه الوقعة أنه لم يتمتع بالأموال حتى يكون هناك مطمع من أحد الجيران، فحالته المادية عادية ويوجد في المنطقة من هم أغنى منه، ليردف: هناك أمرًا غريبًا أن الجريمة حدث أثناء المبارة ولم يعلم بها أحد إلا في الساعات المتأخرة من الليل، والعجيب أيضًا أنه لم يتم كسر باب أو نافذة من الشقة.

الجميع في المنطقة يشهد بأخلاق الرجل الثلاثيني الذي لم يصدر عنه شيئًا مخالفًا يومًا ما، يؤكد ذلك «أبو رحمة» حارث العقار الذي لم يصدق ما حدث حتى الآن، فيقول:  «كان راجل محترم وعمري ما شوفت منه حاجة وحشة» وكان قليل التعامل مع الجميع، ويعمل في تجارة السيارات، فلم أسمع في يوم ما أصوات عالية أو أفعال خارجة منهم على الإطلاق، حتى أن حالته المادية كانت جيدة، مكنش بينه وبين حد مشاكل على فلوس أو غيره».

 

وتابع البواب بقوله: «اعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه» هذه الجملة التي كان دائمًا يقولها عندما أفعل له شيئًا ما، وبسؤاله عن السيدة التي التقطتها عدسات الكاميرا المراقبة للعمارة أثناء الواقعة، بدأ يسرد عن سيدة كانت دائمة الحضور في شهر رمضان تقف أمام المسجد، تطلب النفقات من الجميع حتى أن جميع أهالي المنطقة عرفوها وتعودوا عليها، أما عن العمارة التي حدث فيها الجريمة فلم يستطع أحد من أهالي المنطقة أن يدخلها، أو يجرأ على أن يسرق منها شيئًا لكونها مشهورة في المنطقة أن صاحبها شقيقة الوزير السابق كمال أبو عيطة، وزير القوة العاملة السابق.

 

الجميع في المنطقة يتحدث عن هذه الواقعة، ولم يستطيع أحد أن يفك شفرتها، بسبب التأمينات التي فيها المنطقة وبالتحديد العقار الذي يقطن فيه زوج المجني عليها، وهذا ما أثار الشكوك لدى الجميع حول عائلة وأن مخطط ومنفذ الجريمة هو أحد الأقارب أو شخص شديد  الصداقة لهما، ويؤكد ها الأمر «عم سيد» البالغ من العمر ستين عامًا، وصاحب محال لإصلاح السيارات، المقابل للعمارة.

 

بدأ حديثه معنا قائلاً: «أقضي أجازة العيد كعادتي مع أولادي في منزلنا، جائني الخبر نهضت مسرعًا إلى هنا، فوجد العديد من أهالي المنطقة جالسون، والمكان ممتلئ بالمباحث، فلم أتعامل مع هذا الرجل إلا مرة واحد، عندما اصطدمت سيارته، فكنت أجدد له الذي حدث بها، فلم أرى منه إلا الخير في التعامل ومتفاهم دئمًا في المعاملة».

 

ليُسهب مختتمًا حديثه: «ولكن هنا أمر غريب للغاية، كيف تحدث الجريمة في العاشرة مساءً ولم يسمع بها أحد إلا في منتصف الليل، وكيف يدخل الجاني إلى الشقة دون أن يكسر بابًا أو نافذة، وهناك أمر آخر كيف يرى الزوج زوجته وأبنائه مقتولين ولم ينتفض بأصوات عالية داخل العمارة، كل هذه الأمور تسير الجدل والتساؤل حول عائلته وأصدقائه».

 

تعود تفاصيل الواقعة عندما ورد لقسم شرطة بولاق الدكرور بلاغاً يفيد بالعثور على ربة منزل تبلغ من العمر 38 عاماً، وابنتيها 14 سنة، و12 سنة، مقتولات شنقاً داخل شقتهن بشارع العشرين التابع لدائرة القسم.

 

وبالمعاينة، تبين أن الأم وتدعى هبة قتلت عن طريق شنقها بـ«إيشارب» نسائي، كما قتلت ابنتها الكبرى شنقاً بسلك تليفون، وابنتها الصغرى حبيبة شنقاً بكيس وسادة.

 

وكشفت أقوال الزوج أنه خرج من المنزل لمشاهدة مباراة مصر وروسيا في أحدى المقاهي بالمنطقة، وفور عودته اكتشف الجريمة، وسرقة أموال خاصة به كان يضعها في حقيبة داخل دولاب غرفة نومه، وتبلغ قيمتها 340 ألف جنيه.

 

ووفقاً لأقوال الشهود والجيران وتفريغ الكاميرات المثبتة في محل تجاري قريب، فقد تبين أن رجلاً وامرأة دخلا العقار وقت وقوع الجريمة، وصعدا إلى شقة الأسرة وهما ليسا من السكان.

 

وتعكف أجهزة الأمن حالياً على تحديد هوية الرجل والسيدة، والبحث عنهما لكشف تفاصيل الجريمة.

اقرأ أيضا