شوارع الفيوم تئن من ركام «النفايات الطبية».. والصحة والبيئة يتراشقا الاتهامات

السبت 28 يناير 2017 | 08:57 مساءً
كتب : الفيوم_محمد زهران

ساد الإهمال يتفشي في ربوع محافظة الفيوم، فما بين غياب الضمير، وتقاعس المسئولين عن أداء عملهم، وغياب الدور الرقابي يتساقط الضحايا، وتنتشر الآوبئة، والأمراض، ويتحول المواطن البسيط إلى لقمة مستصاغة، فبعد أن تحولت الشوارع المحيطة بمستشفى الفيوم العام وبعض المستشفيات الخاصة إلى مقالب للنفايات الخطرة" والمخلفات الطبية"، مما جعل صحة المواطنين عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض الخطرة التي تنتقل عبر نفايات غرف العمليات وأكشاك الولادة، وما زاد الوضع تفاقمًا تقلص عدد محارق النفايات الخطرة في الفيوم إلى اثنين بدلا من 5 محارق منها محرقة المستشفى العام، التي توقفت عن العمل منذ 20 سنة، إضافة إلى محرقتين بقرية العدوة تتبعان مديرية الصحة وتكلف إنشاؤهما 32 مليون جنيه، وهما محرقة بقرية جرفس، وأخرى بقرية العزب، وقد أتلفهما الأهالي عقب ثورة يناير.وأرجع مصدر مسئول بمديرية الصحة عدم تشغيل المحارق القائمة، أو إعادة تأهيل المعطلة إلى ضعف تعاقدات الأطباء والمستشفيات الخاصة مع مديرية الصحة لجمع نفاياتها الخطرة، مشيرا إلى أن الفيوم بها 300 معمل تحاليل والمتعاقد منها 150 فقط أما باقي المعامل يلقي بمخلفاته في صناديق القمامة العادية، بينما يصل عدد العيادات والمستشفيات والمراكز الطبية والمستوصفات الخاصة عن 5000 منشأة لم يتعاقد منها أكثر من 120 منشأة لتوريد مخلفاتها للمحارق علما بأن الفيوم وحدها يوجد بها 129 وحدة صحية ومستشفى قروي بالمراكز الستة بالإضافة للعيادات والمستشفيات الخاصة التي ينتج عنها ما يقارب من 1248 كيلوجرام نفايات يومي، تطرح سؤال مهم حول كيفية التخلص منها بالطرق الآمنة.الطبيعي أن تقوم المستشفيات بتقديم العلاج للمرضي وليس تقديم العدوى والمرض للمعافي، حهكذا قال لنا مصطفي الحامولي، موظف خاض تجارب علاجية داخل مستشفي التأمين الصحى، وأحد سكان المنطقة التي تقع فيها المستشفى قائلاً :" وجود محرقة للنفايات الطبية بمستشفى التأمين الصحي بوسط منطقة سكنية كهذه يسبب لنا الكثير من الأوبئة الظاهرة والكامنة، حيث يتزايد انبعاث الدخان الناتج عن حرق نفاياتها في منتصف الليل".مطالبا مديرية البيئة أن تتخذ قرار بإغلاقها على الفور.ومن جانبه أكد الدكتور وليد نصر، المدرس بكلية الطب، أن حرق النفايات ينتج عنه مواد سامه توثر علي الجهاز التنفسي وقد تودي إلي حدوث سرطان عن طريق الغازات المنبعثة التي يسببها الحرق مثل غازي الزئبق والديوكسين، مشيرا إلى أنه ثبت علميا أن هذه الغازات توجد بها مادة مسببة للأمراض السرطانية بالكبد والرئة والمعدة والأنسجة الرقيقة والضامة بالإضافة إلى الأورام اللمفاوية.ويوضح أن النفايات تشتمل على دم ومخلفات المرضى ونفايات تنتج عن نشاطات أخرى، وللمعالجة والتخلص من النفايات الطبية هناك العديد من التقنيات المختلفة ولكن مصر لا تستخدم سوى طريقة حرق النفايات التى تساهم فى قتل مباشر للبشرية، حسب قوله.وبدروه قال محمد عبدالستار، مدير إدارة شؤون البيئة بالفيوم، إن مشكلة المحارق في الفيوم هي محل اهتمام في إدارة البيئة فهناك لجنة تيسير البيئة، وهناك أيضا جهاز الرقابة على الصحة والبيئة بـ "كوم أوشيم" وقد وفرنا 6 عربات مجهزة لنقل المخلفات الطبية من المستشفيات وجاري إنشاء محارق جديدة في الفيوم حسب طلب مديرية الصحة، وحددنا موقع لواحدة منهم وستكون في مدينة دمو الجديدة، وجاري البحث عن أماكن أخري لباقي المحارق، التي سنراعي فيها البعد عن الكتلة السكنية.وقد صرح الدكتور أحمد عبادي، مسئول معالجة النفايات بإدارة الطب الوقائي بمديرية الصحة بالفيوم، إن مسئولية الإدارة تتوقف عند التعاقد مع المنشآت الطبية على توريد نفاياتها إلى محرقة المستشفى العام، ليتم معالجتها بشكل آمن على صحة العاملين والمواطنين.وأضاف "عبادي":" الدولة منحت الضبطية القضائية لوزارة البيئة وإداراتها في المحافظات، وهم المختصون بتحرير المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المنشآت الطبية المخالفة، الا أن مسئولي البيئة في غفلة من الزمان، ويكتفون ببعض ما يرد الي مكاتبهم من شكاوي، ومجامالات، متناسيين أهمية دورهم، وصلحياتهم بعد منحهم سلطة الضبطية القضائية".وأكد محمد عمر موظف بمستشفى الفيوم العام، أن عددًا كبيرًا من المنشآت الطبية تعمل بدون ترخيص ولهذا لا يحق لها التعاقد مع الصحة للتخلص من نفاياتها، ولكن التعاقدات تتم بشكل ودي بما تحمله الكلمة من معاني مختلفة سواء ( رشوة _ محسوبية _ مجامالات_ تواطئ_ فساد)، وبالتالي تقوم تلك الشركات بالتخلص من النفايات الطبية في الشارع بصور خطرة، تضر بالسلامة العامة للمواطنين.مستطردًا:"حتى المنشآت المتعاقدة رسمياً لا تورد معظمها النفايات إلى المحرقة توفيرًا لتكاليف المعالجة التي لا تتعدى 4 جنيهات للكيلو من المخلفات، وتكتفي بتوريد جزء من المخلفات رسمياً، وتتخلص من الجزء الآخر بطرق مخالفة صحيًا".فيما إشتكي عويس عبد ربه عامل نظافة بمجلس مدينة الفيوم من إنتشار مخلفات المستشفى العام في الشوارع الجانبية بمحيطها، وهو مجبر علي رفعها وزملائة مما يعرضهم للإصابة بالأمراض الخطيرة، في الوقت الذي يتجرعون فيه مرار الهوان والإذلال من قبل مسئوليهم، بعد أن بحت أصواتهم للمطالبة بزيادة رواتبهم التي لا تتجاوز 450 جنيه، وتوفير تأمين صحي لهم.وأضاف قائلاً :"لو متنا أو عشنا.. عيينا أو إشتكينا محدش بيحس بينا، هنقول ايه الناس بترمي واحنا نشيل فوق دماغنا ومش مهم ايه هيجرلنا، دم نشيل حقن وأجزاء من الأورام وقطع لحم ميته بنشيل، وحتي الأطفال بنلاقي في الزبالة، مش عايزين حاجة من حد عايز شوية ضمير والناس تتقي ربنا في البلد، واحنا لينا ربنا" .وختم كلماته:" حسبي الله ونعم الوكيل في كل تسبب في كل واحد مسئول عن اللي بيحصلنا".وقال سعيد المصري أحد مرضي الفشل الكلوي: "اتردد علي المستشفى منذ خمسة سنوات، عنيت خلالها من سوء الخدمة وتدني المسئولية تجاه المرضي علي مدار إدارات متعاقبة، العناية المركزة ووحدة غسيل الكلي في الدور الثالث وهذا غير مطابق للمواصفات الصحية، ناهيك عن النظافة فنجد المريض تلو الاخر يئن من سوء نظافة المكان، الملوث بالدماء وانتشار القطط والمخلفات الطبية داخل غرف الغسيل، ودورات المياة تحولت الي مكان لجمع المخلفات الطبية بجميع أنواعها حتي يأتي العمال فيقومو برفع الأكياس المجمعه مما يجعل جميع رواد المستشفي في خطر دائم حال استخدامهم تلك الدورات التي يقبع بها الخطر زاحفا نحوهم في غفلة من الجميع.وأضاف" المصري": بحت أصواتنا للمطالبة بتحسين الخدمات والتعامل مع آدميتنا لا مع اسمائنا وقد قمنا برفع معناتنا الي المسئولين فقمت و350 مريض بالتوقيع علي مذكرة عرضنا فيه ما يحدث وتم ارسال نسخة منها الي وكيل وزارة الصحة الأسبق، ومحافظ الفيوم السابق، ورئاسة مجلس الوزراء، ولازال المريض يزداد مرضا، ويتوحش الفساد والإهمال ليلتهم كل ما يجده امامه.وفي رد من لجنة الطب الوقائي بمديرية الصحة بالفيوم، أوضحت بأنها قد سبق وشكلت لجنة لرصد مقالب المخالفات الطبية وعرضتها على مسئولي البيئة بالوحدة المحلية لمدينة الفيوم، وديوان عام المحافظة إلا أنهم تنصلوا من المسئولية، وألقوا باللوم على مديرية الصحة، رغم أن مسئولي البيئة يتمتعون بالضبطية القضائية.

اقرأ أيضا