بعد تراجع معدل التضخم السنوي لـ14%.. متى يشعر المواطن بتراجع الأسعار؟

أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تراجع معدل التضخم السنوي إلى 14% خلال شهر يونيو 2025، في خطوة اعتبرها البعض مؤشر على بداية الانفراج الاقتصادي وذلك بعد شهور طويلة من الضغوط المعيشية المتزايدة.
وفي هذا التقرير تستعرض جريدة “بلدنا اليوم”، آراء خبراء الاقتصاد حول تأثير هذه المؤشرات على أسعار السلع والخدمات.
في البداية أكد حازم المنوفي عضو شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، أن التراجع الأخير في معدل التضخم بنسبة 14% لا يعني بالضرورة انخفاضا مباشر في الأسعار بل يشير إلى تباطؤ واضح في وتيرة ارتفاعها مقارنة بالشهور الماضية.
وأوضح المنوفي، أن الأسعار ما زالت تشهد ارتفاعا ولكن بوتيرة أقل وهو مؤشر إيجابي يمهد الطريق نحو استقرار أكبر في السوق ومن المحتمل أن ينعكس لاحقا في صورة انخفاضات حقيقية في أسعار بعض السلع.
وحول ما إذا كان هذا التراجع سينعكس على قدرة المواطن الشرائية، أشار إلى أن التحسن في القدرة الشرائية لا يحدث بين ليلة وضحاها لكنه يبدأ تدريجيًا مع استقرار الأسعار وتوافر السلع وهو ما يجعل دخل المواطن أكثر قدرة على تغطية احتياجاته اليومية خاصه إذا استمرت المؤشرات الاقتصادية الإيجابية في التحسن.
وأوضح المنوفي، أن الانخفاض الحالي لا يعود إلى هبوط فعلي في الأسعار بل إلى تباطؤ في معدلات الزيادة وهذا أمر مهم لأنه يمثل مرحلة انتقالية ضرورية تسبق الانخفاضات الحقيقية التي قد نشهدها في بعض القطاعات خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن قطاع السلع الغذائية الأساسية بأتي في مقدمة القطاعات المرشحة للتراجع خاصة في ظل تحسن سلاسل الإمداد وزيادة الإنتاج المحلي كما أن السلع الاستهلاكية المستوردة قد تشهد تراجعا أيضا إذا استقرت أسعار الصرف وتراجعت تكاليف الشحن.
وأكد المنوفي أن الشعور الفعلي بانخفاض الأسعار سيحتاج إلى بعض الوقت لكنه سيأتي لا محالة مع استمرار الاتجاهات الاقتصادية الإيجابية مشيرا إلى أن المواطن سيبدأ في ملاحظة هذا التحسن تدريجيا خاصه في الأسواق المحلية والمنتجات الأساسية التي تمس احتياجاته اليومية بشكل مباشر".
تراجع التضخم لـ 14% خطوة إيجابية.. لكن الأسعار ما زالت مرتفعة والتحسن الحقيقي مرهون بالإنتاج والاستثمار
وفي السياق ذاته أكد الدكتور حمادة صلاح أستاذ الاقتصاد بجامعة السويس أن إعلان تراجع معدل التضخم السنوي إلى نحو 14% يمثل تطورا إيجابيا في المؤشرات الاقتصادية لكنه لا يعني بالضرورة انخفاضا حقيقيا في أسعار السلع الأساسية كما قد يعتقد البعض.
وأوضح أن هناك فرق جوهري بين تراجع معدل التضخم وبين انخفاض الأسعار نفسها فحين نقول ان التضخم تراجع إلى 14% فهذا يعني أن الأسعار ما زالت ترتفع ولكن بوتيرة أقل مما كانت عليه في ذروة الأزمة حيث تجاوزت معدلات التضخم سابقا 30% و 40% .
تحسن القدرة الشرائية مرهون بعدة عوامل
وأشار الدكتور صلاح إلى أن هذا التباطؤ في التضخم يمكن أن ينعكس بشكل إيجابي على القدرة الشرائية للمواطن خاصة في ظل توجه الدولة نحو رفع الأجور وتحسين دخول الأفراد.
وقال ان رفع الحد الأدنى للأجور إلى 7200 جنيه اعتبارا من يوليو 2025 والتوسع في برامج الدعم النقدي والاجتماعي يمثلان أدوات مهمة لتخفيف الضغوط على المواطن ولكن التحسن الفعلي سيعتمد على قدرة السوق على ضبط الأسعار وتوفير السلع بأسعار في متناول الجميع.
وشدد أستاذ الاقتصاد على أن كبح جماح التضخم وتحقيق توازن حقيقي في الأسعار لن يتحقق إلا من خلال تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي وزيادة الإنتاج.
وأضاف كلما زاد العرض الكلي من السلع والخدمات كلما قلت الفجوة مع الطلب ما يخفف الضغط على الأسعار تدريجيا مشيرا إلى أن الدولة قطعت شوط كبير في هذا الاتجاه من خلال تيسير الإجراءات للمستثمرين وتقديم حوافز والحد من البيروقراطية فضلا عن توظيف أدوات السياسة المالية والنقدية لدعم بيئة الأعمال.
ولفت إلى أن البنك المركزي يلعب دور محوري في ضبط الأسواق من خلال إدارة السيولة وتشجيع الاستثمارات الإنتاجية وليس فقط عبر أدوات تقليدية كرفع أسعار الفائدة مشيرا إلى أن الهدف الآن هو تحقيق التوازن بين السيطرة على التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي، دون الإضرار بالقطاعات الإنتاجية.