بلدنا اليوم
رئيس مجلس الادارة
د/إلهام صلاح
رئيس التحرير
وليد الغمرى

بين مطرقة الحاجة والغلاء.. عمال اليومية بالمنوفية: «بنشتغل يوم ونقعد عشرة»

عمال اليومية بالمنوفية
عمال اليومية بالمنوفية فى انتظار لقمة العيش

على أرصفة الشوارع، وبجوار بوابات المصانع، وفي قلب الحقول، يقف عشرات الرجال من أبناء محافظة المنوفية كل صباح، ينتظرون فرصة عمل تسد الرمق وتوفر لقمة عيش لأسرهم، هم "عمال اليومية"، الذين باتت معاناتهم عنوانًا يوميًا يتكرر دون أن يسمع لهم أحد، يعيشون على الأمل، ويحملون في قلوبهم خوفًا دائمًا من يوم لا يجدون فيه عملًا ولا قوتًا.

شوارع تشهد صبر الرجال

في قرى ومراكز المنوفية، خاصة في مداخل أشمون وتلا والباجور وبركة السبع، اعتاد الأهالي رؤية مجموعات من العمال يفترشون الأرصفة أو يجلسون بجوار الشوارع الرئيسية، أملاً في أن يأتي من يحتاج ليد عاملة في البناء، أو الزراعة، أو التحميل، أو أي مهنة مؤقتة، ويقول محمد حسن 43 عامًا من قرية شما: " بقالي 18 سنة على باب الله.. يوم شغل وعشرة قعاد، نطلع من الفجر ونقعد لحد الظهر، لو جه شغلانة بنجري عليها، ولو مفيش نرجع لعيال جعانة."

 

أجور زهيدة.. وحياة صعبة

رغم مشقة العمل وأخطاره، إلا أن أجور عمال اليومية لا تزال متدنية لا تتناسب مع طبيعة ما يبذلونه من جهد، ويؤكد سعيد عبدالمقصود 52 عامًا عامل بناء من أشمون:" بنشتغل في الهدم أو المحارة أو التحميل، الشغلانة اللي تاكل العافية، وبآخر اليوم 200 أو 250 جنيه بالكاد، وبنقعد بعدها أسبوع عشان نلاقي شغل تاني"، ومع موجات الغلاء المتلاحقة، باتت تلك الأجور لا تفي حتى باحتياجات يوم واحد، خاصة وأن أغلبهم يعول أسرًا كبيرة بلا أي مصدر دخل ثابت.

 

مخاطر مهنية بلا تأمين

لا يتوقف الأمر عند تدني الأجور، بل يتعرض هؤلاء العمال لمخاطر مهنية يومية دون أي مظلة تأمينية أو علاجية، يقول رمضان عبد العاطي 39 عامًا "إحنا بنشتغل من غير ورق، ولا تأمين، ولا علاج اللي يقع ويتعور ملوش إلا ربنا وأهل الخير ولما بنيجي نروح المستشفى بنقعد بالساعات مستنيين"، وعلى الرغم من وعود متكررة بإنشاء قاعدة بيانات لعُمال اليومية، وتفعيل منظومة التأمينات الاجتماعية والصحية، إلا أن الواقع ما زال على حاله.

 

موسمية الزراعة.. أمل موسمي

في القرى الزراعية، تتحسن الأحوال نسبيًا في موسم الحصاد أو زراعة المحاصيل الصيفية والشتوية، حيث تزداد فرص العمل في الأراضي، ويقول عماد بسيوني47 عامًا من الباجور:"موسم القطن أو القمح بنشتغل 15 أو 20 يوم، لكن باقي السنة مفيش، وعلى الشغل ده معتمدين في الجواز والمصاريف والمدارس"، ورغم أن العمل الزراعي أقل دخلًا من البناء، إلا أن العمال يعتبرونه أيسر وأقل خطورة.

 

مطالب بسيطة.. بلا استجابة

يتفق عمال اليومية بالمنوفية على مطلب رئيسي واحد:"عايزين شغل ثابت وتأمين صحي واجتماعي يحمي عيالنا لو جرالنا حاجة"، كما يأملون في وجود مكاتب تشغيل حقيقية توفر فرص عمل بشكل رسمي، بدلاً من الاعتماد على الصدفة والانتظار في الطرقات، ويضيف محمود صابر41 عامًا :" لو عملولنا جمعية أو نقابة تنظم شغلنا وتدافع عننا، حياتنا هتبقى أكرم بكتير إحنا بني آدمين برضه."

 

كلمة أخيرة

في محافظة المنوفية، لا يزال عمال اليومية هم العمود الفقري للزراعة والبناء وأعمال التحميل، يتحملون أعباء الحياة بصبر وبساطة، ينتظرون نظرة رحمة من أصحاب القرار، تعيد إليهم كرامتهم وحقهم في أمان وظيفي وحياة آدمية، وبين ضيق اليد ومرارة الواقع، يبقى أملهم الوحيد: "يوم شغل يكفي يوم أكل."

تم نسخ الرابط