تضييق وتسعير خرافي.. احتكار الوكلاء يقود سوق السيارات إلى الهاوية

الاثنين 04 سبتمبر 2023 | 04:43 مساءً
احتكار الوكلاء يقود سوق السيارات إلى الهاوية - صورة أرشيفية
احتكار الوكلاء يقود سوق السيارات إلى الهاوية - صورة أرشيفية
كتب : محمد الإمبابي

يعد سوق السيارات المصري من أعقد القطاعات الاقتصادية في مصر، حيث تقل المنافسة بين الوكلاء إلى أدنى مستوياتها بسبب انفراد كل وكيل بعدد من العلامات بشكل حصري.

على الرغم من أن قانون حماية المنافسة رقم 3 الصادر عام 2005 ينص على أن السيطرة على أي سوق يقصد بها امتلاك شخص نسبة 25% من تلك السوق بما يؤهله للقدرة على إحداث تغيير فعال على الأسعار أو حجم المعروض بها دون أن تكون لمنافسيه القدرة على الحد من ذلك، إلا أن استحواذ وكيل السيارات على على علامة واحدة بشكل حصري يتيح له التحكم التام في تسعيرها.

تضييق وكلاء السيارات على الاستيراد الموازي

عمل الوكلاء منذ سنوات على تدعيم احتكارهم لما يمتلكون من علامات تجارية عبر رفضهم توفير قطع الغيار أو القيام بعمليات الصيانة اللازمة للسيارات الواردة عبر شركات الاستيراد الخاصة، في محاولة للتضييق على أصحاب شركات الاستيراد الذين استطاعوا توفير نفس الطرازات بعين الإمكانيات وبسعر منافس لسعر الوكيل.

واستمرت شركات استيراد السيارات في محاولتها للحفاظ على التواجد داخل سوق السيارات، حتى صدر القرار رقم 9 في عهد وزيرة التجارة والصناعة السابقة الدكتورة نيفين جامع وما فرضته من قيود على الاستيراد الموازي للسيارات، ما اعتبره العاملون في القطاع أكبر داعم للاحتكار في قطاع السيارات وتوطيدا من لسلطة الوكلاء على سوق السيارات.

5 وكلاء يقودون سوق السيارات

تشمل خريطة سوق السيارات خمسة عمالقة قادرين على قيادة السوق بما يحملون في رصيدهم من سيارات لها حصة معتبرة، وفي مقدمتهم مجموعة المنصور التي تستحوذ على الوكالة الحصرية لـ 5 علامات وهي سيارات أوبل وشيفرولية و MGوGMC، وكاديلاك وتشارك في وكالة بيجو مع شركة سكوب للاستثمار.

وبنفس القدر تحتكر مجموعة عز العرب وكالة العلامات أستون مارتن وفولفو وDS وبروتون وRAM وكريسلر وألفا روميو ودودج وفيراري والتوزيع الحصري لعلامات مرسيدس وجيب وألفا روميو مع مجموعة أبو غالي موتورز.

وتمتلك مجموعة أبو غالي موتورز العلامة الصينية جيلي واليابانية سوبارو وتقوم بتوزيع طرازات ألفا روميو وجيب ومرسيدس مع مجموعة عز العرب.

وتمتلك مجموعة غبور أوتو الوكالة الحصرية لـ6 علامات؛ هيونداي وشيري وشانجان وهافال وGWM، ومازدا.

وتنفرد شركة كيان للسيارات، بوكالة حصرية لسيارات سكودا وسيات وكوبرا، بينما تواصل مجموعة القصراوي نموها في الاستحواذ على مزيد من العلامات التجارية في سوق السيارات، فأصبحت تمتلك وكالة جيتور وستروين وجاك وسينوفا وموزع غير حصري للعلامة اليابانية نيسان.

نفس الأمر ينطبق على وكلاء العلامة أو العلامتين مثل شركة أوتو ديناميكس أو الأمل وكيل لادا وBYD، إلا أن عدد العلامات التي يمتلكونها يجعلهم مجرد تابعين للشركات التي تمتلك حصة أكبر من الوكالة الحصرية كالمنصور والقصراوي وغبور.

وكيل BMW مثال صارخ على أزمات الاحتكار

يعد انفراد مجموعة جلوبال أوتو بتوكيل BMW وMINI دليل صارخ على ما يفعله الاحتكار بأي سوق، فالشركة منذ أن عملت في السوق المصري لم تقدم الخدمة اللائقة بالعلامات الفارهم التي تحوذها، حيث أخرت تسليمات الحاجزين لفترات طويلة، وفي الوقت نفسه سمحت بإعادة بيع سياراتها بأسعار مرتفعة للغاية مقارنة بالسعر الرسمي.

احتكار الوكلاء يقود سوق السيارات إلى الهاوية - صورة أرشيفية

الوكيل يحمل العملاء تكلفة بقاء استثماراته

ويمكن التدليل على الاحتكار من خلال رؤية وكيل السيارة وهو يرفع الأسعار بشكل مستمر في ظل ثبات كافة المعطيات الأخرى المتحكمة في التسعير، فسعر الدولار لم يتغير منذ 6 شهور أو أكثر وصعوبات الاستيراد لم يجد بها جديد ومع ذلك يستمر الرفع مرة واثنان خلال الشهر الواحد.

ويفسر منتصر زيتون عضو شعبة السيارات العامة؛ الارتفاع المستمر في أسعار السيارات حاليا إلى قيام الوكيل بتحميل تكلفة التشغيل لكافة منشأته من صالات عرض ومراكز صيانة وعمالة وغيرها على عدد أقل من السيارات التابعة له.

ومن المعروف في جميع المؤسسات الاقتصادية أن أوقات الأزمات تلجأ الشركات لتقليص العمالة أو النفقات من أجل الاحتفاظ بالعميلـ، لا أن يحمل العملاء تكلفة الحفاظ على استثماراته.

تراجع المبيعات يكتب الفصل الأخير في احتكار الوكلاء

تظهر الآن أثار احتكار الوكلاء في ظل تراجع المبيعات بشكل لم يسبق له مثيل بالتوازي مع استمرار الرفع في الأسعار دون الاعتبار لأي عوامل باستثناء المحافظة على رأس المال والأرباح.

ويقع الضرر المباشر على تجار السيارات والمواطنين الذين لا يد لهم في ما يقوم به الوكيل من ممارسات أدت لمزيد من الضرر عليهما.

لو كانت سيارات هيونداي أو ستروين أو غيرهما من العلامات تتوافر عبر  أكثر من وكيل أو من خلال شركات الاستيراد، ومع وجود التنافس في السوق علي إرضاء العميل، ما كان يجرؤ وكيل على استمرار الرفع المتتالي للأسعار بهذا الشكل.

بات قطاع السيارات في أشد الحاجة إلى نظرة فاحصة متأنية باحثة عن أوجه القصور المتسببة من الوضع السيء في القطاع وإعادة صياغة القوانين المنظمة له، حمايةً لألآف التجار والموزعين وملايين المواطنين الذين لا يملكون من أمرهم شيئا إزاء قرارات الوكيل برفع الأسعار أو غيره، فالمر بات يتطلب تدخلا واضحا من المسؤولين بما يحد من توغل الوكلاء في سوق السيارات ويسمح بالمنافسة التي تحقق الجودة والسعر العادل. 

اقرأ أيضا