نحو اقتصاد مستدام: اتفاق تاريخي لتطوير مهنة المدقق وضرائب الكربون
في لحظات فارقة من مسار النهضة الاقتصادية والتحول الأخضر في مصر، وفي وقت تتسارع فيه الخطى عالميًا نحو اقتصاد منخفض الكربون، جاءت مبادرة رائدة تعكس وعيًا عميقًا بأهمية بناء القدرات البشرية وتعزيز الجاهزية الوطنية لمواجهة التحديات البيئية والمناخية. فقد شهدت فعاليات المؤتمر الاقتصادي السنوي التاسع للجمعية العلمية للتشريع الضريبي حدثًا استثنائيًا انتظره المهنيون والخبراء، حين جرى توقيع بروتوكول تعاون وشراكة بين معهد الاستدامة والبصمة الكربونية ISCF ، والجمعية العلمية للتشريع الضريبي، في خطوة تهدف إلى تطوير مهنة المحاسب القانوني والمراجع الضريبي، وبناء قدرات متقدمة في مجالات الاستدامة وضرائب الكربون والتنافسية العالمية.
لم يكن هذا البروتوكول مجرد اتفاق إداري، بل كان نقطة تحوّل تمثل إعادة تشكيل كاملة لخريطة التدريب المهني في مصر والمنطقة، حيث استطاع المعهد – بفروعه الدولية – تحقيق إنجاز نوعي بالحصول على اعتماد ست شهادات مهنية دولية من هيئة التطوير المهني المستمر بالمملكة المتحدة UK CPD. وهو اعتماد يعكس مكانة المعهد وريادته، ويضعه ضمن نخبة المؤسسات الدولية المانحة للشهادات المهنية المعتمدة، القادرة على تخريج قادة متخصصين في إدارة المخاطر المناخية، الاستدامة، البصمة الكربونية، CBAM، التمويل الأخضر، وكفاءة الطاقة.
وقد جاء توقيع البروتوكول بحضور نخبة من كبار الشخصيات الاقتصادية والأكاديمية والقيادات الضريبية في مصر، ليؤكد أن الدولة تتجه بثقة نحو نظام اقتصادي أكثر حداثة ومنافسة واستدامة، وأن بناء الكوادر المتخصصة يشكّل الركيزة الأساسية لنجاح الإصلاحات الضريبية وتحقيق مستهدفات رؤية مصر للتنمية المستدامة.
أهمية الشهادات المهنية الدولية في عصر التحول الأخضر
أصبح العالم اليوم يقيس قوة اقتصاده بقدرته على تأهيل موارده البشرية أكثر من أي وقت مضى. لم تعد الشهادات الأكاديمية وحدها كافية لاقتحام أسواق العمل الجديدة، فقد ظهرت وظائف وتخصصات لا يمكن الولوج إليها إلا عبر شهادات مهنية دولية معتمدة، خاصة في مجالات مثل الكربون، الاستدامة، تمويل المناخ، والحلول البيئية.
ومع تزايد التشريعات الأوروبية المرتبطة بالكربون مثل CBAM، باتت الشركات المصرية والمحاسبون والمراجعون بحاجة ماسة إلى:
• فهم حسابات البصمة الكربونية
• ضبط آليات MRV – القياس والإبلاغ والتحقق
• تطبيق معايير الاستدامة الدولية GRI – ESRS – IFRS S1 & S2
• استيعاب آثار ضرائب الكربون على الصادرات المصرية
• الاستعداد الكامل للامتثال لقوانين المناخ
ومن هنا جاءت قوة الشهادات المهنية المعتمدة من UK CPD، حيث يتم الاعتراف بساعاتها التدريبية عالميًا، وتعتد بها الجامعات الأوروبية والبريطانية في برامج الماجستير المهني والدراسات العليا، كما يتم قبولها لدى كثير من الهيئات والمؤسسات الدولية كونها تمثل تدريبًا متقدمًا يُضاف إلى السجل المهني للمتخصص.
لماذا يعد اعتماد UK CPD محوريًا؟
لأن هذا الاعتماد:
1. مقبول عالميًا في أكثر من 80 دولة.
2. يمثل معيارًا لمستوى التدريب وحداثة المحتوى.
3. يُعدُّ نقطة قوة في السيرة الذاتية للمتخصصين.
4. يُمكّن المحاسب القانوني والمراجع من تلبية المتطلبات العالمية لمهنة الضرائب والمراجعة في عصر الكربون.
5. يسمح باحتساب الساعات التدريبية ضمن مسارات أكاديمية في الخارج.
ولذلك فإن حصول معهد الاستدامة والبصمة الكربونية على اعتماد ست شهادات كاملة يُعد إنجازًا كبيرًا يمنح مصر والمنطقة مؤسسة قادرة على تخريج كفاءات دولية دون الحاجة للسفر للخارج أو تحمل تكاليف باهظة.
تفاصيل الشهادات المعتمدة التي سيقدمها المعهد
1. MRV-S – أخصائي معتمد في قياس غازات الاحتباس الحراري
2. CS-S – أخصائي معتمد في الاستدامة
3. CEE-S – أخصائي معتمد في كفاءة الطاقة
4. CGB-S – أخصائي معتمد في المباني الخضراء
5. CBAM-S – أخصائي معتمد في آلية تعديل حدود الكربون
6. CESGR-S – أخصائي معتمد في مخاطر ESG
7. CSS-S – أخصائي معتمد في التوريد المستدام
8. CSF-S – أخصائي معتمد في التمويل المستدام
وهي تخصصات تعكس أحدث اتجاهات الاقتصاد الأخضر، وتمثل العمود الفقري للوظائف الجديدة خلال العقد الحالي.
أهمية هذا البروتوكول للاقتصاد المصري والتحول الأخضر.
لا يمكن لأي دولة أن تحقق تقدمًا في ملف المناخ دون بناء كوادر قادرة على حساب الانبعاثات، تحليل مخاطر الكربون، وفهم سياسات الاتحاد الأوروبي.
ومصر – التي تخوض معركة كبيرة للحفاظ على تنافسية صادراتها – تحتاج إلى آلاف المتخصصين في هذه المجالات.
أهم الفوائد الاقتصادية للبروتوكول:
1. حماية الصادرات المصرية من رسوم CBAM
من خلال تدريب محاسبين وخبراء قادرين على إعداد ملفات الكربون وفقًا لمتطلبات الاتحاد الأوروبي.
2. دعم رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة
عبر خلق جيل متخصص في البيئة والمناخ والاستدامة المالية.
3. تمكين القطاع الصناعي
من إعداد تقارير الاستدامة، وتخفيض الانبعاثات، وترشيد الطاقة.
4. خفض تكلفة الاستشارات الدولية
إذ سيتم توفير خبرات مصرية محلية عالية المستوى دون الحاجة لمكاتب أجنبية.
5. رفع جودة المراجعة الضريبية
من خلال إدماج ضرائب الكربون والمخاطر المناخية في هيكل المهنة.
قيمة المؤتمر الذي احتضن توقيع البروتوكول
حمل المؤتمر الاقتصادي التاسع للجمعية العلمية للتشريع الضريبي عنوانًا بالغ الدلالة:
«رؤية مستقبلية للإصلاح الضريبي لتحقيق اقتصاد تنافسي ومستدام»
لم يكن مؤتمرًا تقليديًا، بل كان ملتقى فكريًا واستراتيجيًا جمع:
• نواب وزراء المالية
• أساتذة الاقتصاد
• رؤساء المحاكم
• قيادات مصلحة الضرائب المصرية
• ممثلي الهيئات الاقتصادية
• قيادات جامعية
• خبراء المناخ والاستدامة
وتصدر الحضور الأستاذ الدكتور رابح راتيب بسطا، والدكتور شريف الكيلاني نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، والدكتور فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة، والدكتورة يمن الحماقي، إلى جانب اللواء الدكتور محمد فوزي، والمهندس توفيق عامر، وكوكبة من قضاة المحكمة الدستورية ورؤساء الجامعات.
اجتمع هذا الحشد ليؤكد أن الإصلاح الضريبي لم يعد مجرد تعديل تشريعي، بل أصبح مرتبطًا بقضايا المناخ والكربون والتحول الأخضر، وأن مستقبل الاقتصاد المصري يعتمد على قدرتنا على دمج التكنولوجيا، الاقتصاد الأخضر، والاستدامة في المنظومة الضريبية.
ويمثل البروتوكول… نقطة تحول في مستقبل مهنة المحاسب والمراجع
توقيع البروتوكول بين الجمعية ومعهد الاستدامة يفتح الباب أمام:
• دمج الاستدامة وضرائب الكربون في التدريب المهني
• توفير شهادات دولية معترف بها
• إطلاق دبلومات مهنية متقدمة
• إعداد دراسات مشتركة لدعم صانع القرار
• تشكيل لجنة عليا لمتابعة تطبيق CBAM
• دعم المؤسسات الحكومية في الاستعداد للتشريعات البيئية.
ويأتي هذا ليجسّد تحولًا مفصليًا في طبيعة مهنة المحاسبة والمراجعة، التي أصبحت اليوم مطالبة بفهم:
• المعايير الدولية للكربون
• حساب بصمة المنتجات
• تأثير انبعاثات الموردين
• التمويل المستدام
• مخاطر ESG
• والمتطلبات الأوروبية الجديدة للصادرات.
أهمية الـ CPD للمهنيين في مصر والعالم العربي
أصبح الحصول على اعتماد CPD شرطًا رئيسيًا لدى كثير من المهن الدولية، مثل:
• المحاسب القانوني
• المراجع
• المحلل المالي
• مدير الطاقة
• مدير الاستدامة
• خبير سلسلة الإمداد
• مستشار الضرائب
إذ يُعد CPD شهادة على التزام المتخصص بالتطوير المستمر، ويُسهم في:
• رفع جودته المهنية
• زيادة فرصه الوظيفية
• تمكينه من الالتحاق ببرامج الماجستير المهني
• تحسين قبوله الدولي
• تعزيز مكانته داخل المؤسسات الكبرى
وهو ما يجعل الشهادات التي يقدمها معهد الاستدامة – باعتماد CPD – بوابة ذهبية للمهنيين في مصر والعالم العربي.
حيث ستؤدي تلك الجهود الي تعزيز الشراكة العلمية والمهنية في مجالات التشريعات الضريبية الحديثة، وضرائب الكربون، والاستدامة، والمناخ. يركز البروتوكول على دعم القدرات الوطنية في مواجهة التحديات المرتبطة بتطبيق آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية CBAM ، وتمكين المهنيين من الحصول على شهادات مهنية دولية معتمدة.
أهداف البروتوكول
يشمل البروتوكول عدة أهداف رئيسية، أبرزها:
• تطوير القدرات في مجالات ضرائب الكربون، البصمة الكربونية، وإدارة المخاطر المناخية.
• توفير برامج تدريبية دولية معتمدة لأعضاء الجمعية.
• إعداد دراسات وبحوث مشتركة حول التشريعات الضريبية البيئية.
• دعم صناع القرار من خلال لجنة مشتركة متخصصة.
نطاق التعاون
يتعاون الطرفان في:
• تنظيم دبلومات وبرامج تدريبية متخصصة.
• تبادل الخبرات والمواد العلمية.
• إعداد أوراق بحثية وتوصيات.
• تنظيم مؤتمرات وورش عمل مشتركة.
التزامات كل طرف
يقدم معهد الاستدامة الخبراء الدوليين والمناهج والشهادات المهنية، بينما توفر الجمعية القاعات والتنظيم والإعلان وتسجيل المتدربين.
الأحكام المالية
تحصل الجمعية على نسبة 20% من إيرادات البرامج مقابل الخدمات التنظيمية، ويحتفظ المعهد بباقي الإيرادات مقابل المحتوى العلمي.
مدة البروتوكول
يسري البروتوكول لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد، مع الالتزام بالسرية والملكية الفكرية، وحل النزاعات وديًا أو عبر التحكيم.
إن توقيع هذا البروتوكول يمثل لحظة فارقة ستنعكس آثارها على:
• مستقبل مهنة المحاسبة والمراجعة
• قدرة مصر على حماية صادراتها
• جاهزية القطاع الخاص للتحول الأخضر
• خلق وظائف جديدة في مجالات البيئة والمناخ
• تعزيز التنافسية الاقتصادية
• الارتقاء بالمهارات وفق المعايير الأوروبية والدولية.
وهو إنجاز يُضاف إلى سجل معهد الاستدامة والبصمة الكربونية بقيادة السفير الدكتور مصطفى الشربيني الذي يواصل دوره الدولي في بناء منظومات قوية للحوكمة البيئية والاستدامة والمناخ، ورسم مستقبل تنافسي مستدام للاقتصاد المصري.

