من داخل صندوق مكافحة الإدمان.. كيف تحول الفشل لنجاح دام 20عاما

الخميس 15 اغسطس 2019 | 11:21 صباحاً
كتب : رحاب الخولى

طفلًا صغيرًا لا يرعاه أحدًا، يصارع نوائب الدهر منفردًا طوال 20 عامًا، الأبوان ميتان على قيد الحياة لا فائدة منهما، فقد شاءت الأقدار بأن ينفصلا عن بعضهما وتنهدم"عش الزوجية" الذي نشأ في كنفها، وتبدأ حياة أخرى لهذا الطفل الصغير، يعيش تفاصيلها المؤلمة بعيدًا عن أبويه، اللذان لم يراعوا طفولته من قبل.

لم تكن نشأة الطفل مميزة، فقد جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث انتهى به المطاف في طريق الشيطان، ليقع فريسة لأصحاب النفوس الضعيفة، التي جعلت من طفلًا يافعًا، إنسان بلا قلب كل همه في الحياة هو الحصول على الكمية التي "تضبط مزاجه" من المواد المخدرة، حتى أصبح مدمنًا من العيار الثقيل، يتعاطى تلك المواد لمدة 20 عامًا.

منذ 20 عامًا، عاش وحيدًا بلا أب وأم، اتخذ من الحرام حياة انتقامية لشخصين كانا السبب في الوجود بعد مشيئة الله، ولكنهم أساءوا لنتيجة فعلتهم التي جمعتهم في ليلة بهجة وسرور.

وشاءت الأقدار أن ينفصلا الزوجان، ويتركوه وحيدًا تتفرد به أغواء الشيطان، ويكون فريسة تستجيب لأوامره النفوس الضعيفة، ولم لا وهو طفل صغير لم يجد ملجأ يحتضن به.

"أنا اسمي إبراهيم متولي شهير بإبراهيم السويس، أنا عايز اتكلم وأفضفض مع كل الناس، أنا قعدت 20 سنة أضرب مخدرات، ودايمًا كنت بسأل نفسي هو أنا ليه بقيت مدمن واشمعنى أنا"، بتلك الكلمات بدأ الشاب يحكي قصة حياته وذكريات المؤلمة التي دعته للسقوط في براثن المخدرات.

وتابع: "أنا فتحت عيني على الدنيا لقيت نفسي عايش بعيد عن أمي وعن أبويا عايش مع جدتي لأمي بعد ما أمي وأبويا انفصلوا وكل واحد إتجوز ومن هنا بدأت عندي المشكلة وتسائلات ليس لها إجابة".

وبدموع تذرف على لحظات مرت، أكمل الشاب حديثه: "من أكتر المواقف اللي كانت بتحزني وتضايقني وأنا طفل مثلا وأنا بلعب مع اصحابي الأطفال اللي من سني وكل واحد فيهم ألاقي أبوه وقت رجوع الموظفين من الشغل ييجي ياخده ويرفعه علي إيده ويروح بيه علي البيت وأبص ألاقي نفسي الشارع فضي عليا وأرجع البيت أسأل جدتي هو أبويا ليه مش بييجي ياخدني زي الواد فلان وفلان".

وتابع: "كانت جدتي في كل مرة تقولي معلش هييجي أصله مسافر وفي كل كنت بصدقها وينتهي الموقف علي إنها تاخدني في حضنها وتطبطب عليا،وأفتكر برضه بحكم إني كنت عايش في وسط أخوالي أخوات أمي كنت بروح عندهم مخصوص في وقت الأكل علشان أشوف منظرهم وهما قاعدين علي الطبلية وخالي بيطبطب علي إبنه ويقوله .. كل يا حبيبي .. ومرات خالي بتشيل ( مناب ) اللحمة بتاعها من قدمها وتحطه لإبنها بس أنا مكنتش بقدر أتحمل المنظر ده فكنت بقوم واخرج الشارع،وأدور علي أقرب مكان محدش يشوفني فيه وأفضل أعيط، كل ده ربى عندي غل وحقد وناقم علي المجتمع".

لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أكمل الشاب قصته، قائلا:" يعني مثلا لما دخلت المدرسة كنت باسرق أدوات زمايلي زي الكراريس والمساطر مثلا ولما أطلع من المدرسة أكسرهم واقطعهم بدافع الغل والحقد لأنهم موجودين وعايشين مع أب وأم، سرقت وكدبت وعملت كل حاجة غلط وكل ده قبل حتي ما أشرب مخدرات لأمي كنت بدور علي الحاجة اللي تخلي الناس تشاور عليا وابقي محط أنظار اللي حوليا وده نتيجة إني حاسس إني أقل من كل اللي حوليا".

"المخدرات وصلتني إني كنت لما بروح عند حد من قرايبي أو قرايب مراتي كنت بخاف لحاجة تضيع وانا موجود ليتهموني ليشكوا فيا اني سرقته،دخلت السجن أكتر من 10 مرات لدرجة إني دخلت أكتر من ليمان واعتقلت حوالي 3 مرات إعتقال جنائي نتيجة الجرائم اللي كنت باعملها وأصبحت مسجل خطر".

وتابع: "بدأت أدور على الحاجة اللي تطفي عندي المشاعر والأحاسيس السلبية اللي بحس بيها وكانت المخدرات مسيبتش نوع مخدرات ما أخدتوش بقيت هي كل حاجة في حياتي ومستعد أعمل أي حاجة علشان أجيبها اتجوزت وأنا باخد مخدرات بس مكنش لسه الموضوع كبر معايا كنت علي إستعداد اعمل أي حاجة علشان خاطر الضرباية بتاعتي، لك أن تتخيل مثلا مخلتش حاجة في البيت مبعتهاش نيمت أولادي علي البلاط".

واختتم: "أنا بطلت مخدرات أنا دلوقتي بقيت إنسان تاني جديد عليا أنا بقيت إنسان منتج وفعال في المجتمع وليا دور إجتهدت وتعبت وأخدت القرار وصممت إني مش هارجع فيه، تحديت نفسي وتحديت إني مكملتش تعليمي أو معييش شهادات سعيت وأخدت دورة في صندوق مكافحة وعلاج الإدمان ودلوقتي أنا شغال في مكان من أكبر الأماكن لعلاج الإدمان، أنا دلوقتي مبطل مخدرات بقالي 5سنين".

اقرأ أيضا