“الأصب”.. سر تسمية شهر رجب ودلالاته الروحية في ميزان الشريعة
يعد التساؤل حول سبب تسمية شهر رجب بـ«الأصب» مدخلًا لفهم مكانته الخاصة بين شهور السنة الهجرية، وما يحمله من معاني دينية وروحية تدعو إلى استثماره بالطاعات والقرب من الله، كما ورد في الهدي النبوي الشريف.
فرغم شيوع المعرفة بأن رجب أحد الأشهر الحرم، فإن خلف هذه الحقيقة تفاصيل أعمق تكشف أبعادًا تاريخية ودينية تضفي عليه خصوصية متفردة.
لماذا أُطلق عليه «رجب الأصب»؟
أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي تتعاظم فيها حرمة الذنوب، وإن كانت المعاصي محرمة في سائر الأيام.
وبين أن لهذا الشهر عدة تسميات، لكل منها دلالة خاصة فقد سمي «رجب الفرد» لوقوعه منفردًا خارج تسلسل الأشهر الحرم الثلاثة المتتابعة ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم. كما عُرف بـ«رجب الأصم»، أي الذي لا يسمع فيه صوت السلاح، إذ كانت العرب تمتنع عن القتال خلاله.
أما وصفه بـ«الأصب»، فيعود إلى اعتقاد أن رحمات الله تنهمر فيه على عباده انهمارًا، فيكون تمهيدًا لشعبان واستعدادًا لرمضان.
وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن هذه المرحلة الزمنية تمثل فرصة للانتقال من الغفلة إلى اليقظة، ومن التقصير إلى المسارعة في طلب المغفرة، مؤكدًا أن التوبة الصادقة تقوم على العزم الحقيقي على ترك الذنب، مع إدراك طبيعة الإنسان التي قد تزل، فيعود بعدها إلى باب التوبة دون يأس.
واستشهد بحديث النبي ﷺ: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، موضحًا أن صيغة المبالغة في لفظي «خطاء» و«تواب» تشير إلى تكرار الوقوع في الذنب، يقابله تكرار الرجوع إلى الله، الذي يفرح بتوبة عبده فرحًا عظيمًا.
دعوة مفتوحة للتوبة والرجوع
ودعا مفتي الجمهورية الأسبق إلى استقبال شهر رجب بنية صادقة، وتوبة متجددة، وسؤال الله العفو والقبول، والالتجاء إليه بالدعاء أن يثبت القلوب على الحق، ويغفر الزلات، ويشمل عباده برحمته.