أسرار وقصص وراء أغانى «صوت الشتاء»

الاحد 11 نوفمبر 2018 | 09:32 صباحاً
كتب : زينب زهران-نورهان العقبى

"نهاد وديع حداد"، أو "فيروز، جارة القمر، صوت الشتاء"، عزفت على أوتار صوتها الطيور؛ فغنت لهم، ذهبت للمصيف فغنت له، حتى حفيف الأشجار شدت به.

أطلق عليها "حليم الرومى"- مدير الإذاعة اللبنانية الأسبق- ووالد المطربة ماجدة الرومى، اسمها الفنى “فيروز"، منعت من أن تبث الإذاعة اللبنانية أغانيها طيلة سبعة أشهر متواصلة بعد رفضها الغناء لـ"هوارى بومدين"، الرئيس الجزائرى، إلا أنها عادت لأحضان الإذاعة فى 1950، بأغنية "تركت قلبى وطاوعت حبك".

تزوجت الصوت الملائكى، من الموسيقار عاصى الرحبانى، وأنجبت منه 4 أولاد، "زياد" وهو موسيقى أيضا، "ليال" التى توفيت بعمر 22 عاما خلال قصف صاروخى بالحرب الأهلية اللبنانية، "ريما" كاتبة ومخرجة، "هالى" من ذوى الاحتياجات الخاصة.

أدخلت "فيروزا"- كما يلقبها أبناء الألفية الجديدة- معظم الأزمات الاجتماعية فى غنائها، وكأنها كانت تغنى لتعيش، فكان هذا سبيلها الوحيد لتفريغ كل المشاعر "الحب، الوحشة، الحنان، الخوف، القسوة"، حتى دموعها كانت تسقط خلال غنائها،  كما أن مواقف حياتها اليومية لم تغب عن غنائها المعهود.

قصة «وحدن بيبقوا»

عشقت فيروز الغناء المشهدى أو بالأحرى القصصى، ففى أحد الأيام، لاحظ كاتب أغانيها المميز، الشاعر اللبنانى "طلال حيدر" خلال تناوله قهوته الصباحية بداخل شرفة منزله، فى الصباح الباكر، حضور 3 شبّان صباح كلّ يوم إلى الغابة وخروجهم مساءً، بعد أن يغطى الليل أركان لبنان.

ظل "طلال" يراقبهم فى صمت رهيب بعد أن أخبر "صوت فلسطين" بالأمر لتتعرف على قصتهم، وبعد أيام؛ انتبه الشبان إليه، فأخذوا يلقون عليه التحية كل صباح وإن رأوه مساء، أرسلوا إليه التحية، التى بدأ يبادلهم إياها متسائلاً عن أمرهم الذى بدا غريبا.

أشعلت "فيروز" فى ذهن "طلال" أزمة تساؤلات ضخمة حول سر هؤلاء الشبان، مقررا أن يكسر صمته فيكلمهم حتى يكون على علم بسر علاقتهم مع غابة قريبة من منطقة الحدود.

 لكن خوفه هيمن عليه فتردد فى أن يفاتحهم بتساؤله فأجله إلى المساء، إلا أن الشبان غابوا  بين أشجار الغابة، ولم يظهروا حتى أن "طلال" خاف عليهم، مطلقا العنان لخياله وتصوراته عما سيصل إليه عند الغروب بعد تحدّثه معهم وهم خارجون.

انتظر "طلال" قلقا خائفا أياما عدة، حتى أفشى سرهم بعد استشهادهم، علم حينها "طلال" و"فيروز" بالأمر بعد الخبر الذى نشر فى صحف بأن ثلاثة شبّان فلسطينيين تسللوا الحدود وقاموا بعملية فدائية وسط فلسطين المحتلة استشهدوا فيها، رثاهم "طلال" فكتب لهم قصيدة "وحدن بيبقوا متل زهر البيلسان"، وتغنت بها "صوت فلسطين".

«سألونى الناس عنك يا حبيبى»

تدور قصة هذه الأغنية حول إصابة "عاصى الرحبانى" فى عام 1972، بنزيف فى المخ، وبعد فترة بسيطة  تدهورت حالته، الأمر الذى أدى إلى دخوله المستشفى.

وعلى الجانب الآخر كانت فيروز تؤدى دورها فى مسرحية "المحطة"، فكتب منصور الرحبانى كلمات أغنية تعبر فيها فيروز عن حزنها لغياب عاصى، وغنتها على المسرح فى إطار المسرحية، وقام زياد ابنهما- الذى كان يبلغ من العمر حينها 17 عاما- بتلحينها، إلا أن عاصى بعد أن بدأ فى الشفاء؛ انزعج من الأغنية لشعوره بأنهم تاجروا بمرضه، وقرر إلغاءها من المسرحية، لكنه عدل عن قراره؛ لرؤيته النجاح الكبير الذى حققه العرض.

ولم تكن هذه هى نهاية رحلة "فيروز" مع أغنية "سألونى الناس عنك ياحبيبى"، حيث أعادت جارة القمر غناءها مرة ثانية لكن هذه المرة من دون عاصى الذى وافته المنية فى 21 يونيو 1986، وعندما بدأت فى الغناء وعند مقطع "ولأول مرة ما بنكون سوا"، دخلت "الصوت الملائكى" فى حالة من البكاء الشديد.

وقضت فيروز مشوارا فنيا طويلا من خلال تقديم أغانى قصيرة حينما كانت الأغانى الطويلة هى النمط الدارج، حيث نوعت فى المواضيع التى غنت بها، فقد غنت لـ"الحب، وللأطفال، وللقدس، وللحزن، والفرح، والأم، والوطن، كما أنها غنت للعديد من الشعراء، والملحنين، والملوك، والرؤساء، والعديد من المهرجانات الكبيرة فى العالم العربى، وحصلت على لقب سفيرة النجوم الذى أطلقه عليها الشاعر سعيد عقل إشارة إلى رقى صوتها وتميزه.

 

شاهد أيضًا...

-محمد رحيم: التلحين عشقي.. وإلحاح الجمهور دفعني للغناء

-” لا أحد هناك ”.. فيلم يخوض به أحمد مجدي تجربته الإخراجية الأولى