مكاسب غير مسبوقة للفضة في 2025.. هل انتهى عصر الذهب؟
واصلت الفضة فرض نفسها بقوة على خريطة الأسواق العالمية خلال عام 2025، بعدما سجلت مستويات تاريخية غير مسبوقة، مدعومة بمزيج من العوامل النقدية والهيكلية، ما أعاد طرح تساؤلات حول مستقبل الذهب ومكانته كأبرز ملاذ آمن.
الأسواق العالمية
وعالميًا، قفزت أوقية الفضة بنحو 3 دولارات خلال تعاملات الجمعة لتصل إلى 75 دولارًا، وهو أعلى مستوى في تاريخها، بدعم من استمرار العجز في المعروض منذ سنوات، إلى جانب تسارع الطلبين الصناعي والاستثماري منذ مطلع العام.
وأشار تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة باتت قريبة من تحقيق مكاسب تقارب 160% خلال عام 2025، متقدمة بفارق واسع على الذهب، الذي سجل ارتفاعًا بنحو 72% خلال أحد أقوى أعوامه منذ 1979، ضمن موجة صعود شملت مختلف المعادن النفيسة.
كما تراجعت نسبة الذهب إلى الفضة إلى نحو 60%، وهي النسبة التي تقيس عدد أوقيات الفضة اللازمة لمعادلة قيمة أوقية واحدة من الذهب، في دلالة واضحة على التحسن اللافت في الأداء النسبي للفضة مقارنة بالذهب.
قمم تاريخية للمعادن النفيسة
ونجحت الفضة في اختراق مستوى 75 دولارًا للأوقية لأول مرة يوم الجمعة 26 ديسمبر، بالتزامن مع ضغوط نهاية العام على السيولة، بينما حافظ الذهب على تداوله فوق مستوى 4500 دولار للأوقية، بعد تسجيل قمم تاريخية جديدة.
وفي الوقت نفسه، اندفعت أسعار البلاتين والبلاديوم بقوة، مدعومة برِقّة التعاملات خلال موسم الأعياد وضيق أحجام التداول مقارنة بالذهب والفضة.
صعود يتحدى تقلبات الأسواق
وجاء الأداء القوي للمعادن النفيسة بالتوازي مع موجة صعود في الأصول عالية المخاطر مع اقتراب نهاية العام؛ إذ ارتفعت الأسهم الآسيوية إلى أعلى مستوياتها في عدة أسابيع، فيما استقرت عقود مؤشرات الأسهم الأمريكية مع عودة الحديث عن «رالي سانتا كلوز».
ورغم تحسن شهية المخاطرة، واصلت معادن الملاذ الآمن تحقيق مكاسب، في إشارة إلى سعي المستثمرين لإنهاء عام 2025 بمراكز تستفيد من مرونة النمو العالمي، وتوفر تحوطًا في الوقت ذاته من التقلبات الجيوسياسية.
عوامل داعمة إضافية
وساهم تصاعد عدم اليقين المرتبط بجانب العرض، إلى جانب الاضطرابات التجارية العالمية، في تعزيز التدفقات الدفاعية نحو الذهب والفضة، لا سيما خلال فترات التداول المحدودة المرتبطة بموسم الأعياد.
ومع تراجع السيولة، اتجه المستثمرون بشكل متزايد إلى استخدام المعادن النفيسة كأدوات تحوط طويلة الأجل بدلًا من المضاربات قصيرة الأجل، كما استفادت أسواق المعادن الثمينة من تنامي المخاوف المرتبطة باضطرابات التجارة العالمية ومخاطر الإمدادات، خصوصًا في قطاع الطاقة، وأضافت التحركات التشريعية الأخيرة المؤثرة على الشحن وتدفقات السلع مزيدًا من الضبابية للأسواق، ما عزز الإقبال على الأصول الحافظة للقيمة.
السياسة النقدية والبيانات الاقتصادية
ولا تزال توقعات تيسير السياسة النقدية تمثل عامل دعم رئيسيًا، إذ تسعّر الأسواق احتمالات قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة عدة مرات خلال عام 2026، في ظل تباطؤ التضخم وظهور مؤشرات على تراجع زخم سوق العمل.
وعادة ما تدعم أسعار الفائدة المنخفضة الأصول غير المدرة للعائد، مثل الذهب والفضة، عبر تقليص تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بها، وفي المقابل، حدّت بعض البيانات الاقتصادية الأمريكية القوية من تسارع وتيرة الصعود، بعدما سجل الاقتصاد نموًا فاق التوقعات خلال الربع الثالث، ما عزز الدولار نسبيًا وشكّل عامل ضغط على أسعار المعادن النفيسة، إلى جانب استمرار حالة الحذر لدى المستهلكين الأمريكيين.
الفضة.. نجم 2025
وبرزت الفضة كأحد أكبر الرابحين خلال عام 2025، بعدما جذبت اهتمام المستثمرين الباحثين عن بدائل لأسواق الأسهم شديدة التقلب، ورغم أن سعرها لا يزال أقل بكثير من الذهب، فإن مكاسبها النسبية كانت لافتة، إذ بدأت العام قرب 29 دولارًا للأوقية قبل أن تقفز إلى 75 دولارًا بنهاية ديسمبر.
ولا يعكس هذا الصعود شهية المستثمرين وحدها، بل جاء مدفوعًا بعوامل هيكلية تشمل ضغوط التضخم، وقيود المعروض، وتصاعد المخاطر الجيوسياسية، إلى جانب النمو القوي في الطلب الصناعي، فضلًا عن أثر تيسير السياسة النقدية في تعزيز جاذبية الأصول المادية.
الأسواق المحلية
وعلى المستوى المحلي، سجلت أسعار الفضة ارتفاعًا بنحو جنيهين للجرام، ليرتفع سعر جرام عيار 800 من 94 إلى 96 جنيهًا، بينما بلغ عيار 925 نحو 111 جنيهًا، وسجل عيار 999 قرابة 120 جنيهًا، في حين استقر سعر جنيه الفضة عند مستوى 888 جنيهًا.
وشكّلت جلسة 26 ديسمبر ختامًا قويًا لعام استثنائي، أنهت فيه المعادن النفيسة عام 2025 عند مستويات تاريخية غير مسبوقة، مدعومة بمزيج من العوامل النقدية والهيكلية، في وقت واصلت فيه الأسواق العالمية محاولات تسجيل مكاسب نهاية العام.