الصين تستغل البنية التحتية للسيطرة على أفريقيا

يبدو أن الصين هى أكبر منافس اقتصادى لروسيا فى القارة السوداء، تقدم بكين للبلدان الأفريقية قروضا كبيرة ولكن ميسرة وتبنى مرافق البنية التحتية الاجتماعية على أساس غير مبرر، تعلق الصين أهمية كبيرة على "القوة الناعمة" من خلال تعزيز الاتصالات الثقافية والعلمية فى محاولة لتشكيل النخبة الوطنية الموالية، كل عام يتم منح الآلاف من الأفارقة المنح الدراسية للدراسة فى الجامعات الصينية، نتيجة لذلك، قبل عشرة أعوام، انتزعت الصين من الولايات المتحدة قيادتها كشريك تجارى واقتصادى لأفريقيا، وبذلك أصبحت واحدة من أكبر المستثمرين والجهات المانحة للبلدان الأفريقية.
منذ بداية الألفية، عُقد منتدى التعاون الصينى الإفريقى بانتظام، حيث انضمت ما يقرب من أربعين دولة أفريقية إلى مشروع "الحزام والطرق" الضخم، ونتيجة لضخامة الاستثمارات، عملت الصين على حماية مصالحها فى أفريقيا، لذلك ظهرت قاعدة عسكرية صينية فى جيبوتى، وهى الأولى خارج حدود جمهورية الصين الشعبية، فى الوقت نفسه، قد يصبح اعتماد أفريقيا المتزايد على التمويل الصينى أحد المزايا التنافسية لروسيا حيث تبدأ القارة فى البحث عن شركاء بديلين.
محادثات بناءة بين واشنطن وبكين حول المرحلة الأولى لاتفاق تجاري
أكد عطية عيسوى خبير الشئون الأفريقية، أن فترة التسعينيات من القرن الـ20، كانت العلاقات التجارية الدولية بين الصين والدول الأفريقية تحكمها أكثر من 12 اتفاقية تجارية ثنائية مع معظم دول شمال أفريقيا، لكن بداية من عام 2000، بدأ تحالف أقوى يتشكل إلى حد كبير حول قضايا الحصول على الدعم الأفريقى لموقف الصين فيما يتعلق بإنشاء أسواق جديدة للسلع والعمال الصينيين، وإيجاد مصادر جديدة للموارد الطبيعية لتلبية الطلب المحلى الصينى من الطبقة الوسطى المزدهرة فى البلاد، ومع تجدد التعاون فى هذه الأمور، بدأت العديد من الدول الأفريقية فى تلقى المساعدات الصينية، والقروض الميسرة، والاستثمارات المباشرة لمشاريع تطوير البنية التحتية، وبحلول عام 2009، أصبحت الكتلة الأفريقية ذات أهمية متزايدة للسلع والاستثمارات الصينية، وكانت الصين قد أصبحت فى وضع يسمح لها بأن تصبح الشريك التجارى الأكبر فى القارة، متجاوزة للولايات المتحدة بحلول عام 2012، أما اليوم، فتقدم الصين المساعدات لأكثر من 20 دولة أفريقية وأكثر من 130 مليون دولار من الصادرات إلى أفريقيا.
ويرى أن الصين تدخلت فى بناء البنية التحتية للعديد من الدول الأفريقية، مثل بناء مطارات وسكك حديدية جديدة وموانئ وجسور، هذا كله جزء من مبادرة الحزام والطريق الصينية، التى تم تقديمها فى 2013 لتعزيز التعاون والتواصل بين الأقاليم الأفريقية، فإن التزامات الاستثمار فى البنية التحتية الصينية فى أفريقيا ارتفعت من 21 مليار دولار فى عام 2015 إلى أكثر من 100 مليار دولار فى عام 2016، وقد بلغت قيمة هذه الالتزامات أكبر من القيمة الإجمالية للالتزامات التى قدمها اتحاد البنية الأساسية لأفريقيا، التى تضم المفوضية الأوروبية وبنك الاستثمار الأوروبى، والبنك الأفريقى للتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، والبنك الدولى.
وأوضح أن علاقة أفريقيا والصين تزداد فى مجال التعاون وزيادة استثمارات القطاع الخاص، منها الاستثمار فى تنمية المهارات والتدريب، وإضافة كفاءات للأسواق المحلية من خلال إدخال التقنيات والتكنولوجيا الجديدة، حيث تغلغلت الصين فى أنظمة الاتصالات فى الكثير من الدول الأفريقية، وأنشأت بكين استثمارات الاتصالات من خلال شركاتها التكنولوجيا ولعل أبرزها هواوى التى تنافس بقوة فى أسواق الاتصالات الأفريقية، بأكثر من 40 شبكة اتصالات من الجيل الثالث فى أكثر من 30 دولة أفريقية، والشركات الصينية تصنع جزءا كبيرا من الهواتف المحمولة التى تباع فى أفريقيا، تمثل 30 فى المائة من مبيعات الهواتف الأفريقية.
أما من الناحية العسكرية، فقال عيسوى إن أفريقيا تعتبر من أولى الوجهات التى أنشأت فيها الصين قواعد عسكرية، كما تنظم القوات المسلحة الصينية، أو ما يعرف بجيش التحرير الشعبى تدريبات مشتركة منتظمة فى جميع أنحاء المنطقة، وفى بعض البلدان التى تضم مشاريع البنية التحتية الصينية الرئيسية فى إطار مبادرة الحزام والطريق، على سبيل المثال فى جيبوتى، حيث أنشأت الشركات الصينية موانئ استراتيجية وأول خط سكة حديد عبر الحدود فى أفريقيا، أطلقت بكين العام الماضى رسميا أول قاعدة عسكرية فى الخارج، والتى تعمل أيضا كمرفق للخدمات اللوجستية والاستخبارات، ويمكن أن يكون هناك المزيد من القواعد الصينية فى السنوات القادمة، مؤكدا أن الصين قامت ببناء مجمع مصمم لتدريب القوات المسلحة المحلية فى تنزانيا، كما أعلنت بيكين وأنها ستزود الدول الأفريقية بدعم شامل فى قضايا مثل القرصنة ومكافحة الإرهاب، وهذا يشمل توفير التقنيات والمعدات الاستراتيجية.