سامح عيد : مصر تواجه حاليًا حربًا دعائية.. وأرفض التصالح مع تنظيم الإخوان الإرهابي

تنظيم الإخوان يتواصل مع أجهزة مخابراتية لدول أجنبية
يجب على مصر النشاط خارجيًا لمواجهة الإخوان
من الصعب السيطرة على مدارس الإخوان
عدد الإخوان 500 ألف شخص منهم 50 ألف هربوا للخليج و5 آلاف في تركيا وماليزيا وأوروبا
قال سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، إن مصر تواجه حاليًا حربًا دعائية ضخمة من قبل تنظيم الإخوان الإرهابي، مطالبًا بضرورة وجود مكاتب للرد على الشائعات خصوصًا في الوزارات الخدمية، وأن تنشط الخارجية المصرية لمواجهة الآلة الدعائية الإخوانية في الخارج، كاشفًا أن تنظيم الإخوان تواصل مع أجهزة مخابرات لدول أجنبية، مؤكدًا أن ضربات الجيش والشرطة أفسدت نهج الإخوان في العنف.. وإلى نص الحوار.
ما تعليقك على الشائعات التي تطلقها جماعة الإخوان على مصر وتحريضها الدائم ضد الدولة؟
جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات تناهض الدولة المصرية دائمًا بشكل أو بأخر، ونحن حاليًا في حرب دعائية واي حرب دعائية تعتمد على جزء من الحقائق وتبالغ فيها بل وتضيف إليها أكاذيب أخرى، فمثلًا هناك ارتفاعًا للأسعار المناهضون للدولة يبالغون في ارتفاع هذه الأسعار أو المبالغة في ارتفاع مرتبات الجيش والشرطة والقضاء أو النواب.
وما نتائج هذه الشائعات على الشعب؟
هذا يتسبب في تزعزع جدار الثقة بين الشعب والحكومة بشكل أو بأخر، لكن يجب أن ننوه هنا أن أحيانًا البيئة تساهم في انتشار الشائعة بشكل كبير، كأن تكون الحكومة غير سياسة لا تتواصل بشكل مباشر مع الشعب.
وكيف تتصدى الدولة لهذه الشائعات؟
طالبت أكثر من مرة أن الوزارات الخدمية المهمة مثل الصحة والتعليم والتموين أن يكون لديها مواقع موثقة أو أن توجد مكاتب إعلامية لهذه الوزارات تصدر بيانات بشكل مباشر للرد على هذه الإشاعات بحيث لا تترك فرصة لها فمن ضمن الإشاعات التي نشروها أن الخبز سيضاف لها بعض الحبوب التي ستقلل الخصوية أو تسبب العقم للشعب المصري فهذه حقيقة موجودة أن هناك تصريح للوزير بإضافة فيتامينات أو ماشابه ذلك، ثم تضاف إليها الأكاذيب من قبل الجماعة الإرهابية، فلو كان هناك تواصل مباشر من الحكومة وتوضيح وبث الثقة للشعب سيساهم في عدم انتشار الإشاعة لكن في جو السوشيل ميديا سريع الانتشار خصوصًا في الشائعات فمثلًا تويته معينة قد تصل إلى الملايين في ثواني معدودة، وأيام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر كان يوجد جهاز في المخابرات متخصص في رصد الإشاعات وتتبعها وربما تكذيبها واختيار التوقيت المناسب للرد عليها، ووقتها كانت وسائل انتشار الأشعة ضعيفة لكن حاليا الشائعات تنتشر بسرعة البرق ولها تأثير سلبي على عدم الإطمئنان والثقة بين الشعب والحكومة.
هل تنظيم الإخوان لديه أساليب أخرى غير الشائعات في الوقت الحالي لتحريض ضد الدولة؟
تنظيم الإخوان المسلمين تراجع عن العنف المباشر بعد عام 2015 بسبب حدوث بعض التوافقات الدولية، ولكن مازالت الحرب الإعلامية والاقتصادية وحقوق الإنسان والتربص بمصر في المجتمع الدولي وإصدار بيانات متلاحقة والتواصل مع المجتمع المدني الأوروبي والدولي وهو أحد الأساليب المهمة وتتبع كل حالات الانتهاكات أو الاختفاء القسري وماشابه ذلك وتضخيمها عبر الزيادة في الأعداد كل هذه الحروب لازالت قائمة ضد مصر وتقوم بها لجان متخصصة ومكاتب قانونية منتشرة في مختلف نواحي أوروبا، إضافة إلى التواصل مع بعض أعضاء الكونجرس وبعض أجهزة المخابرات كل هذه الأمور قائمة.
كيف تواجه مصر هذه الحرب؟
لابد أن يكون في المقابل هناك حركة خارجية مصرية أكثر نشاطًا وأكثر توضيحًا وأن ترد على كل هذه الإدعاءات وتذكر الحقائق لو كان هناك حقائق معروفة فهذه الخطوة تكون حائط صد ضد هذه المغالاة.
كيف نسيطر على مال الإخوان؟
في موضوع أموال الإخوان تحديدًا فتنظيم الإخوان نجح في ربح بعض القضايا عبر القضاء مثل ما حدث مع سوبر ماركت سعودي، أضف إلى ذلك نقطة ثانية أن بعض الإخوان قد اكتسبوا عنصر الخبرة فبدأوا باللجوء إلى عنصر الإيجار وليس التملك،فمثلًا المبنى الفلاني كنا ملك للإخوان لكنه أصبح ملكًا لأشخاص قاموا بتأجيره بمبالغ ضخمة من الإخوان، بحيث إذا قامت الدولة بإداراته سيتعرض للخسارة بلاشك.
كيف نتصدى لمشكلة مدارس الإخوان التي تبث سمها في التلاميذ؟
من الصعب تغيير كادر المعلمين في هذه المدارس بأكملها فكل هؤلاء المدرسين معينين ومن السهل أن يقوموا برفع القضايا ضد الدولة وربحها والعودة لعملهم من جديد فهناك عوائق قانونية أمام السيطرة الكاملة على هذه المدارس، فأنت مثلًا ربما تأتي بإدارة للمدرسة، لكنك لن تستطيع إزالة طاقم المدرسين بأكمله، فأنت لا تمتلك دليل بأن هذا العنصر إخواني، لكن في الغالب الأعم معظم العناصرة العاملة تكون من الإخوان، فابنة خيرت الشاطر لديها مدرسة انترناشونال، وفي بعض الأحيان تكون متعاقدة خارجيًا في بريطانيا وألمانيا وهناك شراكة تعليمية مع هذه الدولة الراعية للمدرسة فأحيانا قد تدخل في مشاكل مع هذه الدولة الراعية للمدرسة سواء كانت مالية أو سياسية.
هل أبناء الجماعة لازالوا مراكز قوة في القرى؟
الإخوان لم يتبخروا فالعناصر موجودة والكتلة الصلبة قائمة والتسلخات التي حدثت في هذه الكتلة ليست كبيرة، فربما تقلصت الاجتماعات الكبيرة للجماعة، لكن الاجتماعات الصغيرة والاشتراكات عادت مرة أخرى والقرى بها أمور عائلية تمنع التتبع، فتنظيم الإخوان يقارب النصف مليون شخص منظمين منهم 50 ألف هربوا إلى الخليج وهم مسكنين ومنظمين هناك، أضف إلى ذلك هناك 5 آلاف مهاجرين إلى ماليزيا وتركيا وأوروبا وأيضًا مسكنين ويعملون تحت نظام الإخوان المسلمين ويديرون شئونها الدولية.
هل من السهل القضاء على تنظيم الإخوان؟
هذا التنظيم ليس من السهل أن تقضي عليه وهذه ليست أول أزمة يمرون بها فقد مروا في أعوام 48 وفي 54 وفي 65 وفي 81 بأزمات عدة ودائمًا ما يكون لديهم القدرة على امتصاص هذه الصدمات والتعامل معها والعودة مرة أخرى.
كيف نقضي على هذا التنظيم؟
بالتأكيد 2013 كانت ضربة قاصمة لمركز الإخوان في مصر، لكن لا يجب علينا أن نعطي أماني كاذبة للجمهور فلازال التنظيم قائم في مصر وإذا أردت أن تقضي عليه لابد من العمل لـ 10 سنوات متواصلة من الجهد وتجفيف المنابع ومنع التجنيد والمواجهة الفكرية، فالأمور ليست هينة بهذا الشكل.
هل تعتقد أن ضربة 2013 للإخوان أثرت على فروع الجماعة خارجيًا؟
بالتأكيد التنظيم الدولي كتنتظم انتهى بالكامل فآخر اجتماع للتنظيم كان في 2014 بعدها، وأيضًا عبء منصب المرشد لم يتحمله أي شخص فمرشد الأردن رفض والقرضاوي رفض، حتى حماس نفسها أعلنت تبرأها من الجماعة، فالجميع لم يستطع تحمل ثقل هذا المنصب خصوصًا في ظل تصنيف الجماعة في بعض الدولة العربية على أنها جماعة إرهابية، فضلًا عن بعض التقارير الدولية ضد هذه الجماعة فمثلا بريطانيا وصفتها بشكل جزئي على أنها تنظيم إرهابي.
هل التصالح مع الإخوان أمر وارد مستقبلا؟
أنا على المستوى الشخص أتحدث عن التفاهم مع الإفراد إنما التنظيم نفسه والتعاون معه ككيان تنظيمي أمر مرفوض، إنما التصالح مع أفراد كأن يكون قبض عليها في مظاهرات أو سجن ثلاث سنوات أو كتب إقرار للتوبة ونفذ مراجعات فكرية في النهاية أنت مضطر للتسامح مع الأفراد، فأنا مع أن يتم حل تنظيم الإخوان وأن يتحول إلى حزب سياسي لكن يسبق ذلك فترة عزل 5 سنوات.
كيف تنظر لقطر وتحالفها مع الإخوان ضد أمن واستقرار الدول العربية ؟
الموضوع له تاريخ طويل فقطر دولة صغيرة استطاع القرضاوي أن يتواصل مع الأسرة المالكة على مدار 4 عقود، وأيضًا استطاع أن يصنع لهم قوة ضاربة وهي الجزيزة فكل المتواجدين فيها كانوا من الإخوان، وأيضًا أنشأ لهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وذلك في وقت كانت في السعودية متحالفة مع الإخوان، هذا ساعد على خلق سطوة دينية كبيرة لقطر لن تستطيع أن تتخلي عنها، بمعنى أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أصبح يصدر فتاوى تلقى ترحيبًا في أواسط الشعوب العربية، فمن الصعب أن تتخلى قطر عنهم بسهولة.
هل تعتقد أن نظام الحمدين يمكن أن يتراجع عن دعم الإخوان مع سياسة العزلة المتبعة معه حاليًا؟
من الممكن أن يتخلى عن دعمهم بشكل جزئي لوجود بعض الضغوط الدولية إنما بشكل كامل من الصعب تحقيق ذلك، خصوصًا مع مرور عام ولجوئه للتعامل مع إيران وعدد كبير من الدول الأوربية فأصبحت فكرة التخلي عن دعمهم كاملًا
هل يمكن أن تنجو قطر بفعلتها بعد تحالفها مع إيران وتركيا؟
لا أثق في الدول الأوروبية لأن هدفها الأول هو مصالحها الشخصية، وفي العام الماضي أثبت بأحد تصريحات رجال الخارجية القطرية أنهم كانوا يتعاملون مع تنظيم القاعدة بأوامر مباشرة من أمريكا، فالولايات المتحدة أو الدول الغربية ما يهمها في المقام الأول مصالحها مع أيًا كان.
هل تتعامل الدول الغربية بسياسة الكيل بمكيالين مع أزمة بين قطر وجيرانها العرب؟
قبل ترامب كان هناك إلتزام خفي، لكن بعد رئاسته حوله ترامب إلى ابتزاز وقح وجريء وعلني ولا يتورع عن إحراج أي دولة عربية وهذا تطور كبير، فهذه الدول لاتواجه الإرهاب وإنما توجه لخدمة مصالحها.
كيف ترى إعلان واشنطن رفع تجميد 195 مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر والذي صدر فى 2017؟
المعونة العسكرية لم تتوقف، لكن دائمًا ما يكون الموضوع قائم على عملية الشد والجذب بين مصر وأمريكا، لأنه في النهاية نحن في حاجة لأمريكا بسبب قطع غيار السلاح وأمريكا لن تستطيع التخلي عنا لأن البديل سيكون السلاح الروسي، والرئيس السيسي بدأ حاليًا أن ينوع في مصادر السلاح كالرافال من فرنسا والميسترال من ألمانيا، إضافة روسيا فخوف أمريكا من التخلي عن سلاحها جعلها ترفع التجميد عن المعونة.
ما تفسيرك لتراجع العمليات العسكرية لتنظيمي "حسم" و "لواء الثورة" التابع لجماعة الإخوان؟
هذه المجموعات فشلت بالفعل في انتهاج العنف بسبب ضربات الجيش والشرطة المتتالية لهم لأن عملياتهم كانت بدائية بشكل كبير، لكن من الوارد أن تكون هناك مجموعات أخرى تسللت إلى مجموعات أكثر عنفًا مثل داعش أو المجموعات الموجودة في السودان.
هل يتلقى الإخوان دعم من إيران؟
وقت مرسي كان هناك تواصل، لكن مع الضغط السلفي تحت دعاوى التشيع، إضافة إلى غضب السعودية من هذا الأمر، الأمر الذي شكل عائقًا كبيرًا أمام الإخوان، لكن عقب ثورة يونيو توقف هذا الأمر تمامًا.
هل لازال الإخوان متخلخلين في مناصب الدولة؟
هم لا زالوا موجودين في وظائف حكومية من المستوى الثاني ومن الصعب إخراجهم منها، لكن المناصب الإدارية العليا بدأت الأجهزة الأمنية تتحكم فيها بشكل كبير، وتم الإطاحة بعدد كبير جدًا من القيادات التي احتلت مناصب عدة كوكلاء الوزارة ومديري الإدارة مثلًا تمت إزاحتهم من المناصب القيادية.
لماذا ينجح الإخوان دائمًا في خلق قاعدة جماهيرية لهم في القرى؟
القرى طبقة متوسطة وأكثر ميلًا للتدين من المدن النقطة الثالثة هي البعد العائلي، فمثلًا ممكن شاب من العائلة ينضم للإخوان، وبعدها يضم جزء كبير من شباب العائلة، فهذا يسهل فكرة التجنيد بخلاف المدن التي يصعب فيها ذلك.