بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

«منة الله».. زهرة أنهى نموها الطريق الإقليمي في المنوفية

حادث الطريق الإقليمي
حادث الطريق الإقليمي

في صباحٍ مشؤوم، لم تكن منة الله أحمد زكي أحمد، الطالبة بكلية التجارة جامعة مدينة السادات، تعلم أن تلك الدقائق القليلة التي استقلّت فيها السيارة عبر الطريق الإقليمي، ستكون لحظاتها الأخيرة في هذه الدنيا، فتاة عشرينية، تحمل من الطموح والأحلام ما يكفي لإعمار عمرٍ بأكمله، رحلت ضحية حادث مروع قطع أوصال الأمل وترك وراءه جرحًا غائرًا في قلب أسرتها وأصدقائها وجامعتها.

 

منة الله.. من قاعات المحاضرات إلى صفحة الحوادث

منة الله، الطالبة المجتهدة صاحبة الابتسامة التي لا تفارق وجهها، اعتادت أن تجلس في الصفوف الأمامية، تسجّل المحاضرات بدقة، وتستعد للغد بحلم كبير، كانت تحلم بوظيفة مرموقة تُفرح بها والديها، وتسند شقيقاتها الصغيرات، لكن القدر كان أسرع من أمانيها، إذ تعرضت صباح اليوم لحادث أليم على الطريق الإقليمي أثناء عودتها من زيارة عائلية، لتنتقل جثتها الطاهرة إلى مستشفى وردان.

 

الطريق الإقليمي.. شبح الموت المتربص

مرة أخرى، يعاود الطريق الإقليمي كتابة سطوره الدامية، فلم يكد يمر أسبوع إلا وتتصدر شاشات الهواتف وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء عن حادث جديد وضحية جديدة، واليوم كانت منة الله إحدى هؤلاء، بعد أن اصطدمت السيارة التي كانت تستقلها بأخرى نقل، في مشهد مأساوي أفزع كل من شاهده.

 

دموع زملائها.. والجامعة ترتدي ثوب الحداد

منذ وصول الخبر، عم الحزن أرجاء جامعة مدينة السادات، أصدقاؤها وزميلاتها لم يتمالكوا دموعهم، والمجموعات الطلابية تحولت إلى ساحات رثاء، الجميع استعاد مواقفها الطيبة، صوت ضحكتها، حرصها على صديقاتها، وأحاديثها عن المستقبل، وأصدرت الكلية بيانًا تنعى فيه الطالبة، معلنة تأجيل فعاليات اليوم الدراسي، تضامنًا مع أسرتها المكلومة.

صوت والدتها: "مفيش أغلى من بنتي.. راحت في غمضة عين"

 

في مشهد مؤثر، روت والدة منة الله وهي في حالة انهيار: "بنتي كانت طيبة.. كانت دايمًا بتضحك وبتسندني.. كانت بتحلم تجيب تقدير كويس وتتعيّن.. راحت من غير وداع.. مفيش أغلى من بنتي.. راحت في غمضة عين".

 

لم تجد الكلمات طريقها إلا وسط دموع الأم التي ما زالت لا تصدق رحيل ابنتها التي لم تكمل عامها الثالث والعشرين بعد.

أصدقاء منة: "كانت أختنا مش مجرد زميلة"

عشرات الشهادات والذكريات تدفقت من أصدقائها: "كانت بتساعد كل الناس بدون ما حد يطلب منها.."، "عمرها ما زعلت حد.. كانت بتقول الجنة محتاجة ناس قلوبها بيضا.."، "محدش كان يقدر يزعلها.. طيبة جدًا ودايمًا بتضحك.."، تلك العبارات المختلطة بالبكاء جسّدت محبة الجميع لها، وأثبتت أن الراحلة كانت أكثر من مجرد طالبة عابرة.

مشهد الوداع

تجمّع أهالي قريتها والعشرات من زملائها أمام مستشفى وردان، حيث وُضعت جثمانها الطاهر استعدادًا للرحيل الأخير. أصوات القرآن تملأ المكان، والدعوات لها بالرحمة لا تتوقف. الجميع يحملون وردة ودمعة، فيما يصارع والدها المكلوم دموعه، صامتًا أمام المصاب.

 

الطريق الإقليمي.. متى يتوقف نزيف الأرواح؟

فقدت المنوفية ومدينة السادات زهرة من زهراتها، وضحية جديدة انضمت إلى قائمة قتلى الطريق الإقليمي، الذي بات يحصد أرواح الأبرياء بلا هوادة، حادث منة الله ليس الأول ولن يكون الأخير ما لم تتحرك الجهات المعنية سريعًا لضبط المرور وتشديد الرقابة على هذا الطريق القاتل.

تم نسخ الرابط