بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان

حكاية كارثة الطريق
حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية

مع الضوء الأول للشمس معلنة عن نهار جديد، غادرت 18 فتاة من قرية كفر السنابسة بمركز منوف بمحافظة المنوفية بيوتهن البسيطة، وكل واحدة منهن تحمل حلمًا صغيرًا، يتمثل في توفير لقمة عيش حلال لأسرهن، حيث ودعتهن الأمهات على عجل، وابتسم لهن الآباء من بعيد، ظنًا أنهن ذاهبات ليوم عمل جديد يعودن منه بالرزق، لم يكن في بال أحد أن هذه ستكون آخر رحلة في حياتهن على الطريق الإقليمي.

حادث الطريق الإقليمي

على الطريق الإقليمي، وفي لحظة غادرة، تحولت أحلام هؤلاء الفتيات إلى كوابيس للأبد، سائق تريلا فقد وعيه خلف عجلة القيادة، دخل في الاتجاه المعاكس، ودهس الميكروباص الذي كن يستقلنه، ليُحوّل المركبة إلى كومة خردة، لا تحمل من ملامحها سوى بقع دم وصرخات صامتة.

بين لحظة وضحاها، انقلبت حياة 19 أسرة رأسًا على عقب، أسر فقدت بناتها في عمر الزهور، وشباب لم يُكملن رحلة الحياة، لتكتب أسمائهن في قوائم الموتى، ومزق الوجع قلوب الأمهات بعد أن وصل إليهن نبأ الحادث.

حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان
حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان

تفاصيل الحادث

وفي محيط مستشفى منوف العام، وقف الأهالي في حالة ذهول، العيون تدمع، والصدور تنفجر بالبكاء، وأصوات النحيب تملأ المكان، "مش ممكن.. دي بنتي كانت لسه من شوية بتضحك معايا"، هكذا صرخت إحدى الأمهات وهي تنتظر خروج جثمان ابنتها من ثلاجة الموتى.

أسماء الضحايا

"شروق.. جنى.. تقى.. هدير.. شيماء.. ملك.. إسراء.. رويدا.. ضحي.. سمر.. سارة.. هنا.. ميادة.. مروة.. آية.. أسماء.. شيماء رمضان.. شيماء يحيى.. وأدهم"، 18 زهرة من الفتيات، ومعهن شاب وحيد، تركوا خلفهم أحلامًا معلقة على جدران البيوت.

بعض الفتيات كن يعملن في مصانع بالمنطقة الصناعية، وأخريات كنّ في طريقهن إلى أعمال بسيطة تساعد في مصاريف البيت، وكل واحدة منهن كانت العمود الفقري لأسرتها، الآن، لم يتبقَ سوى ذكريات وصور معلقة على الحوائط.

حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان
حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان

أحد آباء الضحايا جلس على الأرض أمام المستشفى، واضعًا يديه فوق رأسه، يردد: "يا رب.. كنت باجهزها للفرح.. كنت بحلم أشوفها عروسة.."، وعلى بعد خطوات منه، جلست أم أخرى تحتضن ملابس ابنتها، وكأنها آخر ما تبقى من رائحتها.

مشاهد مؤلمة عاشها كل من تواجد أمام المستشفى، دموع لا تجف، وصراخات أمهات تحولت إلى بكاء مكتوم، الكل ينتظر استلام الجثامين لبدء رحلة وداع أخيرة لا أحد كان يتخيلها بهذه السرعة.

حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان
حكاية كارثة الطريق الإقليمي.. 19 زهرة من بنات المنوفية خرجن للرزق فعُدن في الأكفان

شباب القرية لم يتوقفوا عن التنقل بين المستشفى والمقابر، بين تجهيز مكان الدفن، وترتيب مراسم الجنازة التي لم يتخيل أحد أن تكون بهذا الحجم، فـ19 نعشًا في يوم واحد، مشهد لم تعرفه القرية من قبل.

من قلب المأساة، بقيت دموع الأمهات والآباء هي العنوان، وبقي الطريق الإقليمي شاهدًا جديدًا على مأساة إنسانية لن تنساها المنوفية لسنوات طويلة قادمة.

تم نسخ الرابط