«النووي» يفجر علاقة ترامب بأوروبا.. ويفتح «سككًا اقتصادية» مع آسيا

يبدو أن كلمة السر في تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو السلاح النووي، فولع الأخير بتقييد حركات الدول التي تسعى لإمتلاك قوة مشابهة لما تحمله واشنطن.
لم يشغل بال ترامب كثيرًا أن تصبح علاقات واشنطن مع حلفاؤها التاريخيين على شفا الهاوية، فأصبح متقمسًا دور "المعاقب" لكل من يتجرأ على الوقوف أمام رغبات رجل الأعمال الأمريكي المتطرف.
معاقبة الاتحاد الأوروبي
لجأ ترامب إلى معاقبة حلفائه التاريخيين، بعدما أعلنوا عصيانه وبقاؤهم على الاتفاق النووي الإيراني، ولم يكن اجتماع الدول السبع، وما آلت إليه الأحداث إلا وليد مشاحنات سابقة.
تراجع ترامب، عن موافقته على البيان المشترك الصادر في نهاية قمة مجموعة الدول الصناعية السبع التي انعقدت منذ أيام في سنغافورة، متهما كندا بـ"عدم التحلي بالنزاهة"، قائلًا، إن أخرى تفرض "تعريفات ضخمة" على الولايات المتحدة.
الأحداث المأساوية لمجموعة الدول السبع، سبقها بعض القرارات التي اتسمت بالتحدي بين الجانبين خاصة بعدما أعلنوا قادة الاتحاد الأوروبي، في قرار نهائي، منتصف الشهر الماضي، تمسكهم بالاتفاق النووي مع إيران، في وقت يعتزم فيه القادة الأوربيون تفعيل قانون يمنع الشركات الأوروبية من التقيد بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وفقا لقناة «سكاي نيوز» الإخبارية: «قررنا السماح لبنك الاستثمار الأوروبي بتسهيل استثمارات الشركات الأوروبية في إيران .. المفوضية نفسها ستواصل تعاونها مع إيران».
وأكد يونكر، أن المفوضية لديها إلتزام بحماية الشركات الأوروبية، مضيفا: «نحن بحاجة الآن للتحرك ولهذا نحن ندشن عملية تفعيل 'قانون الحجب' الذي يعود إلى عام 1996».
القانون المسمى «التعطيل»، أو «الحجب» يتيح للشركات والمحاكم الأوروبية ألا تخضع لقوانين تتعلق بعقوبات اتخذتها بلدان أخرى، وينص على ألا يتم تطبيق أي حكم قررته محاكم أجنبية بناء على هذه القوانين.
لم يقبل الرئيس الأمريكي التحدي الأوروبي، وفكر مليًا في تحديد عقوبة قاسية، توسع من انقسام الغرب، فلجأ إلى العقوبات التجارية بشكل غير مباشر.
نهاية مارس الماضي، وقبل بدء مرحلة العصيان من الاتحاد الأوروبي، ولكن بوادرها كانت ظاهرة بتمسك القارة العجوز بالاتفاق النووي، لجأ ترامب إلى رفع الرسوم الجمركية على واردات الألمنيوم والحديد الصلب إلى الولايات المتحدة، بنسبة 25% على الصلب و10% على الألمنيوم.
أصبح رئيس البيت الأبيض يحمل ورقة الضغط على الاتحاد الأوروبي التي يمكن تفعيلها في أي وقت، وبعدما قرر الأخير تمسكه بالاتفاق النووي الإيراني، خلق ترامب تعاونًا جديدًا بالرغم من الخصومات الواسعة مع الصين، وشكلا أكبر قوة هدم، تهدد الاستقرار الاقتصادي للاتحاد الأوروبي.
ظهرت مخاوف القارة العجوز في تصريحات وزراء الدول الأعضاء، حيث حذر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير من أن أوروبا قد تدفع الثمن في حال إبرام اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة وذلك بعد حل خلافاتهما على ما يبدو.
وقال الوزير أثناء برنامج مشترك للقنوات الفرنسية، إن الاتفاق قد يحدث بين الولايات المتحدة والصين على حساب أوروبا إذا لم تكن أوروبا قادرة على «إظهار الحزم».
الصين من جهتها قبلت بمبدأ خفض العجز التجاري الأميركي تجاهها، وأعلنت بكين وواشنطن منذ أيام مضت، التوصل «إلى تفاهم لاتخاذ تدابير من أجل خفض عجز الولايات المتحدة في مجال تبادل السلع مع الصين إلى حد كبير».
وزراء التجارة الأوروبيون يخشون من عدم كفاية العرض الذي يمكن للاتحاد الأوروبي تقديمه لثني الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية على صادرات الصلب والالمنيوم، بعدما توصلت واشنطن إلى تفاهم بهذا الصدد مع بكين.
وقالت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم لدى وصولها الثلاثاء الماضي للمشاركة في الاجتماع الوزاري في بروكسل «أعتقد أن الولايات المتحدة تعتبر هذا غير كاف. الأمور غير واضحة والمهلة تنتهي في الاول من يونيو».
الضغط الأمريكي على الاتحاد الأوربي بدا قويًا هذه المرة، بالدرجة التي جعلت الدول الأعضاء تجتمع أكثر من مرة، في محاولة لكبح جماح رجل الأعمال الأكثر تطرفًا في العالم.
"قمة السلام".. وتعزيز التجارة مع الصين
على الجانب الآخر توجه الرئيس الأمريكي إلى آسيا بشكل ملحوظ، فظهر في تحالفه المبدأي مع الصين، بعدما أعلنت واشنطن توصلها مع بكين إلى اتفاق حول اتخاذ تدابير لإزالة عدم التوازن التجاري بين البلدين، عبر موافقة بكين على زيادة حجم البضائع الأمريكية المستوردة.
وجاء في بيان مشترك نشره البيت الأبيض، منتصف الشهر الماضي، في أعقاب محادثات مطولة عقدها مسؤولون أمريكيون مع وفد تجاري صيني، أنه "تم التوصل إلى اتفاق بشأن اتخاذ تدابير فعالة بهدف تخفيض عدم التوازن التجاري بين الولايات المتحدة والصين بشكل جدي".
وتابع البيان أن الصين ستزيد بشكل ملحوظ شراء السلع والخدمات الأمريكية، وذلك "لتلبية الاحتياجات المتزايدة للشعب الصيني، ونظرًا لضرورة ضمان تنميتها الاقتصادية العالية الجودة"، مشيرًا إلى أن الحديث يدور في المقام الأول عن المنتجات الزراعية والطاقة.
كما أورد البيان المشترك أن الطرفين اتفقا على رفع مستوى تعاونهما في مجال حماية الممتلكات الفكرية.
سرعان ما لجأ ترامب أيضًا إلى عقد لقاء مع زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، أمس، وتبادل الطرفين الحديث بمساعدة مترجمين وبدا مبتسمان أمام أعلام البلدين، ثم انتقلا لعقد اجتماع بمفردهما.
ويمثل هذا الاجتماع تحولا كبيرا في العلاقات بين البلدين اللذين تبادلا حربا كلامية خلال العام الماضي.